ورقة موقف: أعين الأردن على النظام القادم في سوريا..قلق من الإسلام السياسي

الرابط المختصر

يشكل سقوط نظام بشار الأسد في سوريا منعطفًا حاسمًا في المنطقة، حيث تتجه الأنظار إلى طبيعة النظام السياسي المقبل وتبعاته على دول الجوار، وعلى رأسها الأردن. تعكس هذه الورقة الموقف الأردني من مستقبل سوريا، بما في ذلك المخاوف من صعود نظام إسلامي أو تيارات الإسلام السياسي، وتحلل تأثير ذلك على العلاقة مع الجماعات الإسلامية داخل الأردن، مثل جماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى السيناريوهات المحتملة للعلاقة الأردنية السورية مستقبلاً.

 الخلفية الأردنية تجاه الأزمة السورية

1. الموقع الجغرافي والسياسي:

الأردن، بحكم موقعه الجغرافي، ظلّ في حالة تأهب منذ بداية الأزمة السورية عام 2011. شكلت الحدود المشتركة مع سوريا مصدرًا لتحديات أمنية واقتصادية، حيث استقبل الأردن مئات الآلاف من اللاجئين، وتعامل مع تهديدات أمنية نتيجة الفوضى في المناطق الحدودية.

2. السياسة الأردنية تجاه سوريا:

اتبعت الأردن نهجًا براغماتيًا في التعامل مع الأزمة السورية، حيث دعمت الحلول السياسية وعارضت التدخلات العسكرية المباشرة. كما حافظت على اتصالات مع مختلف الأطراف، بما في ذلك النظام والمعارضة، لضمان حماية مصالحها الاستراتيجية.

 

ثانيًا: التخوفات الأردنية من النظام القادم في سوريا

1. صعود نظام إسلامي:

تشعر الأردن بقلق بالغ من احتمالية سيطرة هيئة تحرير الشام و تيارات الإسلام السياسي على النظام الجديد في سوريا، وهو ما قد يشكل ازعاجا للأردن الرسمي مباشرًا:

  • أيديولوجيًا: قد تعزز هذه التيارات نفوذها بين الجماعات الإسلامية داخل الأردن.
  • أمنيًا: قد تفتح الحدود لتدفق العناصر المتشددة وتوفير بيئة آمنة للجماعات المتطرفة.

2. تصاعد تيارات الإسلام السياسي:

يتخوف الأردن من أن يؤدي سقوط نظام الأسد إلى فراغ سياسي تستغله تيارات مثل الإخوان المسلمين أو الجماعات السلفية:

  • الإخوان المسلمون في سوريا: رغم تراجع قوتهم خلال العقد الماضي، قد يستفيدون من مرحلة ما بعد الأسد لإعادة بناء نفوذهم.
  • الجماعات السلفية الجهادية: قد تعمل على تعزيز وجودها في المناطق الشمالية من سوريا، مما يهدد أمن الأردن.

3. تأثير ذلك على الداخل الأردني:

  • تعزيز المعارضة الإسلامية: أي انتصار لتيارات الإسلام السياسي في سوريا قد يلهم الإخوان المسلمين في الأردن لزيادة مطالبهم السياسية.
  • التوتر بين الدولة والجماعات الإسلامية: قد تجد الحكومة الأردنية نفسها في مواجهة تصاعد للخطاب الإسلامي، مما يزيد من تعقيد العلاقة مع الإخوان المسلمين.

 

ثالثًا: العلاقة المستقبلية بين الأردن وسوريا

1. السيناريوهات المحتملة:

  • نظام سياسي معتدل:
    • في حال نجاح تشكيل نظام شامل ومعتدل في سوريا، قد تعزز الأردن علاقاتها مع هذا النظام لضمان استقرار الحدود.
    • سيتيح هذا السيناريو فرصة للتعاون الاقتصادي وإعادة إعمار سوريا.
  • صعود نظام إسلامي:
    • ستضطر الأردن إلى تبني سياسات أمنية أكثر تشددًا على الحدود.
    • قد تقود هذه الحالة إلى تعزيز العلاقات مع القوى الإقليمية والدولية المعارضة للإسلام السياسي، مثل دول الخليج ومصر.
  • استمرار الفوضى:
    • إذا فشل النظام الجديد في تحقيق الاستقرار، ستبقى الحدود مصدر تهديد أمني.
    • ستحتاج الأردن إلى تعزيز تحالفاتها العسكرية والاستخباراتية مع الولايات المتحدة وروسيا لضمان أمنها.

