80 امرأة منذ انطلاق الحياة البرلمانية: بين التحديات والانتصارات
"تنفست الصعداء" بهذه الكلمات بدأت النائب أسماء الرواحنة حديثها وهي تستذكر تجربتها في الانتخابات النيابية لعام 2020. لم يكن الطريق سهلا، حيث واجهت العديد من التحديات والصعاب قبل أن تصل إلى قبة البرلمان، لتشعر بلذة الانتصار بعد رحلة شاقة، شاركتها فيها العديد من النساء اللواتي مررن بظروف مشابهة.
كغيرها من البرلمانيات، واجهت الرواحنة صعوبات كبيرة في سبيل الحصول على 3566 صوتا عن محافظة مادبا ضمن الكوتا النسائية. واصفة شعورها في ذلك الوقت بأنها كمن يواجه أمواج بحر متلاطمة، بين تحدي الدخول في هذا المعترك السياسي وتحدي الرفض من أقرب الناس الذين لم يؤمنوا بقدرتها كامرأة. ولكن وصولها إلى البرلمان كان بمثابة نسيان لكل التحديات، لتبدأ مسيرتها السياسية على مدى السنوات الأربع الماضية.
وتستذكر العقبات التي واجهتها الرواحنة والتي كانت تواجه السيدات المتمكنات القويات سياسياً ككل، وهي الكوتا النسائية والتي عالجها قانون الانتخاب الجديد مؤخرا، حيث كانت أي سيدة لديها وجود على الساحة تحارب بشدة من قبل سيدات أخريات ضعيفات سياسيا، حيث تكون لهن منافسة قوية تضعف فرصة حصولهن على مقعد نيابي.
أما عن الأوضاع المالية لم يكن بالأمر الهين، فهي بحسب الرواحنة من أبرز المعيقات التي تواجه المرأة في خوض معترك الانتخابات البرلمانية، موضحة أن المرأة غالبا لا تمتلك القدرة المالية اللازمة لتغطية أبسط أنواع الدعاية والخدمات التي يحتاجها أي مرشح عادي، بالإضافة إلى حاجتهن لمراقبين للصناديق الانتخابية، ومركبات لتسهيل وصول المرشحين إلى مواقع الاقتراع، وغيرها من المصاريف الأخرى.
ومن التحديات أيضا تضيف الرواحنة، هي نظرة بعض الأشخاص للنائب المرأة رغم أنها تغيرت نوعا ما خلال السنوات الماضية، إلا أن هناك من يعتقد أن من يمثلهم تحت القبة يجب أن يكون رجلاً، حتى وإن كان غير كفؤ.
البداية والصعوبات المجتمعية
لم يكن الأمر أقل صعوبة على النائب زينب البدول الحاصلة على عدد أصوات 6814 عن دائرة بدو الجنوب، تقول بأن المرأة لا زالت ينظر إليها على أنها بالصف الثاني بعد الرجل، نظرا لإعطاء الأولوية في مختلف المجالات للرجل قبل المرأة.
وتوضح أن ذلك نراه في عدد السيدات اللواتي يصلن إلى مجلس النواب، فعددهن قليل جدا مقارنة في الذكور في المجلس، وهذا يعد من أبرز المعيقات التي تواجهها المرأة، فلولا الكوتا النيابية، لما كنا وجدنا سيدات في المجلس.
فالمعوقات على المرأة تختلف كما هي على الرجل، تقول البدول "الذي يمنحه المجتمع حق تطوير علاقاته الاجتماعية وتوسيعها بعكس المرأة التي تحكمها العديد من العادات والتقاليد، والمهام المنوطة بها سواء في حياتها المنزلية واحتياجات أسرتها وعلاقاتها الاجتماعية".
كما أن مسؤولية المرأة مضاعفة عند دخولها مجلس النواب، ما بين إثبات نفسها وأنها ذات شخصية قوية، وما بين تطوير مهاراتها في العمل السياسي، ناهيك عن وجود التنمر في مجلس النواب من ذات الأعضاء في المجلس، وهناك نائبات يرفضن الخروج على الإعلام كي لا يحدث تنمر عليهن من ذات الاعضاء انفسهم، على حد قول البدول.
