يعد مسلسل أم الكروم من أفضل انتاجات عقد التسعينيات من القرن الماضي.
كانت أم الكروم “ القرية “ صورة عن حقيقة الأردن آنذاك، وكيف تم الضحك على الناس بحجة التمدن ومواكبة الحياة الجديدة، مع دخول نوعيات لا أحد يعلم “ ساسها من رأسها” لتتصدر المشهد “ صبري “ مثل هذا الدور بأحتراف، وكان سبباً في دمار القرية ورجالاتها وخسارتهم لاراضيهم واملاكهم.
قمة العقدة مثلتها سذاجة ابن القرية وبساطته فكانت بمثابة سكيناً نحر به صدره، كان “ جبر الجبر “ خير مثال لهذه الشخصية التي تبعت “ صبري “ وجرت خلفها الكثير من رجالات القرية، فعواد باع أرضه وصار مثلاً أردنياً يحكى، لكنه خسر نفسه وكثر مثله، بعدما استثنوا أصحاب الحكمة والتجربة و العقول والمعرفة من دائرتهم، فكانت الدائرة حبل التف حول اعناقهم.
لقي المسلسل ترحيباً محلياً واقليمياً، لأنه ناقش مرحلة هامة من تاريخ الأردن وحياة الطبقة الوسطى وهجرة البوادي والأراضي الزراعية بحثاً عن الوظائف الحكومية.
في العقد الأول من القرن العشرين أنتج التلفزيون الأردني الجزء الثاني من المسلسل، والذي خط احداثه الدكتور مخلد الزيودي، من حيث انتهى الجزء الأول، ناقش المسلسل كيفية ضياع الأراضي وضياع الشباب، والسياسيات التي حكمت تلك الفترة وكانت سبباً في ذلك.
عند الإنتهاء من المسلسل منع القائمون على التلفزيون الأردني عرض المسلسل، التلفزيون الذي “ يلطم “ القائمون عليه بحجة قلة الدعم للاعمال الدرامية.
منع المسلسل ارتبط بقيمته التي بنى عليها فكرته، فالدراما تناقش الواقع باعتبارها جزء منه، ورسالة يمكن استغلالها لإيجاد الحلول للمشكلات التي تعاني منها الشعوب، ربما يكون العمل حاملاً لجرس الإنذار الشعبي، للتنبيه من القادم.
الجزء الثاني يناقش الحقائق تم توريط الشعب الأردني بها، خصوصاً الفترات الممتدة من ثمانينات القرن الماضي وتسعينياته إلى بداية الألفية الثانية، دون ابداء الأسباب الموجبة للمنع.
هل يخاف التلفزيون الأردني بث الجزء الثاني من مسلسل أم الكروم لأنه يقول الحقيقة ويميط اللثام عن واقع الشعب وشبابه، وكيف تم استغلاله خدمة لفئات معينة لا نعرف “ ساسها من راسها “ أم لأن العمل لم يكن ذا قيمة درامية تنعكس ايجابياً على المجتمع. أم لان مسلسل قرية “ أم الكروم “ ليس إلا تعبيراً حقيقاً عن قرية أكبر اسمها “ الأردن “ !
نريدُ الجواباً …. فمن يملكه ؟