مهربو الحدود:يوصلون الفارين مأمنهم ويتقاضون أجرهم بالرضا
سوريا- محمد إقبال بلو
يتنقل يومياً مئات السوريين عبر الحدود السورية التركية على الجهة الشمالية الغربية للبلاد , والكثير منهم ممن لا يحملون جوازات سفر ولم يستطيعوا في ظل ظروف البلاد الراهنة تأمينها , مما يضطرهم إلى عبور الحدود التركية ذهاباً وإياباً بشكل غير نظامي , وهذا التنقل يصعب على معظمهم مما يضطرهم للاستعانة ببعض أهالي القرى والبلدات الحدودية في الشمال الغربي من ريف إدلب , حيث يقومون بمساعدتهم وإرشادهم على الطرق الواجب اتباعها , وأحياناً مرافقتهم إلى الداخل التركي.
علي أبو اسماعيل مواطن سوري يتنقل باستمرار بين الأراضي السورية والتركية وهو رجل في متوسط العمر من إحدى قرى ريف حلب , قال لــ أورينت نت : أعبر هذه الحدود في الأسبوع مرتين حيث آتي إلى تركيا للتبضع والحصول على بعض السلع البسيطة ومن ثم العودة إلى قريتي التي لا تبعد عن الحدود أكثر من 30 كم , في بداية الثورة السورية كان أهالي القرى الحدودية يساعدوننا على التنقل بين البلدين بشكل غير مشروع مجاناً , ولكن مع مرور الوقت بدأ بعض الشباب يتخصصون بهذا الأمر ويطالبون بأجور من أجل أن يساعدونا في العبور.
يضيف علي: نحن لسنا تجار حدود ولكن في ظل فقد معظم المواد التموينية الضرورية في الداخل السوري كان لا بد لنا من جلب بعض حاجياتنا من تركيا , مؤخراً عرفنا الطريق الذي يجب علينا أن نسلكه للعبور لكننا لا نستطيع ذلك إلا بمساعدة أولئك الأشخاص الذين امتهنوا هذا العمل الجديد . فمهرب الحدود أصبحت عملاً يعتاش منه الكثيرون , نحتاج مساعدتهم بسبب خبرتهم في الطرق بالإضافة إلى خبرتهم في التوقيت المناسب للعبور وأحياناً يقومون بمرافقتنا إلى أن نصل , وحتى عندما يتنبه لنا حرس الحدود يتفاهمون معهم على آن نتابع الطريق بشكل أو بآخر.
مصطفى ناصر , نازح وصل حديثاً عبر الحدود هو وأسرته المؤلفة من زوجة وأربعة أطفال هرباً من القصف , قال لــ أورينت نت: لقد وصلت إلى الحدود التركية أنا وأسرتي فارين من القصف العنيف على بلدتنا في شمال إدلب , وعلمنا أننا نستطيع الدخول بشكل نظامي ولكن الــ ( جندرما ) حرس الحدود الأتراك سوف يصطحبوننا إلى أحد المخيمات , ولا مجال للتفاوض معهم في ذلك ولكننا نرغب أن نقيم في بلدة الريحانية الحدودية ولا نرغب بالذهاب إلى المخيم , فأخبرنا أن الحل الوحيد هو الدخول بشكل غير نظامي (تهريب) وقد قام بمساعدتنا شاب من إحدى القرى الحدودية , واعتقدت أن المساعدة للوصول مجانية , وسألته عن عمله خلال الطريق فأخبرني أنه يعمل مهرب حدود , يساعد الناس على دخول الأراضي التركية مقابل أجر مادي , وهنا فهمت أنني يجب أن أدفع له.
يضيف مصطفى: بكل حال لم يطلب مبلغاً كبيراً وقدم لنا المساعدة ووصلنا إلى غايتنا بكل يسر وسهولة بالإضافة إلا أنه ساعدنا في حمل الأشياء التي أحضرناها معنا , وحقه أن يحصل على مبلغ مادي لقاء جهده , الطريق ليست طويلة ونحتاج أن نسير في أراض زراعية مسافة تقل عن 1 كم فقط لنصل إلى الأراضي التركية متجاوزين الشريط الحدودي تاركين دوي القذائف وانفجارها خلفنا , لنبدأ رحلة أخرى من معاناة اللجوء لكنها أقل صعوبة من العيش تحت القصف والتهديد بالموت المستمرين.
أبو خالد أحد الشباب الذين يعملون حديثاً بهذه المهنة وهو من قرية على الشريط الحدودي قال لــ أورينت نت: نحن نقوم بمساعدة النازحين وإيصالهم إلى داخل الأراضي التركية ونؤمن وصولهم بسلام كما نساعدهم في نقل حاجياتهم , سابقاً كنا لا نتقاضى أي أجر حيث كان يصلنا شخص أو عائلة كل أسبوع تقريباً أما اليوم فيصلنا الكثير من الأهالي كل يوم ولا يمكن مساعدتهم بشكل مجاني , فلو أردت ذلك هذا يعني أنني نذرت نفسي لعمل نهاري ليلي صعب دون أجر , كما أنني أيضاً لدي عائلة وأطفال علي أن أطعمهم.
يضيف أبو خالد : أقولها لكم بصراحة موضوع تهريب الأشخاص موضوع صعب ومعقد وشبه مستحيل خاصة على الحدود التركية التي يقوم الأتراك بحراستها ليل نهار ومن المستحيل اختراقها , إلا أنهم يروننا ويتغاضون عن ذلك في كثير من الأحيان . وأعتقد أنها توجيهات تلقوها من رؤسائهم بتقديم التسهيلات للعائلات السورية النازحة , برأيي أنهم لو رغبوا بضبط الحدود لاستطاعوا وحينها لن يسمحوا لأي شخص بالمرور إلا من المعابر النظامية , علينا أن نشكر الحكومة التركية لأنها تقدم الكثير من التسهيلات للسوريين , حتى أنهم داخل المدن التركية يقومون بالكثير من النشاطات ودون أن يحملوا أية جوازات سفر ودون دخول نظامي ويتم التغاضي عنهم .
*اعد هذا التقرير لصالح مضمون جديد.
إستمع الآن