نتائج الانتخابات النيابية لمجلس النواب 19 عام 2020، أظهرت تراجعا في نسبة التمثيل النسائي، حيث بلغ عدد الفائزات 15 سيدة فقط عبر نظام الكوتا، ولم تنجح أي سيدة في الفوز بمقعد تنافسي، وفي ذاك الوقت، أرجع محللون هذا الانخفاض في التمثيل النسائي إلى عدة أسباب، منها تداعيات فيروس كورونا، والإحباط من أداء المجالس السابقة، وأزمة نقابة المعلمين، والضغط الرسمي على الحريات العامة، إضافة إلى الانتقادات الموجهة لقانون الانتخاب السابق.
من بين السنوات الاستثنائية، تمكنت 5 نساء من الوصول إلى قبة مجلس النواب 18 بالتنافس، بالإضافة الى مقاعد الكوتا، مما جعل مجموع المقاعد النسائية 20 مقعدا، أي ما نسبته 15.38% من المجلس المكون من 130 عضوا، هذا العدد يتفوق على مجلس النواب 17 عام 2013، الذي شهد فوز 18 سيدة، توزعت على 15 سيدة للكوتا، وسيدتين على التنافس، وسيدة عن القوائم الوطنية.
المصدر: الهيئة المستقلة للانتخاب
قصة نجاح بالتنافس
من هؤلاء السيدات الـ 5 اللواتي فزن بالتنافس، الدكتورة هدى العتوم، والتي كانت تنتمي لقائمة الإصلاح ضمن قوائم الإخوان المسلمين الانتخابية، وحصلت على 5904 أصوات عن منطقة جرش، مشيرة العتوم إلى أن قانون الانتخاب في تلك الفترة ساهم في حصولها على المقعد النيابي بالتنافس، حيث لم يكن يحدد المرشح أن يكون على التنافس او الكوتا، وحصلت على عدد أصوات مرتفعة في الكتلة، مما مكنها من الفوز بالتنافس مع الرجال وجهاء محافظة جرش.
في قانون الانتخاب عام 2016 كانت تترشح المرأة على القانون الخاص بهم وفق ضمن قوائم وفق المادة 9/د/2 ، وذلك بطريقة القائمة النسبية المفتوح.
من العوامل التي ساهمت في حصول العتوم على أصوات مرتفعة هو طبيعة المجتمع القروي، حيث لا يتواصل الرجال كثيرا مع النساء، مما كان في مصلحتها، فقد تمكنت من الوصول إلى السيدات القرويات اللاتي منحنها أصواتهن مما أحدث فرقا كبيرا، بالإضافة إلى ذلك، ثقة الرجال الذين صوتوا لها نظراً لخلفيتها التعليمية والتربوية ونشاطها في مجال العمل النقابي، على حد قولها.
وتؤكد العتوم على أهمية وعي السيدة في كيفية إدارة حملتها الانتخابية، مشيرة إلى أن السيدات اللاتي يقبلن على التصويت هن من يقررن مرشحهن ولا يواجهن ضغوطات من أزواجهن، خلافا للرجال الذين يحسبون حساب العشيرة ويتجنبون الإحراج من أشخاص قد وعدوهم بالتصويت لهم.
رغم رغبة العتوم في خوض الانتخابات النيابية المقبلة، إلا أنها تعمل على دراسة خارطتها الانتخابية قبل اتخاذ قرارها النهائي، خاصة بعد عدم فوزها في انتخابات النواب لعام 2020، حيث تم محاربتها لعدم الرضا عن قائمتها الانتخابية، حتى وجدت بعض الصناديق فارغة من الأصوات.
وتستبعد العتوم تكرار تجربة وصول النساء بالتنافس كما حدث في عام 2016، نظرا لوجود المال الأسود والمال السياسي، مما قد يدفع المرأة للترشح عن طريق الكوتا لضمان مقعدها في مجلس النواب بدلا من التنافس، بالإضافة إلى ذلك، فإن إجماع بعض العشائر على اختيار مرشحهم قبل عقد الانتخابات النيابية، قد يثني المرأة عن الترشح للانتخابات.
مديرة وحدة تمكين المرأة في الهيئة المستقلة للانتخاب، سمر الطراونة ترى أنه ليس من المتوقع في المستقبل القريب أن نرى عددا كبيرا من النساء تحت قبة البرلمان بالتنافس، مشيرة إلى أن التحيز ضد المرأة في الحياة العامة والسياسية ما زال مترسخا بعمق على الصعيد العالمي وليس فقط في الأردن.
