ما الحد الأدنى للأجور المنصف للعامل وصاحب العمل؟

الرابط المختصر

عمان - الدستور - التحقيقات الصحفية - ياسر علاوين

في ظل تردي الظروف المعيشية للقوى العاملة في الأردن بسبب تدني الأجور وعدم التزام الكثير من ارباب العمل بمراعاة ارتفاع تكاليف المعيشة التي طرأت بعد التعديل الأخير الذي رفع الحد الأدنى للأجور من 120 دينارا ليصل الى 150 دينارا للعامل الأردني، يواجه قطاع العمال غير المهرة او ما يسمى بالعمالة التقليدية في شركات القطاعين الخاص والعام ظروفاً صعبة وبيئة عمل لا تحقق توفير سبل العيش الكريم، وهو ما دفع قطاعات كبيرة من عمال الوطن للإعلان عن رفضهم لهذا الواقع من اجل تحقيق العدالة الاجتاعية بحسب أسس واضحة مراعية الازدياد المطرد لتكاليف المعيشة.

وفي هذا السياق أكدت الرؤية الملكية على ضرورة تفعيل دور القطاع الخاص في مواجهة التحديات الاقتصادية وكان ذلك من خلال لقاء جلالة الملك مع عدد من ممثلي الفعاليات الاقتصادية في المملكة ودعوة جلالته لتفعيل مشاركة القطاع الخاص في التعامل مع مختلف التحديات الراهنة استنادا الى خطط وبرامج واضحة ومحددة تسهم في تطوير الأداء الاقتصادي، وتعزز دور القطاع الخاص في عملية الإصلاح وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين مع توفير فرص العمل التي تؤدي الى التخفيف من عبء مشكلتي الفقر والبطالة، وضرورة اعطاء دور اساسي للقطاع الخاص في عملية التوظيف واستيعاب الخريجين مع التأكيد على الالتزام من طرف الحكومة بتسهيل وتذليل أية معوقات امام تقدم هذا القطاع والعمل على حلها.

«الدستور» ألقت الضوء على أثر تدني الأجور على الواقع المعيشي للعديد من الفئات العمالية، مما هيأ الفرص للعمالة الوافدة للعثور على فرص عمل وان كانت بـأجور أقل مما يقبل به العامل الأردني.

أقل من الحد الأدنى للأجور

أم أحمد وتعمل «سكرتيرة» خاصة منذ 12 عاما قالت إنها تتقاضى راتبا لا يتجاوز الـ (170) دينارا، وان هذا الراتب لا يكفي لسداد تكاليف المعيشة المتزايدة مثل اجرة السكن وبدل المواصلات وفواتير الماء والكهرباء والهاتف وغيرها من متطلبات المعيشة.

واضافت أنها لم تر أي دور لمكاتب وزارة العمل في مراقبة اصحاب العمل وضبط مخالفاتهم، كذلك لم تلمس أي دور ايضا لنقابات العمال في المطالبة بتحسين اوضاع الطبقة العاملة وحمايتها اذا ما تعرضت لضغوط اوانتهاكات من ارباب العمل.

وأكد عامل آخر لم يرغب بذكر اسمه ويعمل في مؤسسة خاصة انه يتقاضى راتبا دون الحد الأدنى للأجور، وتمنى ان تتغير الأمور الى الأفضل قائلا: ان الرواتب الحالية سواء أكانت تتطابق مع الحد الأدنى للأجور أم لا فإنها غير متناسبة مع الأسعار المرتفعة بشكل عام وتساءل: متى يستطيع تكوين اسرة في ظل هذه الظروف الصعبة.

الحل في تخفيض الضرائب

اأد اصحاب العمل ويملك شركة نظامية اشار الى انه يتقيد بقوانين العمل ويمنح العاملين في شركته راتباً اكثر من الحد الأدنى للأجور، وطالب ارباب العمل بالالتزام بروح القانون ومراعاة الظروف الحياتية للمواطنين.

