صحة المواطنين بين يدي مطاعم الشعبية والمتنقلة

الرابط المختصر

عمان - طارق الحميدي - مضمون جديد

في يوم مشمس وحار ارتفعت فيه الحرارة 6 درجات عن معدلاتها السنوية ووصلت إلى (36) مئوية، وضعت مقلاة الزيت الخاصة "بالفلافل" في تحت أشعة الشمس الحارقة، في حين أن قلة تغيير الزيت حولته  إلى اللون الداكن.

تخرج حبة الفلافل بلون قاتم من الزيت ذو الرائحة القوية،  فيما ينتشر عمال المطعم الذين لا يرتدون زيهم الخاص أو القفازات.

كل ذلك اعتاد عليه المواطنين .. ولكن ما لم يستطع عبدالله السلامين استيعابه هو وجود المرافق الصحية بالقرب من مطبخ المطعم.

الغريب ان كل هذه الظروف لم تمنع المواطنين من الإقبال بكثافة على المطعم الذي يوجد في أحد أحياء شرق عمان المكتظة سكانيا.

اعتاد المواطنون في هذا الحي على التوجه يوميا للمطعم  للشراء منه على الرغم من عدم تطبيقه للاشتراطات الصحية وذلك على اعتبار أنه أطعمته مميزة ولذيذه ولها نكهة خاصة "بحسب سكان الحي".

بينما كان يقف في طابور طويل، علق أحد المواطنين:"ما بيهمني شكل المطعم أو القفازات أو غطاء الرأس كلها حكي بلا طعمه، انا اللي بهمني أكله رخيص وزاكي".

ببساطه يلخص هذا المواطن ما يبحث عنه كثير من الأردنيين من المطاعم بـ "الحصول على الغذاء اللذيذ بأقل الأسعار"، لكن ألا يوجد لجودة الطعام وسلامته أي اعتبار؟

تستغل كثير من المطاعم الشعبية بعدها عن أجهزة الرقابة الحكومية، لتقوم  بعرض الأغذية في ظروف بعيدة عن تطبيق الشروط السلامة الصحية لتبقى حياة المواطنين رهينة لضمائر أصحاب المحلات أو لقدرة الأجهاز الرقابية على رصد هذه المطاعم.

ورغم أن الحصول على الغذاء الآمن حق للمواطنين، ولكن هل لدى المواطنين ثقافة عامة لحقوقهم المتعلقة بطعامهم؟ وهل تعمل الجهات الرقابية على تحقيقه؟ وهلا يحترم أصحاب المطاعم بالفعل هذا الحق؟.

المطاعم الشعبية والتي زادت في المملكة عن 40 ألف مطعم بحسب أرقام المؤسسة العامة للغذاء والدواء تصنف بأنها مؤسسات ذات عالية الخطورة بسبب الأعداد الكبيرة من المواطنين الذين يقصدونها يوميا للحصول على الغذاء منها.

تقول مديرة الرقابة الصحية والمهنية في امانة عمان الكبرى الدكتورة ميرفت مهيرات "لمشروع مضمون جديد" إن الدائرة ادخلت فحص الاوكسي فراي في موضوع في زيت القلي - وهو فحص ميداني يظهر نتائج مبدئية- لمساعدة المراقبين في اتخاذ القرار قبل الإرسال للمختبر.

واضافت أن اختيار هذا الفحص جاء بناءا على دارسة اجرتها الجمعية العلمية الملكية لتحديد أفضل الفحوصات المتوفرة في الأسواق ومقارنة نتائجها بطريق التقلية واستخدام الأجهزة المخبرية.

وللتأكد من ان تغيير الزيت لما يسببه من عواقب وخيمة على الصحة مثل السرطات لارتفاع التأكسد تم إعلام النقابات (أصحاب المطاعم والمواد الغذائية) بأننا سنتخذ عقوبات رادعة بالتعاون مع محكمة.

وأضافت مهيرات أن شراء هذه الأجهزة أو خلو العينات لا يعني  عدم وجود مخالفين ولكن نستطيع القول بأنها قلت والعمل جار على القضاء على المخالفات.