وترى الطراونة أن الكوتا ليست سوى آلية لضمان وجود تمثيل نسبي في المجلس النيابي، معتقدا أن السؤال يجب أن يكون هو كيف يمكن استثمار الفرصة المتمثلة بالكوتا لبناء قناعات جديدة وتغيير الممارسات الثقافية التي تعتبر موروثا اجتماعيا تراكميا برفض مشاركتها كقائدة سياسية؟ مؤكدة أن المرأة الأردنية لم تعد قيد اختبار؛ بل حققت إنجازات عديدة، ويحق لها اليوم تطوير مسيرتها وتجاوز مرحلة الأرقام لتعزيز مشاركتها السياسية نوعا بالإضافة إلى الكم.
80 إمرأة
منذ مشاركة النساء في الانتخابات البرلمانية على مدى السنوات الماضية، فازت 80 امرأة بمقاعد في مجلس النواب، بدءا من المجلس الحادي عشر عام 1989 وحتى المجلس التاسع عشر عام 2020.
وحصلت الأردنيات على حقهن في الانتخاب والترشح منذ عام 1974، ولكن الانطلاقة الحقيقية لمشاركتهن كانت في العام 1989 الذي شهد عودة الحياة البرلمانية بانتخابات مجلس النواب الحادي عشر، حيث ترشحت 12 إمرأة من إجمالي 647 مرشحا بنسبة 85.1%، ولكن لم تفز أي من المرشحات في تلك الانتخابات.
غابت المرأة عن مجالس النواب منذ تأسيسه حتى عام 1993 عندما انتخبت توجان فيصل كأول إمرأة تدخل البرلمان، لكنها عادت وغابت أي امرأة في الانتخابات التي تلتها، مما دفع إلى وضع كوتا مخصصة للبرلمان بقرار ملكي لتعزيز مشاركتهن في الحياة البرلمانية والسياسية.
بدأ العمل بنظام الكوتا في انتخابات مجلس النواب الرابع عشر عام 2003، حيث تم تخصيص كوتا للنساء لأول مرة، بموجب قانون الانتخاب رقم (34) لعام 2001 والذي عدل في عام 2003.
في تلك الانتخابات، ترشحت 54 سيدة بنسبة 6.6% من إجمالي المترشحين 819، ومع ذلك، لم تفز أي مرشحة بالتنافس، وإنما عبر المقاعد المخصصة للكوتا.
تأثير القانون الجديد على مشاركة المرأة
أشهر قليلة تفصلنا عن إجراء الانتخابات النيابية لمجلس الـ 20 لعام 2024، والتي ستعقد في العاشر من شهر أيلول المقبل. تأتي هذه الانتخابات في ظل قانون انتخاب جديد تم تصميمه لزيادة نسبة مشاركة المرأة وضمان تمثيلها تحت قبة البرلمان بنسب أعلى مما سبق خلال الدورات النيابية السابقة.
يهدف القانون الجديد إلى تعزيز دور المرأة في العملية السياسية من خلال عدة آليات وإجراءات، تشمل هذه التعديلات زيادة نسبة المقاعد المخصصة للنساء لضمان تمثيلهن بشكل أكبر في البرلمان، وتشجيع الأحزاب على ترشيح النساء من خلال تضمينهن في القوائم الانتخابية.
ورفع القانون عدد أعضاء مجلس النواب من 130 الى 138، منها 41 مقعدا مخصصا للأحزاب، كما تم إدخال تعديلات تضمن تمثيلا نسائيا أكبر، بما في ذلك شرط أن تكون نسبة السيدات في الأحزاب 20% على الأقل، وتخصيص 18 مقعدا للنساء على مستوى الدوائر الانتخابية، بدلا من 15 كما كانت سابقا.
كما اشترط القانون وجود شاب أو شابة يقل العمر عن 35 سنة، ضمن أول 5 مترشحين في القائمة الحزبية المترشحة للدائرة العامة، وأعطى القانون للمرأة حق اختيار مسار الترشح الخاص بها، إما على المقاعد المخصصة للنساء الكوتا أو مسار التنافس الحر مما يساعد المرأة على الترشح ضمن القوائم المحلية.
