واحة الأزرق: مأوى لحياة برية جاذبة للبشر والطيور غيّر حالها ضخ المياه الجائر

عمان - يستذكر العديد من المواطنين وتحديدا كبار السن، كيف كانت واحة الازرق قبل نحو عقدين من الزمان، جاذبة للبشر والطير من كل حدب وصوب، فهي الواحة الوحيدة الموجودة في قلب البادية الأردنية.

ولعبت الواحة دورا حيويا أساسيا في المنطقة، لتشكيلها نظاما بيئيا متكاملا، ومأوى للحياة البرية، فصارت بؤرة للتجمعات الانسانية، لكنها سرعان ما تحولت إلى بقعة تكاد تكون جافة، بعد أن بدأ في الستينيات ضخ المياه منها بصورة جائرة إلى عمان والزرقاء والمزارع المحيطة بها.

و"كانت الازرق، منتجعا صيفيا لسكان المدن المجاورة، كما اعتاد بعض سكان المدن قضاء الصيف فيها مع اولادهم، يتمتعون بالسباحة في البرك المائية الطبيعية"، قبل تعرضها للاستنزاف، بحسب وصف الباحث البيئي في محمية الازرق المائية يحيى باكير.

وأضاف باكير في بيان صحافي أمس، أن الواحة زودت في فترات طويلة المدن من اللحوم والالبان عبر ما انتجته الثروة الحيوانية فيها، فكان سكان المناطق القريبة، يأتون اليها لشراء احتياجاتهم، ولطالما اعتمد سكانها في معيشتهم على تربية الماشية، وابرزها الجواميس المائية التي كانت تملأ المراعي الطبيعية والمسماة بـ"الدشة"، وهي المناطق الرطبة المحيطة بالبرك المائية.

وعلى الرغم من أن الاهتمام في المنطقة بدأ منذ العام 1977 حين أعلنت من قبل اتفاقية "رامسار" الدولية للمناطق الرطبة، كإحدى أهم المناطق الرطبة ومحطة مهمة لهجرة الطيور، وتلا ذلك إعلانها من قبل الجمعية في العام 1978 كثاني محمية طبيعية في الأردن بعد محمية الشومري (1975)، وهما تقعان في منطقة الأزرق، لكن الجهود الفعلية لإنقاذ الأزرق لم تبدأ سوى من أعوام معدودة.

ونوه باكير الى أنه "كان للواحة دور في رواج الصناعات اليدوية، التي تستخدم بعض ما كانت تجود به تلك المراعي كنبات الحلفا والقصب، اللذين استخدما في صناعة الحصر والسلال".

ويشكل حوض الأزرق الجزء الشمالي الشرقي من المملكة، بحيث يقع بين إحداثيات فلسطين "232-252" شمالا، وتبلغ مساحته 12712كم 2، ويقع 94 % منه داخل الأراضي الأردنية، وأكثر من %5 في الأراضي السورية، وأقل من 1 % في الأراضي السعودية.

ويبلغ أعلى ارتفاع له حوالي 1576 مترا عن سطح البحر من الجزء السوري، وحوالي 1234 مترا في منطقة تل الرماح في الأردن.

ولفت باكير إلى أن الواحة لها دور حيوي رئيس بوقوعها على مسار هجرة الطيور بين أوروبا وإفريقيا، وكانت محطة استراحة لها، بحيث كانت تمر بها مئات الآلاف من الطيور المهاجرة، وسجل منها نحو 300 نوع.

كما تعد، بحسب باكير، من اكثر مناطق التنوع الحيوي أهمية نظرا لتنوع الموائل التي تحويها، والكائنات التي تعيش فيها، ومن اهمها السمك السرحاني، إذ تعتبر موطنا لهذا النوع الوحيد في العالم، وفي العام 1977 تم إعلانها ومنطقة القاع المجاورة، من المواقع المهمة ضمن مسار هجرة الطيور (رامسار)، وعلى إثر ذلك اعلنت العام 1978 كمحمية طبيعية من قبل الجمعية الملكية لحماية الطبيعة.

وبدأ حوض الأزرق الجوفي يعاني من نضوب في مستويات المياه الجوفية، جراء ازدياد الطلب على مياه الشرب، والذي بلغ أكثر من 60 مليون متر مكعب في العام، ما أدى إلى حصول كارثة بيئية وتدمير للموائل الموجودة فيها، وفق باكير.

وتسعى الجمعية الملكية حاليا إلى إعادة الأزرق الى ما كانت عليه، لتغدو في أبهى صورة وأجمل حلة، عبر مشاريع التنوع الحيوي، الهادفة لاستعادتها، لتكون مجددا محط زوار وراحة للمسافرين في قلب الصحراء.

[email protected]

أضف تعليقك