سائقو التاكسي في الزرقاء يفرضون قانونهم في غياب الرقابة

سائقو التاكسي في الزرقاء يفرضون قانونهم في غياب الرقابة
الرابط المختصر

تقول رواية متداولة في الزرقاء ان امراة كانت تستقل سيارة تاكسي لايصالها الى بيتها، وفي الطريق فوجئت بالسائق يتوقف ويلتقط راكبا، ولما حاولت الاعتراض نهرها قائلا: "هذا مش تاكسي ابوكي، وانا حر بركّب مين ما بدي!".

وحسب الرواية، فقد ساق القدر قريبا لهذه المراة فرآها في التاكسي مع "رجل غريب!"، فما كان منه الا ان ابلغ زوجها الذي طلقها من فوره بعدما رماها بالفاحشة!

وخلال محاولاتها لتبرئة ساحتها قصدت المراة مكاتب التاكسي وناشدت السائقين نشر قصتها بين زملائهم لعلها تصل مسامع السائق الذي دمر حياتها، فتتحرك فيه المروءة ويتقدم بشهادة تجلو الحقيقة وتدفع عنها التهمة.

والمؤكد كما تقول الرواية ان الامر بلغ ذلك السائق، لكنه لم يظهر، لانه لو كانت لديه مروءة اصلا لما قبل المغامرة بسمعة تلك المراة من اجل بضعة دراهم اضافية يجنيها من تحميل اكثر من طلب في ان واحد.

كان صعبا التحقق من هذه الرواية التي مضى عليها اكثر من عشرين عاما، لكن دلائل ومؤشرات امكان وقوعها وتكرارها لا تزال ماثلة الى اليوم في ممارسات كثير من سائقي التاكسي في محافظة الزرقاء.

ومن امثلة ذلك ما تؤكده الشابة بيداء موسى التي تقول انها كثيرا ما كانت تجد نفسها في موقف يحاول معه السائق احراجها وتحميل رجل معها في التاكسي، ولكنها ترفض بشدة "خشية مما يمكن ان يحصل".

وتستغرب بيداء وصول الامر ببعض السائقين الى هذا الحد وتقول "انا فتاة لوحدي في التاكسي فكيف اسمح بان يركب معي شخص غريب لا اعرفه".

ولكن الامر يغدو مختلفا عندما يكون الراكب الاخر امرأة، حيث يصبح الرفض مشوبا بمحاذير ليس اقلها انقلاب السائق الى شخص شرس لا يتورع عن اسماعها ما تكره، وربما يحاول اجبارها على النزول من التاكسي.

وتقول بيداء "في هذه الحالة اضطر للموافقة بدافع الحرج، وايضا الخوف".

وعلى مدى السنوات، تكرس انطباع عن قطاع واسع من سائقي التاكسي في الزرقاء باعتبارهم اشخاصا عدوانيين يفرضون قانونهم الخاص في غياب اية رقابة فاعلة على التزامهم بالقوانين السائدة.

ومرد هذا الانطباع يعود الى نزوعهم الدائم للشجار مع وجود اسبقيات لبعضهم في الاعتداء على ركاب بسبب الاعتراض على قيمة الاجرة.

هذا فضلا عن رفضهم تشغيل العدادات ولجوئهم الى اساليب احتيالية من اجل زيادة الاجرة، ناهيك عن انتقائيتهم في تحميل الركاب والجهات التي يريدون التوجه اليها، واستخدامهم لغة تحفل بما يندى له الجبين من العبارات والالفاظ.

وتتحدث بيداء بحرقة حول اضطرارها للوقوف اوقاتا طويلة والتاخر عن عملها وهي تشير لسيارات التاكسي دون ان يقف لها اي من سائقيها رغم انه لا يوجد معهم ركاب.

وتقول انها تفاجا في كثير من الاحيان برفض السائق ركوبها معه عندما يعلم بالجهة التي تريد الوصول اليها، وتتساءل باستغراب "اذا التكسي ما بدو يوصلنا لوين ما بدنا ليش اذا بشتغل؟".

وتشكو بيداء كذلك من غياب اي اكتراث من بعض السائقين بسلامة الركاب عبر قيادتهم بسرعات عالية واستخدامهم الهاتف النقال خلال ذلك الى جانب التدخين داخل السيارة فيما نوافذها مغلقة خاصة في مثل هذه الاوقات الباردة من السنة.

اما بالنسبة للعداد، فهو جهاز لا تعترف به الغالبية الساحقة من سائقي التاكسي في الزرقاء برغم وجوده في سياراتهم، وهم يعتمدون بدلا من ذلك على تقديراتهم الشخصية لقيمة الاجرة كما تؤكد مها حمدان.

وتقول مها "عندما نطلب منهم تشغيل العداد يدعون انه معطل"، مضيفة ان قيمة الاجرة تتباين باستمرار من سائق لاخر ولنفس مسافة الرحلة، واحيانا بنسب تصل الى اكثر من النصف.

ويسوق بعض السائقين تبريرات لا تخطر على بال لمثل هذا التباين، ومنها ان سعة المحرك تختلف من سيارة الى اخرى ويستتبع ذلك ان بعضها يستهلك في نفس المسافة كمية وقود اكثر من الاخرى!.

واحيانا عندما لا ينطلي الامر على الراكب، فان السائق يفاجؤه قائلا ان الزيادة هي عن تشغيله لمكيف السيارة اثناء الرحلة!.

وهناك ايضا اساليب قديمة جديدة منها تعمد بعض السائقين اطالة المسافة من اجل تبرير المطالبة باجرة اكبر في حال تشغيل العداد، والادعاء بعدم وجود "فراطة" من اجل احراج الراكب ودفعه الى التخلي عن باقي المبلغ الذي يدفعه كقيمة للاجرة.

احمد شاب تبدو عليه قوة الشكيمة، وهو يؤكد انه لم يرضخ يوما لاساليب الاحتيال والابتزاز التي يتبعها بعض سائقي التاكسي، ويدعو الاخرين الى ان يفعلوا مثله.

ويقول احمد انه عادة يطلب تشغيل عداد الاجرة فور ركوبه التاكسي، مضيفا ان بعض السائقين يتظاهرون احيانا بالامتثال لكنهم حقيقة لا يكونون قد فعلوا، وفي نهاية المطاف يتذرعون بان العداد تعطل فجأة ويطلبون اجرة تفوق ما هو معتاد.

ويتابع "عندما لا يقوم بتشغيل العداد فانا لا اعطيه سوى الاجرة التي اريدها واقررها انا".

وتقدر اعداد سيارات التاكسي في الزرقاء باكثر من 1200 تتبع الى 25 مكتبا، ويعتمد عليها الالاف من المواطنين مكرهين بسبب اقامتهم في مناطق تعاني من نقص او انعدام وسائل النقل العمومية الاخرى التي تخدمها.

وكذلك فان الطلب يزداد بشكل مضطرد على التاكسي نتيجة الازمة المرورية المتفاقمة التي تؤدي الى تاخر الكثيرين عن اشغالهم ومصالحهم.

ولا توجد رقابة فاعلة على عمل هذه السيارات وخاصة على تشغيلها للعداد، بسبب النقص المزمن في اعداد مراقبي السير ورجال المباحث المرورية في الزرقاء.

كما ان الركاب يحجمون في معظم الاحيان عن تقديم شكاوى رسمية الى السلطات بسبب ما يرافق ذلك من روتين واجراءات معقدة، واحيانا خشية على انفسهم من التعرض لاعمال انتقامية.