أجندة حقوق الإنسان الأردنية في العام 2010
رصد لوثائقيات حقوق الإنسان..
يختلف نشطاء حقوقيون في الأردن على "تقدم" أو "تراجع" حقوق الإنسان في هذا البلد الذي يصل تعداد سكانه إلى ستة ملايين نسمة.
ففي الوقت الذي حقق الأردن تقدما في مجال اتفاقية "سيداو" التي عطلت أركانا منها قبل سنوات عاد وصادق على نصوص مختلف عليها، قدم تقريرا دوريا لهيئة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بجنيف أواسط العام 2010 حول جهود الأردن في مناهضة التعذيب داخل مراكز الإصلاح والتأهيل بعد توقفه لسنوات عن تقديم التقارير.
ويسجل للأردن حراكا على أعلى المستويات في مجال حماية حقوق العمالة المهاجرة والأجنبية المقيمة على أراضيه.
لكن ذلك "يصطدم" بجدار "قوات الدرك" التي أحدثت شرخا في تلك الجهود من خلال الاعتداء على حريات وحقوق مواطنين كانوا معتصمين هنا وهناك، ما يجعل كل جهود الأردن في العام 2010 على المحك من جديد، يقول ناشط حقوقي، ويعتبر أن الأردن على المحك في العام 2011 أمام جملة تحديات تواجهه في مجال تعديل قوانين وإحداث تعديلات عليها، لتواءم الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
وكان نداء من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، طالب دول العالم، ومن بينها الأردن، بضرورة الإسراع بالقيام بالإصلاحات السياسية التي تعيد الاعتبار لدولة القانون والمؤسسات القائمة على الفصل بين السلطات وتحقيق سيادة القانون واحترام الحريات العامة والفردية في الوطن العربي.
حقوق العمال..
مدير المرصد العمالي أحمد عوض، يقول لوثائقيات حقوق الإنسان، أن العام 2010 يعبر عن واقع العمال على وجه التحديد، "نعم، خطى الأردن خطوات كبيرة في مجال مواءمة التشريعات الدولية المتعلقة بالعمل، متفقة مع المعايير باستثناء عدم مصادقته على اتفافية منظمة العمل الدولية رقم 87 المتعلقة بحق التنظيم والحرية النقابية".
هذا التطور في التشريعات الأردنية، كما يرى عوض، يقابله على أرض الواقع غياب أي تحسن مستوى العمال ومعيشتهم سواء كانوا أردنيين أو مهاجرين والذين يصل عددهم إلى مليون و400 ألف عامل.
عدم مصادقة الأردن على الاتفاقية، يجده عوض بالسبب الأساس في تفاقم أزمة العمال، “لدينا 70 منظمة واتحاد مهني، بالمقابل لدينا 17 منظمة نقابية تعاني من مشكلات داخلية وغياب التمثيل الحقيقي، وغالبية قياداتها فازت بالتزكية هذا العام، وهذا ما يحرم العمال من تجديد أنفسهم للدفاع عن حقوقهم، منعكسا سلبا على القوة التفاوضية مع أرباب العمل”.
الأردن جزء من العالم، إذ يعاني العمال والمهاجرين فيه من أزمات، إذ المعايير نفسها، والأزمة هي نفسها، غياب الحقوق وتدني الأجور بالمقارنة مع أسعار الحياة في دول العالم.
ويصدر المرصد العمالي، بداية العام القادم، تقريرا جديدا يوثق فيه، قرابة 100 احتجاج عمالي، لعمال غالبيتهم الساحقة غير منظمين نقابيا، عمال يجدون في هذه المناسبة فرصة ليراجع الأردن خطواته المتعلقة بتحفظه التنظيم النقابي وحق التجمع بما تكفله اتفاقية منظمة العمل الدولية.
لا يوجد حد أدنى للأجور، والتأمين الصحي والضمان الاجتماعي لا يغطي كافة العمال، ونقابات منكبة على نفسها بدلا من أعضائها، يقول رئيس لجنة عمال المياومة في المؤسسات الحكومية، محمد السنيد، ويضيف أن هناك قرابة عشرين ألف عامل مياومة حياتهم غير مستقرة وعملهم لا يرقى لأدنى شروط السلامة العامة.
