مخيم الزرقاء: لا لخطة كيري ولا بديل عن فلسطين
في مخيم الزرقاء الذي يعد احد اقدم المخيمات الثلاث عشرة للاجئين الفلسطينيين في الاردن، لا يقتصر رفض الوطن البديل على الكبار فقط، فحتى الصغار امثال الطفل نضال ابو هندي (13 عاما) تشربوا هذا الرفض بصورة تكاد تكون غريزية.
"لأ، بدنا نرجع على فلسطين"، قفزت هذه العبارة تلقائيا الى لسان نضال فور سماعه سؤالنا لامه عن موقفها من الخطة التي يعكف وزير الخارجية الاميركي جون كيري على بلورتها من اجل ابرام اتفاق سلام بين اسرائيل والفلسطينيين.
وتنطوي الخطة بحسب التسريبات على شطب حق عودة اللاجئين الى ديارهم والاكتفاء بتعويضهم عن الممتلكات التي خلفوها وراءهم عند طردهم من وطنهم غداة حرب عام 1948، وكذلك عن سنوات التهجير.
وهي تطرح في هذا الاطار حلولا لقضية اللاجئين منها عودة عدد رمزي الى ما بات يعرف باسرائيل، واستقبال قسم في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتوطين البقية في البلدان التي لجأوا اليها، وبحث استقبال بعضهم كمهاجرين في دول ثالثة منها كندا.
وتشكل هذه الحلول التفافا على قرار الامم المتحدة رقم 194 الذي اثبت حق اللاجئين في العودة والتعويض معا.
وبذات العفوية يؤكد الطفل نضال انه لن يقبل باية اموال وسيتمسك بحقه في العودة الى وطن آبائه.
ويضيف انه اذا جرت محاولة فرض مضمون خطة كيري عليه فسيقاوم ذلك "بنعمل مظاهرات وبنرجع على فلسطين.. اهم اشي ما نبيع بلادنا".
ويعد نضال واحدا من ابناء الجيل الثالث من اللاجئين في مخيم الزرقاء الذي يبلغ عدد سكانه نحو 18,500 لاجئ.
ويوجد في محافظة الزرقاء مخيمان آخران هما "حطين" الواقع ضمن لواء الرصيفة، و"السخنة" الذي تعتبره وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا" مخيما غير رسمي كما هي الحال مع مخيمي مادبا والنصر في عمان.
وتؤوي المخيمات العشر المعترف بها من الاونروا 346 الف لاجئ يشكلون ما نسبته 17 بالمئة من عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في الأردن والبالغ نحو مليونين.
ويمتد عنفوان الرفض للخطة التي يفترض ان يعلن عنها كيري خلال اسابيع، وصولا حتى ابناء الجيل الاول، امثال الحاجة فتحية الشربيني، والتي كان عمرها نحو عام عندما قدم اهلها الى مخيم الزرقاء لدى تاسيسه قبل نحو 65 عاما.
وتشدد فتحية التي غادر اهلها مدينة بيسان فرارا بحياتهم من مذابح العصابات اليهودية، على انها لن تقبل باي تعويض، وترى ان اليهود هم من يجب عليهم الخروج من فلسطين والبحث لانفسهم عن وطن اخر "هني يلي فاتو على بلدنا".
وتتساءل عما سيجري تعويضها عنه؟ هل عن سنوات الشتات التي عاشتها على حد قولها، ام عن بيتها وارضها التي تركتها مع والديها في بيسان على امل ان يعودوا اليها بعد يومين؟
وحال كثير من اللاجئين في الاردن، تبدي فتحية توجسا من احتمال رضوخ السلطة الفلسطينية لمطلب اسرائيل بشأن الغاء حق العودة خلال اية مفاوضات.
وتقول بحزم "السلطة لا تقرر عن الشعب الفلسطيني".
وفي نفس السياق، تطالب هداية سمارة البالغة من العمر 40 عاما وتعد من ابناء الجيل الثاني للاجئين، بطرح اي اتفاق سلام يمكن ان يجري التوصل اليه في استفتاء عام يشارك فيه جميع الفلسطينيين في الداخل والخارج.
وتؤكد هداية ان العودة الى فلسطين تعتبر بالنسبة لها خيرا من كل اموال الدنيا.
كما يرى اشرف فتحي (36 عاما) ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يملك حق توقيع اي اتفاق دون الرجوع الى الشعب الفلسطيني.
ويقول اشرف ان عباس يمثل شريحة من الفلسطينيين لكنه "لا يمثلهم جميعا"، مشيرا الى اللاجئين في الشتات وايضا الى فلسطينيي 48 الذين يعيشون داخل الخط الاخضر.
اما اللاجئ احمد عبدالله (17عاما) فشدد على رفضه التعويض دون العودة قائلا "شو الفايدة آخد تعويض وما ارجع على فلسطين؟".
الناشط السياسي احمد نجم اكد ان الوطن البديل لم يكن يوما ضمن قاموس الشعب الفلسطيني وانما هو في قاموس رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وآرييل شارون من قبله وقادة الصهيونية عموما.
وقال نجم ان الصراع مع اليهود هو صراع وجود "اما نحن او هم".
واضاف ان الشعب الفلسطيني قبل بحدود حزيران 1967 كحل مبدئي ولكنه لن يقبل أي حل لا يتضمن حق العودة والتعويض الذي وصفه بانه "حق ازلي وتاريخي ومقدس ولا احد يحق له التنازل عنه، وستظل تتوارثه الاجيال"
وشدد على ان طرح الوطن البديل يرفضه الشعب الاردني بأجمعه ايضا لانه يشكل خطرا على الاردن.
ودعا نجم الفلسطينيين والشعوب العربية كافة الى التصدي لخطة كيري التي رأى انها تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية في ظل انهزام النظام العربي.
وقال ان "على الشعب الفلسطيني ان لا يخضع لمثل هذه الخطط او يستسلم لها في ظل التضحيات التي قدمها لتحرير وطنه من البحر الى النهر".