في تصريحات سابقة، يشير وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، المهندس حديثة الخريشه، إلى أن الانتخابات النيابية 2024 ستكون فرصة تاريخية غير مسبوقة للمرأة الأردنية لزيادة نسبة تمثيلها تحت قبة البرلمان.
ويضيف أن القانون الجديد يلزم الأحزاب بتخصيص مقعدين على الأقل للمرأة من بين المقاعد الستة الأولى في قوائمها الانتخابية، مما يجعل من المتوقع أن تصل نسبة المقاعد التي تشغلها النساء في البرلمان القادم إلى أكثر من 20%..
مديرة وحدة تمكين المرأة في الهيئة المستقلة للانتخاب، سمر الطراونة تصف المرحلة الحالية بعد التعديلات على قانون الانتخاب الجديد "ببيئة الفرصة السياسية للمرأة الأردنية"، وقد نص القانون على مبدأ زيادة عدد المقاعد المخصصة للمرأة من 15 إلى 18 مقعدا في 18 دائرة انتخابية، مما يرفع نسبة تمثيل المرأة كحد أدنى في المجالس النيابية.
ويتيح القانون للمرأة بحسب الطراونة، الاختيار بين مسار الكوتا أو التنافس في القوائم المترشحة، مما يسهم في زيادة تمثيل المرأة في المدى القريب ، وظهر تبني مبدأ الشمولية وتعزيز الفرص بوضوح في تعزيز فرص المرأة المسيحية والشركسية والشيشانية ، فأصبح لديها فرص متعددة تشمل كوتا مقعد المرأة، والمقعد المسيحي، ومقعد التنافس.
وتضيف إلى ذلك، أن اختيار المرأة للمسار الذي يناسبها جعلها مصدر قوة يعزز فرصة نجاح القوائم في الدائرة المحلية دون الخوف من تأثيرها السلبي على النتائج.
الأحزاب .. ودعم المرأة
أمين عام المكتب السياسي لحزب الشعب الديمقراطي عبلة أبو علبة تشير إلى أن القانون هو الأساس في تمكين المرأة من الوصول إلى قبة البرلمان بشكل موضوعي، موضحة أن القانون يجب أن يوفر قاعدة تشريعية تدعم مشاركة أوسع للفئات المجتمعية، وخاصة المرأة، نظرا لدورها الكبير في المجتمع.
وتؤكد أبو علبة أن القانون الجديد يمنح فرصا جيدة للنساء من أبرزها زيادة نسبة الكوتا النسائية، ووضعهن في مواقع متقدمة في القوائم الحزبية، وبهذا تتيح الفرصة للأحزاب السياسية لتقديم كفاءات نسائية ضمن هذا الترتيب المتقدم، متوقعة وصول ما يقارب 25 امراة الى البرلمان المقبل من خلال الدوائر المحلية او القوائم الحزبية، حيث ستكون النساء حتما في دائرة التنافس.
وتتوقع وجود سيدات ذات نوعية وكفاءة في المجلس القائم، مشيرة إلى أن التحدي يقع على عاتق الأحزاب والقوائم المحلية لتقديم نساء يمتلكن ميزات تقنع الناخبين باختيارهن. وذكرت أن هناك سيدات مؤهلات ولديهن خبرات في العمل السياسي والعام والقانوني، مما يعزز فرص نجاحهن في الانتخابات.
وتوضح أننا لسنا في مرحلة الدعوة لضرورة وجود المرأة في البرلمان، فهذا الأمر قد مضى عليه وقت طويل، بل نحن في مرحلة زيادة عدد النساء في البرلمان، بحيث يكون هناك نساء كفؤات وقادرات على تقديم الرسالة الملقاة على عاتقهن وفقا لما نص عليه في الدستور.
مدير برنامج راصد في مركز الحياة، عمر النوايسة يرى أن المرأة القوية ستجد مكانها في الخارطة البرلمانية الانتخابية، مشيرا إلى أن القوائم الانتخابية تبحث عن النساء القويات اللواتي يمكنهن جلب أصوات أعلى، مؤكدا على أهمية تحمل المرأة جزءا من المسؤولية في حملتها الانتخابية ، وعدم الاعتماد فقط على القائمة الانتخابية، بل المبادرة بالتواصل مع الناخبين وعرض برامج انتخابية فعالة.