أما بالنسبة لموضوع الشاورما فقالت أنه تم وضع اشتراطات جديدة مع المؤسسة العامة للغذاء والدواء للمارسة مهنة شاورما مما حد من الطرق العشوائية في تداولها بعد كارثة التسممات عام 2006 ولكن هناك رصد لجرثومة السالمونيلا تمت هذا العام لمعرفة هل من احتمالية الحدوث ام لا .

وبينت مهيرات أنه تم عزل بعض العينات، وبعد التقصي عن السبب تبين بان  بعض العاملين مصابين او نتيجة للتعامل الخاطئ لمادة الشاورما أو لإعداد المايونيز داخل المحل او بسبب المياه او لعم غسل الخضار(لم يتم العزل من مادة الشاورما لكن من مواد أخرى داخل المطعم وذلك بسبب أن لحمة الشاورما تتعرض لدرجات حرارة عالية تصل 70 درجة مئوية كافية لقتل الجرثومة.

ويعتبر مختبر الأمانة المختبر الوحيد الذي يفحص عجينة الفلافل للتأكد من عدم غشها في الخبز آو أي شوائب أخرى.

وقال مدير الغذاء في المؤسسة العامة للغذاء والدواء الدكتور محمد الخريشة أن المستهلك في كثير من الأحيان لا يعرف حقوقه وبالتالي لا يتمتع بالغذاء بالشكل الآمن والمطلوب صحيا.

وأوضح أن وجود 40 ألف مطعم في المملكة يجعل من الصعب أو المستحيل رقابتها جميعا مما يضع مسؤولية على كافة الأطراف بضرورة رفع التوعية عند المواطنين.

واضاف أن تداخل الجهات في التراخيص لهذه المطاعم يجعل من الصعب أيضا السيطرة عليها مؤكدا على أهمية جمع الجهود المبعثرة خاصة في البلديات الصغيرة والبعيدة عن العاصمة.

وأشار إلى أن المؤسسة قامت بتنفيذ 225 ألف زيارة تفتيشية على كافة المؤسسات الغذائية خلال العام الماضي إلا أنه أشار أن الأعداد الموجودة من المراقبين لا تكفي من أجل السيطرة والرقابة على كافة المطاعم.

مطاعم متجولة

ولكن هذا لا شيء امام عربات متجولة بأطعمتها المكشوفة. يدرك المواطنون أن الأطعمة في الأردن تعاني من ضعف في الرقابة، وشاهدهم على ذلك انتشار الباعة المتجولون في معظم المناطق من دون أي خوف، ومرده عدم وجود رقابة حقيقية من الجهات المعنية.

في إحدى المناطق الحرفية، في ضواحي عمان، يطوف أحد الباعة بعربته المتجولة ليبيع "كعك" البيض أو الفلافل, فيما معظم زبائنه من العاملين في الورش المتوزعه في المنطقة.

السكين التي يستخدمها لتقطيع البيض, هي ذاتها التي تستخدم لدهن الجبنه أو توزيع الطماطم والفلافل داخل "الكعكة", بينما كانت تترك على طرف العربة مكشوفة.

ليس هذا وحسب. بل انه ومن أجل ان يبرهن للزبون بانه بائع نظيف، يقوم بعد كل عملية تقطيع للبندورة او للخيار وغيرها بمسح سكينه بمريوله، ما يعني زيادة في اعداد وانواع الجراثيم في الشطيرة الواحدة.

صاحب العربة "سليم" الذي يأتي يوميا من منطقة الوحدات إلى تلك المنطقة يقول إنه لم يحصل يوما أن تعرضت أغذيته للتلف رغم تجواله طوال النهار وخاصة الظهيرة بين الأحياء.

وأكد أنه لم يتلق شكوى من أحد من زبائنه طوال فترة امتهانه للبيع على العربة والذي بأه منذ أكثر من 17 عاما.

واشار بتهكم "شو الفرق بين المطاعم والعرباية ؟ كل الاكل واحد".