ويضيف سنيد أن اتحاد النقابات العمالية يعبر عن الحكومة أكثر من العمال، “سنبقى أزمة لدى الحكومات المتعاقبة المخالفة لقانون العمل، ولطالما بقينا على ما نحن عليه، غير منظمين نقابيا”.
إستراتجية المركز الوطني
هذا وقد اوعز رئيس الوزراء سمير الرفاعي إلى جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية بتقديم المعلومات اللازمة للمركز الوطني لحقوق الإنسان الذي سيبدأ زياراته مطلع الشهر المقبل.
ويهدف المركز الوطني لحقوق الإنسان الذي أنشئ كمؤسسة وطنية بموجب القانون رقم (75) لسنة 2002 إلى تعزيز مبادئ حقوق الإنسان في المملكة وترسيخ ثقافتها على صعيدي الفكر والممارسة، ومراعاة عدم التمييز بين المواطنين .
وكان المركز أعلن عن خطته الاستراتجية للأعوام الثالث المقبلة وفيها جانب كبير من الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني.
ويقول المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان، الدكتور محي الدين توق لراديو البلد أن الاستراتجية ستزيد من فرص شراكتهم مع مؤسسات المجتمع المدني، “وستهيئ للمجتمع المدني مظلة قانونية ولوجستية للعمل من أجل دفع الحكومة نحو إحداث تغييرات في التشريعات والممارسات”.
زيارة المفوضة العامة هذا وكانت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، نافي بلاي، زارت الأردن قبل عدة أيام والتقت العديد من الناشطين الحقوقيين وزارت عدة مؤسسات حقوقية وجامعات…كما والتقت الملك عبدالله الثاني.
الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة أسمى خضر، ترى في زيارتها، إحياء اهتمام النشطاء الحقوقيين بقضايا حقوق الإنسان، والتأثير على مجلس حقوق الإنسان العالمي باتجاه المزيد من الالتزام والبعد عن تسيس القضايا وتطبيق المعايير الدولية بنزاهة.
وتضيف خضر أن زيارة المفوضة هي دفعة كبيرة للمشتغلين من أجل العمل في القضايا الصعبة والحساسة في المجتمع الأردني، مثل قضايا المرأة وعاملات المنازل والاتجار بالبشر وذوي الاحتياجات الخاصة.
دور المنظمات الأهلية
يسعى الأردن إلى تعزيز حقوق الانسان والحريات العامة التي من شأنها أن تنعكس إيجابا على تعزيز مسيرة حقوق الإنسان على المستوى الوطني، لكن أين دور مؤسسات المجتمع المدني، إذ يرى مدير مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان عاصم ربابعة أن المنظمات تلعب دورا هاما في الأردن، من خلال الحملات التوعوية أو البرامج المتخصصة للفئات المعنية بتطبيق الاتفاقيات الوطنية.
تلك المؤسسات، هي حلقة وصل بين المواطنين والمؤسسات الوطنية، لكونها تحمل بيوت الخبرة، ويرى ربابعة، في تخصيص اليوم العالمي للاهتمام بالعمال، هو فرصة للجهات نحو الاهتمام بقضايا العمال وتحديدا العمالة المنزلية التي تواجه تمييزا مسكوتا عنه.
ويضيف أن المشكلة في أرباب العمل وهي جوهر الانتهاك، الذي نعمل على توثيقه ومحاولة إحداث توعية لديهم، “منظومة التشريعات الوطنية،لا تغطي حق العاملة التي تعاني من أزمة الكفالة وغياب حرية التعاقد”.
ملف العاملات يسيء لسمعة الأردن في المجتمع الدولي، يقول ربابعة، لكن المطلوب من الحكومة إتخاذ إجراءات تعزز من حقوق العاملات لكي تتحسن الصورة في العالم واحتراما لحقوق الإنسان.
يجدد ربابعة المطالبة بمصادقة الأردن على البرتكول المحلق بمناهضة التعذيب والبرتوكول المحلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي يمكن المواطنين والمقيمين في الأردن التقدم بشكوى إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
حق المرأة
ماذا حمل العام 2010 في جعبته للأردنيين أمام مسلسل الارتفاعات والضحية الأولى هي المرأة، وأمام دور كان يتوقع فيه أن تكون المنظمات الأهلية الأردنية مدافعا شرسا عن حق الأردنيين والأردنيات، لكن البعض يعتبر أن ثمة تقصير لف بعضها.