2. التحديات:

  • التوازن بين المصالح الأمنية والدبلوماسية: الأردن بحاجة إلى التعامل بحذر مع النظام السوري الجديد لضمان عدم الإضرار بمصالحه الأمنية والسياسية.
  • التعامل مع الجماعات المسلحة: أي علاقة مستقبلية ستتطلب التنسيق لضمان محاربة الإرهاب ووقف تدفق الأسلحة.

 

رابعًا: تأثير علاقة الأردن مع الإسلام السياسي الداخلي

1. جماعة الإخوان المسلمين:

تمثل جماعة الإخوان المسلمين  تحديا للمؤسسة الرسمية الأردنية في الداخل:

  • تأثير التحولات في سوريا: إذا اكتسب الإخوان المسلمون نفوذًا في سوريا، فقد يؤدي ذلك إلى تصعيد مطالبهم السياسية في الأردن.
  • إعادة ترتيب العلاقة: ستحتاج الأردن إلى استراتيجية واضحة لضبط العلاقة مع الجماعة، مع الحفاظ على استقرار الداخل.

2. التيارات السلفية:

تعتبر التيارات السلفية الجهادية مصدر قلق أمني رئيسي. نجاح هذه الجماعات في سوريا قد يلهم أنصارها في الأردن لتوسيع أنشطتهم.

 

خامسًا: السيناريوهات المستقبلية

1. سيناريو التوازن:

في هذا السيناريو، ينجح النظام السوري الجديد في تحقيق توازن بين مختلف القوى السياسية، مما يفتح الباب أمام تعاون إقليمي.

2. سيناريو الإسلام السياسي:

يسيطر الإسلام السياسي على النظام الجديد، مما يعقد العلاقات الأردنية السورية ويزيد من التحديات الأمنية والسياسية.

3. سيناريو الفوضى المستمرة:

تفشل سوريا في تأسيس نظام مستقر، مما يؤدي إلى استمرار النزاعات المسلحة والتأثير السلبي على دول الجوار.

 

تواجه الأردن تحديات كبيرة في التعامل مع النظام القادم في سوريا. يتطلب الوضع استراتيجية متوازنة تراعي المصالح الأمنية والسياسية وتجنب التداعيات السلبية على الداخل الأردني.

التوصيات:

  1. تعزيز التعاون الإقليمي والدولي: لضمان استقرار سوريا ومنع صعود الجماعات المتطرفة.
  2. مراقبة التحولات في سوريا عن كثب: للتعامل بشكل استباقي مع أي تهديدات محتملة.
  3. تعزيز الحوار مع الإسلام السياسي الداخلي والمضي باصلاحات سياسية: لضمان مزيد من استقرار الداخل الأردني.
  4. تحسين الوضع الاقتصادي: لتقليل تأثير أي تداعيات إقليمية على الداخل.

 

قائمة المراجع

  1. Lister, Charles. The Syrian Jihad: Al-Qaeda, the Islamic State and the Evolution of an Insurgency. Oxford University Press, 2015.
  2. Abu Rumman, Mohammad. The Islamists and the Arab Spring: Trajectories of Transformation. Friedrich-Ebert-Stiftung, 2019.
  3. Heller, Sam. "Keeping the Peace in Idlib: The Role of Hayat Tahrir al-Sham." International Crisis Group, 2020.
  4. مقالات وتحليلات من وسائل إعلام موثوقة مثل BBC، Reuters، وForeign Policy.
  5. تقارير ودراسات صادرة عن مراكز أبحاث إقليمية ودولية حول الوضع السوري.