عمال "مهن حرة" في قطاع البناء محرومون من حقوقهم العمالية

الرابط المختصر

عمان - الدستور - فارس الحباشنة

مع انتهاء صلاة الفجر ، يستعد أبوعلاء 45( عاما) للخروج من منزله في جبل القلعة ، لينطلق الى وسط البلد ، حاملا معه أدوات عمله ورزقه ، ويصطف بجوار زملاء مهنته ، وعينه على المركبات القادمة ، فقد يكون معها الرزق.

في الساعة السابعة صباحا ، تظهر المركبة المنتظرة وبداخلها أحد المقاولين ، وبمجرد نزوله من المركبة يلتف حوله العشرات من "عمال الدهان والتشطيب والمواسرجية والكهرباء" ، فيتحدث المقاول عن طبيعة العمل المطلوب ، ويحدد لهم مكان العمل وعدد أيام العمل المطلوبة للاتفاق على الاجرة.

يبدأ عدد العمال المتجمهرين حول المقاول يقل ، بعدما يسمعون عروض المقاول ، ويرون أن الأجر المعروض لا يناسب الجهد المطلوب ، ويحاولون أن يتفاوضوا مع المقاول لرفع الاجرة ، وتستمر المفاوضات حتى يتم الاتفاق ، وتبدأ فيما بعد عملية تحميل العمال في مركبة النقل لايصالهم الى مكان العمل المفترض. يحاول أبوعلاء أن يقاوم تدني الاجرة ، فيرفض أول مرة العرض ، ولكنه حينما يفكر جيدا يجد أنه لا سبيل عنده الا أن يوافق على العرض المقترح ، ويخرج مع بقية العمال في المركبة ، قبل أن ينتصف الصباح وتأفل فرصة الحصول على عمل ، فكبر سنه يجعل فرصته أقل في الحصول على عمل.

ابو علاء يقول لـ"الدستور" انه يعمل منذ كان عمره 18 عاما في اعمال تشطيب البناء ، ويؤكد أنه لا يجيد أي مهنة أو حرفة اخرى ، "فمهنته في قوة ذراعه". ويضيف أن مكان تجمع العمال كان يعج قبل عقد من الزمان بالعمال الوافدين من جنسيات عربية وأجنبية ، وكان في أغلب الايام العامل المحلي الوحيد بين العمال الذين ينتظرون فرص عملهم اليومية في هذا المجال ، كما يقول ، بيد أن الحال بات مختلفا اليوم ، فمكان تجمع العمال يزخر بالعمالة المحلية التي لا يختلف حالها عن حال ابوعلاء ، وان تقدم عليهم بالسن.

مشكلة عمال هذه المهن الحرة انها ظاهرة لم تخضع للدراسة الكافية ، رغم انتشارها في ربوع عمان ومدن أخرى من المملكة. وازدياد عدد العمال الاردنيين العاملين بها بشكل كبير ، وخاصة شريحة الفقراء وغير المتعلمين القاطنين في الاحياء الشعبية.

ويرى خبراء في سوق العمل أن هذه الفئة من العمال مرشحة لارتفاع أعدادها مقارنة بالاعوام الماضية لاسيما في ظل الاوضاع الاقتصادية الراهنة ، فوفقا للمؤشرات الرسمية خلال عام 2010 فإن معدل البطالة يصل إلى %14 في حين أن معدل الفقر يرتفع وسط انخفاض معدل الاجور. وفي هذا السياق ، يقول رئيس النقابة العامة للعاملين في البناء والتشييد والاخشاب محمود سالم الحياري إن هذه الشريحة من العمال جزء من العمالة غير المنتظمة في مجال البناء ، لا تتوفر عنهم أي معلومات أو بيانات دقيقة وواضحة عن أعدادهم لدى النقابة والجهات الرسمية المعنية ، وكذلك هو الحال مع عمال فئات عمالية أخرى في قطاع البناء وغيره.

ويؤكد الحياري أن هولاء العمال يحتاجون الى حماية قانونية تضمن اشتراكهم في الضمان الاجتماعي حماية لحقوقهم العمالية في المستقبل وفي حال تعرضهم لاصابات عمل وتوفير التأمين الصحي لهم الذي تضمنه تعديلات قانون الضمان الاجتماعي التي أقرت أخيرا لكافة مشتركي المؤسسة.