المحامية والناشطة الحقوقية نور الإمام، حركة الحقوق المدنية في الأردن تعمل منذ زمن على رفع مستوى الوعي لدى المواطنين، لكن ما المطلوب هو التركيز وبعيدا عن النخب والوصول إلى الإنسان البسيط والمستهدف أصلا في الاتفاقيات الدولية.
هل أثبتت المنظمات الأهلية الأردنية في العام 2010 كفاءتها في توعية المواطنين بحقوقهم؟ تجيب الإمام أن المنظمات ليس على سوية واحدة، لكن تسجل نقاطا إيجابية كانت سببها المنظمات منها رفع الأردن التحفظ عن المادة 15 الفقرة الرابعة منها في حق المرأة في التنقل في سيداو.
“لكن حق الأردنية في منح الجنسية لأولادها، لا تزال عقبة أمام المشتغلين في حقوق الإنسان، “هذا يخلق أطفالا بلا جنسية، وهو انتهاك واضح لا تأثير عليه، ويسجل انتهاكا بحق المرأة والطفل على سواء”، تقول الإمام.
أقل ما يمكن فعله، وفق المحامية إمام، هو تفعيل المادة التاسعة في الدستور الأردني التي تساوي بين المرأة والرجل في منح الجنسية لأولادهم، والجميع سواسية أمام القانون.
حق اللاجئين
هذا ودعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إلى اتخاذ نهج جديد في الأمور التي تتعلق باللاجئين في العالم. وحذر المفوض السامي لشؤون اللاجئين، انطونيو غوتيرس، من وجود فجوات في الترتيبات الدولية الراهنة المتعلقة بحماية ملايين الأشخاص المشردين والبدون في العالم وناشد المجتمع الدولي إلى التكيف والاستجابة لهذه التغيرات.
وكان غوتيرس قد حدد ثلاثة مجالات تتطلب الاهتمام الخاص في السنوات القادمة وهي فجوات حماية المشردين داخليا في النظام الدولي والعبء غير المتناسب لمسؤولية حماية اللاجئين في الدول الفقيرة وفشل العديد من الدول لمعالجة مسألة “البدون” وهي آفة تحرم ملايين الأشخاص حول العالم من الجنسية وغيرها من حقوق الإنسان.
الناشط الحقوقي والمتخصص بقضايا اللاجئين خير الصمادي، يرى من جانبه أنه لا تطور في واقع اللاجئين، في ظل الغياب التشريعي الأردني الناظم للمقيمين على أرضه.
“لا يوجد قانون حتى اللحظة في الأردن خاص باللاجئين، رغم استضافته لأكبر عدد من اللاجئين في العالم مقارنة بعدد سكانه، وهذا الفراغ ما يدفع الحكومة إلى تطبيق قانون الإقامة والأجانب عليهم وهذا ما لا يميز بالتالي بين القادمين من اضطهاد في بلدانهم أو القادمين للسياحة والدراسة”.
ويضيف الصمادي أن الحكومة تنكر الصفة القانونية لللاجئين العراقيين وهذا يسجل انتهاكا حقوقيا بحقهم، كما هو الحال مع اللاجئين الغزيين في الأردن، فظروفهم المعيشية سيئة وغياب التشريعات بحقهم.
كيف تقيم بداية واقع اللاجئين في الأردن هذا العام 2010 ؟ فلا توجد مؤشرات إيجابية إذ المفوضية تعاني من عجز مالي ينعكس سلبا على أداءها في دول العالم وتحديدا في الأردن، ويطالب الناشط الصمادي من الحكومة والمفوضية أن تقوم بتنبي قانون اللجوء، بالضرورة يستند إلى المادة 51 من الاتفاقية الخاصة بحقوق اللاجئين.
ويطالب بتشكيل لجنة وطنية تضم كافة الفاعلين ولا يجوز أن تبقى وزارة الداخلية المسؤولة عن اللاجئين بل تدخل وزارة الصحة والتربية والتعليم ورئاسة الوزراء والاعتراف بحق اللاجئين في التمثيل القانوني.
