إلى معارضي الجنسية لأبناء الأردنيات: مشكلتكم مع قانون الجنسية
بقلم الدكتور أيمن هلسا* ظهر مؤخرا ائتلاف "جنسيتي حق لعائلتي" الذي يُمثل تحالف بين مجموعة من المنظمات غير الحكومية و النشطاء بهدف القضاء على شكل من أشكال التمييز ضد المرأة في قانون الجنسية الذي يحرمها من حقها بمنح جنسيتها لأبنائها عندما يكون الأب غير أردني. وهو مطلب مشروع يتفق مع أحكام الدستور الأردني، ميثاق الأمم المتحدة و الاتفاقيات الدولية التي تم المصادقة عليها بحسب الأصول الدستورية وآخرها الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي نص صراحة في المادة (29) على أنه " تمكين الأطفال من اكتساب جنسية الأم". لاقى الإئتلاف القبول لدى البعض، إلا ان البعض الآخر هاجم الفكرة من "ساسها لراسها" على اعتبار انها تقدم خدمة مجانية لافراغ القضية الفلسطينية من محتواها، تجنيس الفلسطينيين، المساهمة في إنشاء الوطن البديل، إضافة إلى مجموعة أخرى من الحجج مثل "الجنسية الاردنية غالية ولا يجوز الاستهتار بمنحها ... مش مين ما كان بصير أردني"، "إلي بتتزوج من غير الأردني تتلقى على راسها"، يا أخي الديمغرافيا ما بتتحمل، وأخيرا "ارحموا البلد يدوب قادرين احنا نعيش حتى تجيبوا غيرنا يقاسمنا". ليس الهدف مما اكتبه الرد على الحجج السابقة أو تفنيدها، فزملائي بالائتلاف سيقومون بهذه المهمة بطريقة علمية وموثقة مثل دراسة الدكتور يوسف منصور الذي توصلت إلى أن منافع منح الجنسية لأبناء الأردنية تفوق التكلفة. ما يستفزني في الحجج السابقة أنها قائمة على أساس أن الأردنية عندما ترغب بالزواج بغير الأردني لا تختار إلا الفلسطيني، هذا من جانب. ومن جانب آخر الخوف من ما يترتب على منح المرأة الأردنية حقوقها الطبيعية. من حق الجميع الاعتزاز بجنسيته ولكن ليس بطريقة تمييزية تخالف أبسط قواعد العدالة. إلى هؤلاء جميعا أقول ان مشكلتكم ليست مع الإئتلاف بقدر ما هي مع قانون الجنسية الأردني رقم (6) لسنة 1954 الحالي، فنصوص هذا القانون مرنة لدرجة كبيرة فيما يتعلق بتجنيس العرب والأجانب بطريقة أعتبرها انا شخصيا مسيئة للوطن و لا أعلم كيف يراها المناهض لأهداف الإتلاف. للتوضيح شروط التجنيس في القانون الأردني بسيطة جداً تتمثل بشرط الاقامة التي تتراوح من 4 سنوات إلى 15 سنة بحسب الحالة، حسن السيرة و السلوك، غير محكوم بجريمة ماسة بالشرف والأخلاق، سليم العقل، لديه وسيلة كسب مشروع وأخيرا ليس بالضرورة ان يقسم يمين الولاء والإخلاص لجلالة الملك كما هو واضح من نص المادة (12) عند مقارنتها مع نص المادة (4). ولا أخفيكم ان هذه الشروط تنطبق على معظم العمالة الوافدة في الأردن التي يقدر عددها بنصف مليون على أقل تقدير. يحق لأي شخص تتوفر فيه الشروط السابقة ان يتقدم بطلب الحصول على الجنسية إلى مجلس الوزراء الذي من حقه ان يمنح الجنسية أو يرفض الطلب دون بيان الأسباب، وهو أمر قد يثير الريبة لدى البعض على قاعدة "زيد يُجنس و زيد لا يُجنس" و يترك المجال "للقيل والقال" وهذا ما لا نرتضيه على مجلس وزرائنا الموقر! و يكفي الرجوع إلى اعداد الجريدة الرسمية لمعرفة عدد الأجانب، العرب والفلسطينيين تحديدا الذين حصلوا على الجنسية الأردنية بهذه الطريقة. الدول الأخرى تضع شروط صارمة لمن يرغب باكتساب جنسيتها مثل التأكد من الاندماج الجيد في المجتمع، المعرفة بعادات وتقاليد البلد، تقديم خدمات جليلة للوطن، لديه خبرة نادرة تفيد الوطن، أداء يمين الولاء للدستور أو ما يعرف باسم يمين المواطنة، التخلي عن أي ولاء آخر، الخضوع لسلسلة من الامتحانات وغيرها من الشروط التي تجعلنا نتساءل أين قانون الجنسية الأردني منها. على كل حال، فاني اقدم نصيحة إلى كل من يعارض حق الأردنية بتوريث جنسيتها إلى أبنائها بان يطالب أولاً بتعديل الدستور ليجعل مبدأ المساواة حكر على الذكر دون الأنثى، الضغط على الحكومة من أجل الانسحاب من منظمة الأمم المتحدة و كافة الاتفاقيات المعنية بحقوق الإنسان ومن ثمّ تعديل قانون الجنسية الأردني ليجعل من شروط منح الجنسية من كان لأب أردني وأم أردنية ولا ضرر من توفر هذا الشرط في الجدود ايضا من أجل الحفاظ على نقاء الهوية الأردني. وفيما يتعلق بالتجنيس فاني اقترح ان يكون الشرط الرئيسي هو النجاح في عدة امتحانات على النحو التالي: امتحان عملي القدرة على تمييز اللحم البلدي من المستورد على المنسف، اختيار من متعدد متعلق بأسماء العشائر و الحمايل وأخيرا حل قضية دعس افتراضية بحسب القانون العشائري ... هل هذا فعلا ما تريدونه؟ *محامي وأستاذ جامعي