الزرقاء تختصر مظاهر العيد تضامنا مع غزة

الزرقاء تختصر مظاهر العيد تضامنا مع غزة
الرابط المختصر

اقتصرت كثير من بيوت الزرقاء مظاهر عيد الفطر هذا العام على تقديم القهوة السادة للضيوف تضامنا مع الاشقاء في قطاع غزة، والذين يواجهون عدوانا اسرائيليا متواصلا خلف مئات الشهداء والاف الجرحى ودمارا هائلا في القطاع.

 

والى حد كبير، هيمنت الاحاديث المتجهمة حول مجازر اسرائيل في غزة على لقاءات الدواوين والاجتماعات العائلية، حتى ان بعضها بدا اقرب الى بيوت العزاء او الصالونات السياسية منها الى محافل المعايدات المالوفة في الاعياد.

 

الحاجة ام العبد، عجوز في عقدها السابع، لم تبذل اي جهد لمغالبة دمعها الذي انهل على خدها وقالت بصوت متحشرج "اي عيد هذا، انه عيد حزن".

 

ولم تلبث العجوز التي تقيم في الرصيفة وتعود اصولها الى غزة، ان دخلت في نوبة دعاء على اسرائيل وتضرع الى الله ان يجعل من القطاع مقبرة لجنودها. وايضا لم توفر من دعائها الدول العربية بسبب تقاعسها عن نصرة الفلسطينيين هناك.

 

ولام العبد ابناء واحفاد في غزة، وتكاد تذهب نفسها حسرات عليهم وهي ترى على الشاشات قصف اسرائيل الوحشي للقطاع والذي تتخلله عادة مشاهد جثامين الشهداء واجساد الجرحى المضرجة بالدماء، وخصوصا الاطفال.

 

وبلوعة قالت هذه المراة وهي تستحضر القصف الذي استهدف حديقة في مخيم الشاطئ في غزة وذهب ضحيته عشرة اطفال "هل هم مقاومة؟ لماذا اذا تقصفهم اسرائيل من الجو وتقتلهم بالجملة.. هل هؤلاء ارهابيون؟".

 

صالح الفقيه صاحب بقالة امتنع عن جلب وبيع العاب الاطفال، واقتصرت طقوس العيد لديه على زيارة الارحام من باب "الواجب الديني" كما قال.

واضاف صالح "انا حزين جدا جدا، وقلبي يتقطع بسبب شعوري بالعجز عن تقديم يد العون لاهل غزة".

 

وعادة ما يبدأ يوم العيد في الزرقاء بزيارة المقابر ثم العودة لاداء صلاة العيد، ومن بعدها يتناول الجميع افطارا لا يزال البعض يفضل ان يكون طبقه الرئيس هو الفسيخ (السمك المملح) قبل ان تنطلق الزيارات المتبادلة لمعايدة الارحام والجيران.

 

والحال نفسها كانت مع ايمن ابوعواد الذي يعمل خياطا، حيث بين ان نشاطه لم يتعد الزيارات للاهل والاقرباء باعتبار العيد شعيرة دينية تحث على صلة الرحم.

 

وقال ابو عواد انه يعتصره الحزن والاسى لما يشهده العالم العربي والاسلامي من حروب وفرقة، وختم حديثه بالدعاء على الظالمين.

 

واكد شاب في السابعة عشرة من عمره وفضل عدم ذكر اسمه، انه قرر ان لا يحتفل بالعيد في ظل ما يجري في غزة، وقرر بدلا من ذلك الجلوس في البيت ومتابعة الاحداث في القطاع عبر شاشات الفضائيات.

 

وانتقد الشاب في هذا الصدد بعض الفضائيات التي قال انها لم تتطرق ولو حتى بالاشارة الى "جرائم اليهود" في غزة.

 

ومن جهتها ايضا قالت حنان وهي سيدة في الاربعين من عمرها انها امضت اليوم الاول للعيد متسمرة امام التلفزيون تتابع تطورات الحرب، كما كانت تفعل منذ بدء العدوان الاسرائيلي على القطاع.

 

وحملت حنان على الدول العربية التي قالت انها تراقب صامتة ما يجري في غزة من مشاهد قتل وحشي "تبكي الحجر" على حد وصفها.

 

ام احمد سيدة غزية قدمت الى الاردن منذ شهرين لزيارة شقيقها المريض، ولكنها لم تتمكن من العودة بسبب غياب التنسيق وتعقيدات المعاملات بين السلطة الفلسطينية واسرائيل.

 

وبينما كانت تجهز معاملة جديدة اندلعت حرب غزة، وتوقف التنسيق بين الجانبين، لتجد نفسها عالقة لا تستطيع العودة الى ابنائها ايتام الاب الذين تركتهم في غزة، وهم سبعة اصغرهم في الحادية عشرة واكبرهم بنت في العشرين.

 

وبحسرة قالت ام احمد "لا استطيع الوصول الى ابنائي.. والكبرى هي الان مسؤولة عن رعاية وحماية اخوتها السبعة في غيابي".

 

واشارت الى ان اقرباءها في الاردن اختصروا مظاهر العيد على تقديم القهوة السادة للضيوف مراعاة لمشاعرها.

 

وبينما كنا نجلس معها، اجرت ام احمد اتصالا هاتفيا مع ابنتها الكبرى في غزة، وكانت الساعة حينها قد شارفت على الثانية عشرة ظهرا.

 

وقد تمكنا من سماع الفتاة على الطرف الاخر وهي تبلغ والدتها بحزن ان عدد الشهداء حتى تلك الساعة من اول ايام العيد قد وصل الى عشرين، وان هناك قصفا لا يزال متواصلا على المناطق الشرقية من مدينة غزة.

 

واضافت الابنة ان اسرائيل لم تعد تنذر السكان بالقصف كما كانت تفعل في اول الحرب، وصار قصفها مفاجئا واشد وحشية، وعندما يبدأ فان الناس يفرون من بيوتهم الى الشوارع بحثا عن اي شئ يحتمون به، وحالهم في ذلك كالمستجير من الرمضاء بالنار.

 

وتحدثت الفتاة عن استهداف المساجد والمدارس، وعن الذين يقضون تحت الركام بسبب منع الاحتلال الاسرائيلي لسيارات الاسعاف من الوصول اليهم بل وقصفها هي ايضا.

 

وانتهت المكالمة بين الام وابنتها بوداع مشحون بالحزن والخوف اللذين انسياهما حتى مجرد ذكر العيد.