من ناحية أخرى، ترى الطراونة أن تخصيص مقعدين للمرأة من بين أول ستة مرشحين على القائمة العامة المخصصة للأحزاب، سيزيد حتما من فرص زيادة تمثيل النساء في المجالس النيابية، لذلك فانعكاسات القانون على زيادة نسبة تمثيل المرأة كبير جدا، وعلينا ألا ننظر فقط للانتخابات المقبلة، بل علينا النظر الى المستقبل الذي يضمن تغييرا مهما على صعيد تركيبة مجلس النواب، ومستوى الحضور المؤثر للمرأة، التي أثبتت بأنها أهل للثقة، و استحقت ثقة الناخبين.
وتؤكد على دور الأحزاب المحوري في تمكين المرأة وتفعيل دورها في العمل السياسي إلى عملية بناء القدرات التي تؤهلها وتمكنها وتزيد من فرصها بالمشاركة الفعالة، والخروج من النظر إلى الأرقام والنسب فقط إلى الدور الفعال.
وتدعو الأحزاب إلى تضمين برامجها رؤى لتمكين المرأة وتصدير قيادات نسائية حزبية تشجع الأردنيات على الانتساب والمشاركة.
تحديات ومخاوف مستمرة
القانون الجديد عالج بعض التحديات التي تواجه المرأة، إلا أن المخاوف والتحديات لا تزال قائمة وقد تؤثر على قرار النساء في خوض الانتخابات.
يقول النوايسة، إنه بالرغم من المزايا العديدة في قانون الانتخاب للمرأة، إلا أنها لا تزال تواجه العديد من التحديات، مثل التمكين الاقتصادي والقدرة على إدارة حملتها الانتخابية، مما يقلل من حافز النساء لخوض الانتخابات .
ويضيف أن خطاب الكراهية والتنمر الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي يساهم بشكل كبير في تراجع بعض النساء عن فكرة الترشح، نظرا لما تعرضت له مرشحات سابقات من عن انتخابي وتنمر، مشيرا إلى أن هناك بعض المعوقات الاجتماعية التي تواجه النساء، رغم أنها أقل حدة مقارنة بالسابق، فقد شهدنا بعض العشائر والتجمعات المناطقية ترشح نساء للانتخابات لإحداث تغيير، ولكن هذا قد يكون سلاحا ذو حدين.
ولتحقيق أهداف المرأة للوصول إلى المجلس النيابي يوصى النوايسة بضرورة تعزيز حملات التوعية من خلال تكثيفها لدعم المرأة وتشجيعها على المشاركة في الانتخابات دون خوف أو تردد، بالاضافة إلى تشجيع الأحزاب على الالتزام بالقانون ومراقبة التزام الأحزاب السياسية بالقانون الجديد وتشجيعها على ترشيح النساء.
وتعمل الهيئة المستقلة للانتخاب واللجنة الوطنية لشؤون المرأة، بصفتها الآلية الوطنية المعنية بقضايا المرأة، على توحيد الجهود ومنع الازدواجية من خلال وضع خطة عمل مشتركة تهدف إلى تعزيز مشاركة المرأة السياسية في الانتخابات والأحزاب خلال الانتخابات النيابية القادمة.
ومن أبرز محاور هذه الخطة، بحسب الطراونة، تقود الهيئة مبادرة وطنية لرصد ومتابعة حالات العنف الانتخابي ضد المرأة في السياق الأردني، سواء كان ذلك في الحياة العامة أو الإلكترونية، وضمان الاتساق والتناغم مع الأطر القانونية والتشريعية.
التخطيط للانتخابات
استنادا إلى تجربتها على مدار الأربع سنوات الماضية، تقول النائب أسماء الرواحنة إن التعديلات على قانون الأحزاب والانتخاب إيجابية مبدئيا، خاصة مع زيادة نسبة الكوتا النسائية الى 18 سيدة وتعديل قانون الاحزاب، مما سيؤدي إلى تواجد أكبر للنساء في مجلس النواب، ومع ذلك، تشير إلى وجود مخاوف من استمرار الاعتماد على النساء ذات الثقل العشائري لتحقيق نجاح القائمة أو الحزب مما يؤثر على جودة الكفاءات في المجلس، مؤكدة أنه على النساء الراغبات في الوصول إلى مجلس النواب أن يكن نائبا فعليا وليس مجرد رقم، من خلال الأداء الفعال والحضور القوي والشخصية المؤثرة.