واكد التزامه التام بالتنسيق مع الجهات الفاعلة للنهوض باقتصاد الوطن، منوها الى ان الحل يكمن في التخفيف من الضرائب المفروضة على الشركات بخاصة ضريبتي الدخل والمبيعات، وايجاد تشريعات تهدف الى التوازن بين رغبات ارباب العمل ومتطلبات العمال للمضي قدما وفق الرؤية الملكية السامية بالنهوض بالاقتصاد الوطني.

إعادة النظر بالرواتب الأساسية

نائب رئيس اتحاد نقابات العمال جميل عبدالرحيم دعا الى ضرورة اعادة النظر بالرواتب الأساسية للموظفين والعمال، وقال هي اساسا ضعيفة والحد الأدنى للأجور بحسب آخر تعديل من (130 ) الى (150) دينارا غير كاف ولا يلبي تزايد وتيرة غلاء المعيشة، مؤكداً ضرورة عقد لقاءات موسعة مع اطراف اللجنة الثلاثية،( العمال واصحاب العمل ووزارة العمل) بهدف دراسة التحديات التي يواجها العمال، وقال يجب على الاتحاد ان يقوم بمسؤولياته تجاه الطبقة العاملة، وان يعمل الجميع كفريق عمل واحد لحل المشاكل التي يتعرض لها عمالنا، وتقديم مطالب وطنية حتى نصل الى السلم الاجتماعي.

المخالفات في القطاع غير النظامي

من جانبه قال نائب الأمين العام للاتحاد المهني لعمال البناء والاخشاب محمود الحياري: هناك العديد من الشركات في القطاع غير المنظم (المقاولين والمتعهدين) لا تلتزم بالحد الادنى للاجور، حيث يتقاضى عاملون رواتب تقل عن الحد الأدنى للأجور، وتمنح بعض الشركات الحد الأدنى للأجور شاملة التأمين الصحي والضمان الاجتماعي، بخاصة العاملين في قطاع الخدمات النظـافة وقطاع التعليم الخاص، ومثل هذا الراتب لايراعي تكاليف المعيشة المرتفعة. واشار الحياري الى ان الحد الأدنى للأجور يجب ألا يقل بأي حال من الأحوال عن (300) دينار إضافة الى تحسين شروط التأمين الصحي والمطالبة بآلية او مشروع وطني يشتمل على توسيع مظلة الإسكان للعاملين، وطالب بضرورة اجتماع اللجنة الثلاثية في اسرع وقت ممكن واعادة النظر بالحد الأدنى للأجور.

قصور المواد القانونية

ولمعرفة الرأي القانوني لملاءمة النصوص القانونية لمتطلبات العمال وتناسبها مع اساليب وسبل المعيشة المقررة من الجهات الرسمية قال المحامي د. خالد المليفي: استنادا الى المادة 25 من قانون العمل الأردني والتعديل الأخير عليه ليصبح الحد الأدنى للأجور (150) دينارا فإن هذا التعديل لا يلبي ادنى متطلبات الأسرة الأردنية ألاساسية، وهو صراحة لا يتناسب مع مؤشرات تكاليف المعيشة المنصوص عليها قانونيا، فهو لا يكفي لإشباع الحاجات الاساسية للعامل مما يعني ان هذا المعاش قليل جدا بالمقارنة مع الغلاء المستمر والظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطن.

واضاف ان التوازن الذي تستند اليه اللجنة الثلاثية ما بين العامل وصاحب العمل تحتم عليها انصاف العامل وهو الطرف الضعيف في المعادلة، من خلال رفع الحد الأدنى للأجور، وفي هذا الصدد نرى اعادة تفعيل دور هذه اللجنة وعقد اجتماعات بصورة دورية واتخاذ القرارات المناسبة والعادلة في حق اطراف المعادلة العمالية، مشيرا الى ان ما يعيب هذه اللجنة عدم تواصل اعضائها للتشاور والتحاور، واكد ان المادة (35) التي تنص على العقوبة في حالة وجود المخالفات تعتبر قاصرة وغير رادعة لصاحب العمل المخالف، ونرى غيابا واضحا للجان التفتيشية التابعة لوزارة العمل على ارض الواقع.