الحق في الصحة
إلى أين وصلت أحوال الرعاية الصحية للمواطنين الأردنيين، وهل يمكن الحديث عن ضمانة تأمين ورعاية تكفل حق الأردنيين في الرعاية الصحية؟ يقول مساعد الأمين العام لشؤون الرعاية الصحية الأولية، في وزارة الصحة د.عادل البلبيسي إن النظام الصحي الأردني رغم محدودية الموراد تمكن من تطوير الخدمات كماً ونوعاً، والتنمية الصحية إحدى ركائز التنمية في المجتمع.
هناك 700 مركزا صحيا أولية وشاملة وفرعية و31 مستشفى فيها نسبة 50% من نسبة الأسر طبية، وهذه مؤشرات إيجابية كما يراها الدكتور البلبيسي، تتميز من أفضل الخدمات الصحية الموجودة في العالم العربي.
وعن الكادر الطبي، فهناك قلة في بعض التخصصات، نسبيا فهناك 25 طبيبا لكل عشرة آلاف مواطن، وهذا ما يصفه الدكتور بالجيد.
ولكن ثمة نقص في الرعاية الصحة النفسية، وهو ما يسجله العديد من الناشطين الحقوقين، لكن الدكتور البلبيسي يرى أن الأردن أفضل حالا من دول أخرى.
الحق في المياه
في الأردن حق المواطن في المياه، على ما يبدو، غير مطمئن في الفترة المقبلة، إذ كشفت دراسة أعدتها وزارة البيئة بالتعاون مع جهات رسمية، أن معدل نصيب الفرد الواحد من المياه سنويا، سينخفض من 150 مترا مكعبا العام 2003 إلى 90 مترا مكعبا بحلول العام 2025.
الناطق الإعلامي في وزارة المياه والري م. عدنان الزعبي يرى أنه لابد من خط الفقر المائي في العالم هو 100 لتر مكعب عالميا، أخذ بالاعتبار أن حصة الفرد تزيد عن 180 لترا في اليوم، المواطن الأردني لديه وعي في استخدام المياه. “يتأقلم المواطن في كمية المياه المتاحة إليه”.
ويضيف الزعبي أن حصة الفرد وصلت إلى 145 متر مكعب في السنة ، والحصة هبطت جراء الهجرات القسرية المتتالية إلى الأردن وتقاسم كمية المياه المتاحة ومحدودية المصادر المائية في الأردن فضلا عن تذبذب مياه الأمطار.
هذا ويخشى ناشطون من أن احتلال الأردن المرتبة الأولى بين أفقر الدول في المياه عالميا بسبب التغيرات البيئية.
حق الثقافة والفنون
مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان، انطلقت فعاليات أول مهرجان ثقافي أردني يعنى بحقوق الإنسان بشكل مباشر، من خلال عرض أفلام سينمائية تتحدث عن واقع حقوق الإنسان في العالم. حيث يأتي لتأكيد حقوق الإنسان في الأردن، على ما يرى منظمو المهرجان.
المنسق العام لمهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان الزميل أيمن بردويل، يرى في أول دورة للمهرجان والتي كانت في العام 2010 بأنه حقق نجاحا باهرا في نوعية الفعاليات والجمهور الذي أقبل على الفعاليات بصورة لم يتوقعوها.
ويضيف بردويل أن طلاب مدارس وجامعات وموظفين حكوميين وأفراد أتوا إلى المهرجان وهم كانوا متعطشين لمتابعة الأفلام السينمائية، وهذا يدل على حاجة المواطن إلى مهرجان يختص بحقوق الإنسان.
“المهرجان حقق الأهداف التي سعى إليها، في إثارة حالة من النقاش العام حول القضايا التي أثارها في أفلامه وفعاليته المختلفة”، يقول بردويل ويؤكد أن المهرجان سيستمر في الأعوام المقبلة بفعاليات أكبر ونقاشات أكثر.
يدعو ناشطون حقوقيون الحكومات المتعاقبة تعزيز الحقوق الإنسانية للمواطنين، من خلال تسهيل عمل الجمعيات الحقوقية والتي تخضع بشكل أو بآخر لضغوطات جراء قانون الجمعيات العامة والتي تتيسر مهامها حسب رؤية ومزاج "وزارات التنمية الاجتماعية والداخلية" والتي قد تضيق الخناق على واحدة دون الأخرى لأسباب ليست بالضرورة معلنة.
إستمع الآن