من جهتها، تقول النائب زينب البدول إنه رغم إيمان المجتمع الأردني بقدرة المرأة على تحقيق الإنجازات، يجب تعزيز هذه الفكرة وزيادة تواجد المرأة في مختلف المواقع دون معوقات، مؤكدة على أهمية الخبرة السياسية للنساء، خاصة الجديدات في المجال السياسي، مشيرة إلى أن مجلس النواب لا يوفر الأدوات اللازمة لتعزيز مهارات النواب وتطوير معرفتهم، مضيفة أن مجلس النواب لا يجب أن يقتصر على الخدمات الفردية مثل التعيين والتوظيف، بل يجب أن يضم نوابا متخصصين في مجالاتهم قادرين على فهم الرقابة والتشريع بشكل جيد.
أما العتوم، فتذكر عند وصولها إلى مجلس النواب، كانت تمتلك خبرة في مجال التعليم فقط نظرا لمسيرتها العملية كمديرة مدرسة، ومع ذلك لم تكن لديها خبرة في مجالات أخرى مثل القوانين المتعلقة بالصحة والاقتصاد والطفل والشباب والقطاعات الأخرى، لذلك كانت تضطر لحضور كافة اجتماعات اللجان بما في ذلك اللجنة المالية لتشكيل فهم شامل لما يدور في المجلس وفهم المواد القانونية المطروحة.
على الرغم من وصول بعض النساء إلى المجلس، إلا أن أداءهن كان ضعيفا في بعض الحالات، مما جعل البعض يعتقد أن النساء لا يصلحن للعمل النيابي، بحسب العتوم.
الأداء النسائي تحت قبة
فيما يتعلق بأداء البرلمان التاسع عشر، أظهر تقرير مركز الحياة "راصد" أن النائب زينب البدول كانت الأعلى تقديما للأسئلة النيابية بـ 179 سؤالًا، وتلتها النائب صفاء المومني بـ 111 سؤالا، وقدم المجلس 321 مذكرة نيابية خلال الأربعة أعوام، حيث قدمت النائب دينا البشير 8 مذكرات.
أما فيما يخص حضور الجلسات، فلم يلتزم أي من البرلمانيين بحضور جميع الجلسات خلال الأربعة أعوام، وكانت النائب آمال الشقران من بين الأعلى التزاما بحضور الجلسات بغيابين فقط، تلتها النائب فليحة الخضير بـ 3 غيابات، ومن ثم النائب ميادة شريم بـ 5 غيابات.
لتعزيز توعية المرأة في العمل السياسي، توضح الطراونة أن الهيئة تعمل بالتعاون مع عدة جهات دولية شريكة لتطوير برامج تعنى بتمكين المرأة في الحياة السياسية بشكل عام. من بين هذه المشاريع والبرامج، تم إطلاق استراتيجية وطنية بالتعاون مع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية لتوعية المرأة في كافة المحافظات بحقوقهن في الانتخاب والترشح والانتماء للأحزاب السياسية.
في إطار سعي الهيئة لترجمة مفهوم الإدارة الانتخابية الشمولية، قامت بتخصيص الهدف الخامس ضمن خطتها الاستراتيجية العامة لتعزيز مشاركة النساء والشباب وذوي الإعاقة في الانتخاب والأحزاب ودمجهم في معظم الأنشطة والبرامج الانتخابية.
كما أنشأت وحدة لتمكين المرأة ضمن هيكلها التنظيمي لمؤسسة الجهود المبذولة لتعزيز مشاركة المرأة تحت شعار "تمكين وفرص متكافئة".
ووضعت هذه الوحدة، وفق نهج تشاركي مع الجهات ذات العلاقة، الإطار المرجعي لتمكين المرأة في الانتخاب والأحزاب (2024-2026) والذي يشكل خارطة طريق للهيئة والشركاء لتحقيق المشاركة الكاملة والفاعلة من خلال تذليل التحديات والحواجز السياسية والاقتصادية والإجرائية والثقافية والاجتماعية باعتبارها مسؤولية مشتركة.
هذا التقرير من إنتاج شركة ويش بوكس ميديا في عمان وبالتعاون مع برنامج قريب، الذي تنفذه الوكالة الفرنسية لتنمية الإعلام وتموله الوكالة الفرنسية للتنمية AFD.
المصدر: الهيئة المستقلة للانتخاب