من يسرق حق اطفال الزعتري في التعليم؟

المفرق- مخيم الزعتري- رانيا حمور رغم إدراك الأسر هناك حاجة اطفالها للتعلم لكن هذا لا يعني شيئا، فاطفالهم لا يتعلمون، واطفالهم لا يذهبون الى المدرسة، وإن هم ذهبوا، فإن الكثير منهم لا يستفيد الكثير. وهذا يعني .. اقل ما يعني الامية. نحن نتحدث عن اطفال مخيم الزعتري للاجئين السوريين في محافظة المفرق (75 كم شمال شرقي عمان) الذين زاد عددهم عن الخمسين الفا حتى منتصف حزيران. ووفق مصادر أردنية مطلعة، فإن عدد اللاجئين السوريين الذين دخلوا "الزعتري" تجاوز 150 الف لاجئ سوري. بينما تشير التقديرات الرسمية بان الأردن يستضيف حاليا ما يزيد عن 540 ألف لاجئ ولاجئة سورية على أراضيها منذ اندلاع الأزمة في سوريا منتصف شهر آذار 2011. ويمثل قلق الأهل أحد الاسباب الرئيسية لمنع أطفالهم من الذهاب الى المدرسة لبعدها عن مكان سكنهم خوفا من مما قد يتعرضون له في الطريق كعبور شاحنات الخدمة في اوقات دخول وخروج الاطفال من المدرسة . هذا تماما ما حرم الطفل مصعب البالغ من العمر ست سنوات من مجرد اللعب خارج خيمة ذويه، فلا يسمح له والديه الابتعاد عدة امتار، فكيف بالذهاب الى المدرسة البعيدة عن مكان سكنه. وتزيد المواجهات المتكررة بين اللاجئين وقوات الامن في المخيم من خوف الأهالي لما يحصل فيها من صدام وعنف واستخدام الدرك في بعض الحالات الغازات المسيلة للدموع لتفرقة المحتجين من اللاجئين المطالبين بتحسين اوضاعهم المعيشية داخل مخيم الزعتري . هذا ما حصل للطفلة ملاك التي تريد ان تتعلم. هي في الصف الخامس الإبتدائي غير انها لم تعد تذهب إلى المدرسة بسبب خوف والدتها من إرسالها الى المدرسة البعيدة، خاصة في حالة نشوب مواجهات قد يحدث فيها تراشق حجارة بين اللاجئين و الدرك أو بين اللاجئين فيما بينهم وربما تصيبها بالخطأ اثناء ذهابها الى المدرسة. ام نبيل لاجئة سورية ووالدة لثلاث أطفال، هي الاخرى ترفض إرسال أطفالها الى المدرسة خوفاً عليهم من تعرضهم للضرب والتنمر من اقرانهم او من هم اكبر سنا من الطلبة في المدرسة. قرارها جاء قطعيا بعد ان اعتدي على أحد أبنائها في الروضة من قبل طفل أكبر منه بعامين تسبب له بكسر في الكتف إضافة الى خوفها على ابنتها من التحرش والمشاكسات في المدرسة او في الطريق منها او اليها من قبل اللاجئين او العاملين في المخيم. هكذا فضلت ام نبيل ابقاء ابنتها بالبيت خوفا عليها من الآخرين من جهة وخوفا عليها من ان تنحرف وتنجرف وراء مغريات بعلاقة عابرة مع احدهم في طرقات المخيم. أما ام محمد لاجئة سورية فلها اسباب مختلفة لعدم ارسال ابنها الوحيد الى المدرسة، إذ تخشى عليه من تدهور اوضاعه الصحية او تعرضه للمرض نتيجة الأجواء المغبرة في المخيم الكائن بمدينة المفرق الصحراوية والتي قد تسبب أمراضاً تنفسية، إضافة الى ما قد تسببه الأمطار من مشاكل معوية لدى ابنها . لا يقتصر أسباب عدم إرسال الاطفال الى المدرسة بعد مساكنهم عنها إلا أن بعض الأطفال يتركون المدرسة لأسباب اقتصادية وعائلية إذ يضطرون للعمل من أجل مساعدة اسرهم على مواجهة ظروف اللجوء نتيجة مرض الأب او غياب المعيل او وفاته او بقائه للقتال في سوريا في صفوف الحر كما هو الحال مع الطفل اسامة. يقول اسامة: "لو خرج جميع الرجال من سوريا من سيقاتل هناك..