تصاعد التذمر من ممارسات الكنترولية في باصات الزرقاء

تصاعد التذمر من ممارسات الكنترولية في باصات الزرقاء
الرابط المختصر

مستهترون لا يرعون كرامة لكبير او مريض، ولا تزن اعراض الناس وحياء بناتهم عندهم شيئا، سليطون، بذيئوا اللسان، طباعهم شرسة، وهيآتهم تثير الريبة في النفوس.

تلك كانت حصيلة ما وقفنا عليه من اراء لخصت النظرة العامة الى قطاع واسع من كنترولية الباصات، الذين يتصاعد التذمر والاستياء في الزرقاء ازاء ممارساتهم التي تصل احيانا حدودا تهدد حياة الناس.

والكنترول هو شخص لا يوجد توصيف له في القانون، وبالتالي فان مهنته لا تخضع الى اي نوع من الضبط والرقابة.

وتنحصر مهامه من الناحية النظرية في مساعدة السائق عبر تنظيم صعود ونزول الركاب، واجلاسهم في المقاعد، وجمع الاجرة، والاعتناء بنظافة الباص.

ووفقا لهذا التوصيف، فمن المفترض ان الكنترول يتبع اوامر السائق وتعليماته، الا ان الواقع مغاير تماما، حيث ان الاول يكون غالبا صاحب الكلمة الفصل في الباص.

ويسلم السائق طوعا قياد الامور في الباص الى الكنترول ويطلق له العنان من اجل زيادة ايراد الباص "وبأية وسيلة"، ذلك ان استمرار كليهما في العمل يصبح مهددا في حال نزول الايراد عن مستوى ما تحققه الباصات الاخرى.

وفي خضم التنافس المحتدم بينهم على رفع الايرادات، فقد عمل الكنترولية على تحويل الشوارع الى ما يشبه ساحة المعركة الخاسر الاكبر فيها هو الركاب الذي يتعرضون الى صنوف عديدة من الانتهاكات.

وتتجلى ابسط صور هذه الانتهاكات في الانتقائية في التحميل وكذلك في الحمولات الزائدة مع ما تتضمنه من تزاحم يتسبب في اشكالات ومشاحنات مستمرة بين الركاب، كما يفتح الباب واسعا امام النشالين والمتحرشين بالنساء.

وتعني الانتقائية ان كنترول الباص يتعمد تجاهل تحميل الركاب كبار السن ويفضل الشبان الذين يتمتعون بالقدرة على الصعود والنزول سريعا، وذلك تحاشيا للتاخير الذي قد يؤدي الى ان تسبقه الباصات الاخرى.

وهو ايضا يفضل الشبان لقدرتهم على الوقوف في وسط ممشى الباص في حال تطلب الامر.

وتروي الشابة سارة خضر في هذا السياق موقفا كانت شاهدة عليه، وتقول ان شيخا كبيرا في السن كان يقف تحت المطر في انتظار الباص، وعندما هم السائق بتحميله صاح الكنترول "لا لا توقف امشي بسرعة بسرعه الباص ورانا".

وتضيف ان السائق امتثل لامر الكنترول دون نقاش، وترك الشيخ في مكانه تحت الامطار، وذلك حتى لا يسبقه الباص الذي كان وراءه في الوصول الى المجمع ويستحوذ بالتالي على الركاب المنتظرين هناك.

وتبدي سارة استياءها من الالفاظ البذيئة والمقذعة التي يلقيها الكنترولية على مسامع الركاب ودون تورع او مراعاة لوجود فتيات ونساء بينهم.

كما تعبر عن ضيقها الشديد من التزاحم الذي يجعل الفتيات عرضة للتحرش سواء من الكنترول او بعض الركاب مرضى النفوس.

وتقول انها كانت مرة شاهدة على قيام الكنترول بوضع يده على كتف فتاة متذرعا بفقدانه للتوازن نتيجة انعطاف الباص الذي كان مزدحما بالركاب، فما كان من الفتاة الا ان صرخت في وجهه "فعلا وقاحة".

وتضيف انها توقعت ردة فعل شرسة من الكنترول على هذه الشتيمة، ولكنه لم يفعل شيئا لانه لم يسمعها على الارجح، وليس لشعوره بالحرج.

وفي موقف اخر تقول سارة انها كادت تقع على الارض لولا مسارعة شقيقها الى الامساك بها، وذلك عندما لم ينتظر الباص ان تتم نزولها، وتحرك بينما كانت احدى قدميها على الشارع والاخرى لا تزال على عتبة الباص.

وفي المجمل، تدعو سارة الى الغاء مهنة الكنترول، معتبرة انها اصل البلاء، وان الامور في الباصات ستكون افضل بدونها.

"ام وسيم"، وهذا اسم مستعار، تؤكد من جهتها انها كانت عرضة للتحرش عدة مرات من قبل ركاب كانوا يستغلون حالة الفوضى الناجمة عن الازدحامات في الباصات.

وهي كما الحال مع سارة، تعبر عن امتعاضها من لغة الكنترولية التي تقول انها تزخر بالعبارات غير الاخلاقية والخادشة للحياء.

وتتحدث ام وسيم عن مشكلة السرعة الزائدة التي تقول انها تجعل الشخص يشعر بنفسه كما لو انه في حلبة سباق، وتجعل السائقين ينزلون الركاب احيانا بعيدا مئات الامتار عن الاماكن التي يطلبون النزول فيها.

وتؤكد ختام ذوقان ان سرعة الباصات الزائدة تهدد حياة الركاب والمارة على حد سواء، وتقول باستهجان ان كل ذلك من اجل ان يحصل الباص على عشرة او عشرين قرشا زيادة.

وتضيف انه كثيرا ما يحصل ان يفاجأ الركاب بتوقف الباص بشكل مفاجئ امام شارة ضوئية او غيرها، ما يؤدي الى ارتطامهم بالمقاعد وسقوط بعضهم عنها.

وتشير ختام الى تعمد الكنترولية تحميل الفتيات اللواتي يستطيعون باسلوب الاحراج حشر ثلاثة منهن في المقعد الذي لا يتسع سوى لشخصين، وفي احيان كثيرة يقومون باكراه الشبان على الوقوف من اجل اجلاس نساء او فتيات مكانهم.

وتقول ان اسلوب اجلاس الفتيات اماكن الشبان قد يتقبله البعض، ولكن البعض الاخر يرفضه، وهو ما يؤدي الى وقوع اشكالات بينهم وبين الكنترول.

الشاب محمد سالم كما يؤكد لنا هو ممن لا يرون مشكلة في الوقوف لتجلس فتاة في مكانه حيث يعتبر ان ذلك ينم عن الاحترام.

وتبرز مشكلة اخرى يعاني منها الركاب بسبب تسابق الباصات في الوصول الى المجمع لحجز ادوار متقدمة، وتتمثل في عدم الالتزم بالخطوط واجبار الركاب احيانا على النزول قبل الوصول الى نهاياتها.

كاتبة التقرير كانت شاهدة على جدال دار في ساعات المساء بين مواطنة كانت تريد ان ينزلها الباص عند بيتها الواقع ضمن مساره، لكن الكنترول والسائق ابلغاها انه لن يصل الى هناك وحاولا اجبارها على النزول قبله بمسافة بعيدة.

وما حصل هو ان الركاب المغلوبين على امرهم امتثلوا للكنترول والسائق ونزلوا، ومن ضمنهم الكاتبة، الا تلك المواطنة لم تفعل، وبقيت في الباص الذي استدار عائدا في طريقه المجمع وهي لا تزال في داخله!!!

 

أضف تعليقك