"حنتش وعرار" يشربان القهوة عند "الهبر"
حصل الأديب والروائي محمود عيسى موسى"حنتش" على جائزة مصطفى وهبي التل"عرار" للإبداع الأدبي "حقل الإبداع الروائي" ، وتسلمها في حفل مهيب في رحاب جامعة اليرموك بحضور نخبة كبيرة من أساتذة الجامعة يتقدمهم رئيس الجامعة نفسه د. اسلام مساد، وعدد كبير من الطلبة والمهتمين.
هذا الفوز يستحقه بجدارة صاحب روايات"حنتش بنتش" و"بيضة العقرب"، و "حبيبتي السلحفاة "..الخ، وهذا ما أكدت عليه لجنة جائزة عرار في قرارها منحه الجائزة.
بدت اربد وأهرائها هي القاسم المشترك الذي يجمع بين عيسى وبين عرار، هناك في أهراء اربد تلقى عرار أوائل عشقه الأبدي للأردن، وهناك وعلى أهداب سحم"أول أرض مسَّ جسمي ترابها" قال عيسى إن ثمة تنزيل كان يرتفع به من أهراء حوران لينقله عبر الأردن الى"إجزم" الفلسطينية التي لم يرها.
قال عيسى شيئا من هذا بالتصريح تارة وبالتلميح أخرى، حتى فاض بعض الكون ترنما بما يرويه عيسى حين يذهب به الخيال حيث ترقد الذكريات نشوى وتتفلت من عقالها وكأنها طير محبوس اشتاق قليلا لإختبار جناحيه.
وهناك في فضاء الجامعة كانت كل شخوص محمود تحضر منتشية، تخيلت بعضها يزاحم الجمهور على مقاعدهم، بل وكأنني رأيت أرواح شخوصه تصفق له ولكل متحدث قال كلمة شكر في حق صاحبها، فقط كان محمود ساهما وهادئا وبريئا ومضيئا كعادته، لكنه لم يجرؤ على القول "ها أنا ذا هنا؟ ".
وكان محمود هناك، واربد والجامعة ، وعرار الذي ظل مبتسما وأنا أتخيله يصرخ في الناس" هذا العجوز الشاب يشبهني"..
سمعناه يقول هذا ترنما، إلا أن عشرات أعضاء الرابطة زملاء محمود غابوا عن المشهد تماما وكأنهم لا يعنيهم فوز زميل لهم بجائزة محترمة ومقدرة وتحمل اسم أبرز شعراء الأردن وكبيرهم "عرار "..
تجاوزت اندهاشي الأولي من هذا الغياب غير المبرر لكنني صدمت أكثر عندما تأكد لي تماما أن أحدا من أعضاء الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب التي ينتمي اليها محمود لم يحضر أحد منهم دون ابداء اية اسباب مقنعة لطفل يدرج حتى في قماطه.
غابت ادارة رابطة الكتاب عن حفل تكريم احد اعضائها ، وهو تكريم نفهمه على أنه تكريم لكل مثقفي وأدباء الأردن، وبطبيعة الحال فإن أي تكريم لأديب أو كاتب أردني هو وبالضرورة تكريم لكل أدباء وكتاب الأردن بغض النظر عن الأسماء والمسميات.
تجرأت وسألت زميل عليم ببواطن الأمور أكثر مني"أين الرابطة من كل هذا ؟"، فأجابني : "لم يحضر أحد."، فسألته :إن كان يعرف السبب؟ فأجابني بالنفي.
واعتقد هنا ان الرابطة مقصرة في عدم الحضور تقصيرا لافتا للانتباه والإهتمام، ولإثارة أسئلة تزحم بعضها بعضا، وعليها الإجابة عن السؤال الأكثر إلحاحا: لماذا الغياب..؟؟؟.
وبالنتيجة تصافح محمود عيسى موسى مع صديق الأردنيين عرار الذي يمثل جزءا من روح الشعب، ورأيت حنتش يمسك بيد عرار قائلان لنا بابتسامة الراضي المقتدر: نحن ذاهبان للهبر لإحتساء القهوة، لكننا سنبحث في الطريق عن راقصة تجيد اللعب بالودع وتقرأ فناجين الشاربين وتحسن الغياب..