وانا ما بدي يحكو عن ابي جبان". أسامة لا يرتاد المدرسة في الزعتري ,لأن بقاء والده في سوريا دفعه للعمل ببيع غزل البنات مقابل أجر متواضع لساعات طويلة لإعالة أسرته المكونة من خمسة أفراد، خاصة مع عدم كفاية المساعدات التي تقدمها الجمعيات لمساعدتهم. ويشكو بعض الاهالي من ان المدارس في المخيم لا تقدم معلومات جديدة لأبنائهم، بالاضافة الى عدم تقبل الاطفال والاهالي لمناهج الدراسة الأردنية المعتمدة في المدارس، وغياب الكفاءة التعليمية لدى بعض المدرسين كما يقولون . هذا ما حصل لفاطمة التي لم تستطع التأقلم مع المنهاج الأردني كونه صعباً، ولن تستفيد منه عند عودتها إلى سوريا. كما اختصرت بحديثها معاناة الآلاف من زملائها الذين التحقوا بمقاعد الدراسة على فترتين، بسبب ضيق المدارس واكتظاظ صفوفها حيث يصل عدد الطلاب في الصف الواحد الى 70 طالبا كما تقول. والد الطالب أحمد الطه طالب الصف السادس الابتدائي يخشى من ازدحام صف ابنه في المدرسة البحرينية. يقول: أكثر من أربعين طالباً في قاعة صيفية واحدة بالاضافة الى غياب الحصص الترفيهية كالرسم و الرياضة والموسيقى ما يخلق جواً مشحوناً بين الطلاب. من جانبه اوضح مدير التربية والتعليم للواء البادية الشمالية الغربية الدكتور عبد القادر بني ارشيد لمضمون جديد ان اجمالي عدد الطلبة السوريين في اللواء يتوزع بواقع 15 ألفا في مدارس المخيم . رغم وجود مدرستين في الزعتري المدرسة البحرينية والمدرسة التابعة الى اليونيسيف إلا أن أعداد الطلاب في الصف الواحد قد تتجاوز الخمسين . وتحدث مسؤول الإعلام والاتصال في اليونيسف سمير بدران عن المشاكل التي تعيق توسع العملية التعليمية في المدراس حيث توقف العمل بإنشاء المدرسة الثالثة التي كان من المقرر الانتهاء منها الشهر الماضي. ويرجع ذلك بسبب قلة الموارد المادية فلم تستلم اليونسيف إلا 19% من المبلغ الإجمالي المطلوب لإنشاء هذه المدرسة الضرورية وخصوصا مع ازدياد عدد اللاجئين السوريين كل يوم في المخيم ويشير الناشط السوري في العمل التطوعي عبدالجليل الشققي إلى أن نسبة الأمية ارتفعت في المخيم لتصل إلى 20% بسبب غياب إدراك البعض لأهمية التعليم من جهة وصعوبة متابعته هناك من جهة اخرى واجمع من تحدثنا معهم من الأهالي في مخيم الزعتري الى ان ظروف اللجوء سببت ضغوطا كبيرة على نفسية الاطفال فأصبحوا متمردين ويسئيون الادب مع عائلاتهم وانتشر مبدأ استخدام العنف والقوة بين الاطفال والتحامي بالمدينة او القرية او العائلة تطبيقا لمبدأ البقاء للاقوى. تلك قصة من قصص الاطفال اللاجئبن.. ففي الزعتري الف قصة وقصة عن الالام والاحزان. من بينها الغربة، والجوع، والفاقة، وعدم الامن. في الزعتري.. احدى حكايا الثورة السورية الحزينة، لكنهم صامدون.

أضف تعليقك