تحذيرات من ارتفاع معدلات البطالة بين خريجي الجامعات وانتقادات واسعة لخطط اصلاح التعليم

الرابط المختصر

الجامعات بحاجة الى 100 مليون دينار سنويا لاستيعاب الطلبة المقبولين

عمّان - وليد شنيكات - مضمون جديد
تتزايد مخاوف حكومية من ارتفاع أعداد الطلبة المقبولين في الجامعات الرسمية سنويا, في وقت لا تخفي أوساط أكاديمية قلقها المتعاظم من "انفجار طلابي" قد يحدث في هذه الجامعات خلال السنوات القليلة المقبلة, بسبب تراجع جميع خطط إصلاح التعليم العالي, حيث يتوقع أن يتجاوز عدد الطلبة الخريجين من مختلف الجامعات الرسمية والخاصة سنويا 80 الف طالب وطالبة مما يترك أعباء كبيرة على وزارة التعليم العالي في استيعاب هذا العدد الهائل من الطلبة, بينما تتراجع الفرص اللازمة لاستيعاب هؤلاء في سوق العمل الذي يعاني من "تخمة عمالية"واضحة.

 

 

أثبتت دراسات وإحصائيات ديوان الخدمة المدنية أن مجمل ما يمكن توفيره من وظائف للخريجين بشكل سنوي يتراوح بين 10- 25 الف فرصة عمل داخل الأردن وخارجه وهذا لا يكفي, حيث تخرج الجامعات نحو 50 الف طالب وطالبة وهو ما يؤكده رئيس جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور اخليف الطراونة لـ  "مضمون جديد" الذي يرى أن الحل يكمن في الإسراع في تطبيق نظرية "الهرم المقلوب" على الجامعات فبدلا من قبول 85% يتم قبول 15% كجزء من حل مشكلة البطالة والقبولات في الجامعات الرسمية وإنقاذ التعليم العالي مما يعاني منه".

 

 

ويصف الدكتور الطراونة نظام القبول في الجامعات الرسمية ب¯ "المشوه" حيث من المفترض أن تقبل الجامعات ما نسبته 15%  ويتم قبول 85% في الكليات التقنية, بينما الحاصل هو العكس, فالأزمة التي تواجهها الجامعات سببها التوسع في قبول الطلبة في البرامج الأكاديمية على حساب القبول في الكليات المتوسطة وهذا له انعكاس سلبي على مستقبل التعليم من جهة وارتفاع معدلات البطالة من جهة أخرى.

 

 

يصل عدد الطلبة الملتحقين بالجامعات "الرسمية والخاصة" 200 ألف طالب وطالبة فيما يبلغ العدد في كليات المجتمع المتوسطة 35 ألف طالب وطالبة فقط, وترجع الزيادة الكبيرة في أعداد المقبولين وأثرها على اتساع مساحات البطالة في المجتمع الى  الزيادة السكانية الكبيرة, وارتفاع أعداد الخريجين من الثانوية العامة الذين يفضلون الالتحاق بالدراسة الجامعية التي تتطلب أعدادا كبيرة من أعضاء الهيئة التدريسية والمباني والتجهيزات العامة والمتخصصة حيث بلغ عدد هؤلاء 4772 عضو هيئة تدريس في الجامعات الرسمية, ويتزامن ذلك مع هجرة واضحة لأساتذة الجامعات الحكومية الى الجامعات الخاصة أو أخرى عربية نتيجة توفر فرص عمل مجزية برواتب مرتفعة.

 

 

ويزيد الدكتور الطراونة أن مشروع "الأكاديمية العليا للتعليم التقني" التي تم إجهاضها في مجلس النواب في وقت سابق كانت فرصة كبيرة لإنقاذ التعليم العالي كجزء من خلق فرص عمل للخريجين, فالأعداد المتزايدة للطلبة في الجامعات تواجه مشكلة سنويا في إيجاد فرص عمل وهذا سيؤدي الى خلل في المجتمع.

 

 

ومما يجعل الأمر أكثر تعقيدا أمام الخريجين من الجامعات القرارات الحكومية المتتالية بوقف التعيينات في المؤسسات المستقلة الى جانب عجزها عن توفير فرص عمل تستوعب هذا العدد من الخريجين, الأمر الذي ينبئ "بكارثة اجتماعية" محققة إذا بقيت الأمور على حالها حيث ستصاحب "بطالة الخريجين" أوقات فراغ عند فئة الشباب الحالم بالوظيفية وما سيكون عليه الحال فيما بعد من ارتفاع معدلات الجريمة أو الشغب الاجتماعي الذي يضرب في جميع محافظات المملكة.

 

 

كما يساهم التشابه الكبير في التخصصات الجامعية في تزايد أعداد العاطلين عن العمل فمثلا تخصص "الهندسة المدنية" يواجه خطر الإشباع بسبب الإقبال الشديد عليه فمعظم الجامعات تطرح نفس التخصصات كما يقول رئيس جامعة مؤتة الدكتور عبد الرحيم الحنيطي لـ  مضمون جديد" الذي يحذر من انهيار في تركيبة الجامعات, بالقول "لا يمكن فهم الواقع المرير الذي تعاني منه الجامعات الرسمية فالتخصصات متشابهة والقبولات غير منتظمة حيث نجد أن تخصص "الهندسة المدنية" يتخرج منه سنويا حوالي 7 آلاف في وقت هناك عجز في استيعاب لخريجي هذا التخصص وهناك كساد في معظم التخصصات في الجامعات.

 

 

أيضا التحذيرات الواسعة من ارتفاع معدلات البطالة في معظم التخصصات الجامعية انتقلت الى خريجي "الكليات الطبية" إذ تشير إحصائيات أن هناك وفرة في عدد الخريجين حيث تقبل الجامعات الرسمية كل عام حوالي 260 طالبا وطالبة في المقاعد الطبية بيد أن الدكتور الحنيطي يرى أنه قد تكون هناك بطالة في تخصصات طب الأسنان أو دكتور صيدلة لكن من المستبعد أن تحصل بطالة في صفوف خريجي الكليات الطبية الأخرى.

 

 

وأظهرت إحصائيات رسمية ان أعداد الطلبة الاردنيين الذين يدرسون تخصصات طبية في جامعات أجنبية بازدياد كبير حيث يتخرج سنويا اكثر من 600 طالب وطالبة من هذه الجامعات, بينما هناك تقنين واضح لشريحة الطلبة الاردنيين الذين يدرسون هذه التخصصات في جامعات أردنية يتخرج منهم سنويا حوالي 400 طالب وطالبة فقط بسبب إخضاع مؤسسات التعليم العالي لمعايير اعتماد الجودة والنوعية, ويترافق كل هذا مع توجه وزارة التعليم العالي لانشاء جامعة طبية خاصة غير أن الشروط الموضوعة أمام المستثمرين حالت دون نجاح المشروع ولو كتب لهذه الجامعة النجاح لوجدنا أن خريجي كليات الطب يعتصمون في الشوارع احتجاجا على عدم توظيفهم.

 

 

عموما نجد أن هناك أعباء هائلة أيضا تتركها أعداد المقبولين على الجامعات نفسها, فقد أكدت مصادر حكومية مسؤولة ان وزارة التعليم العالي تحتاج الى مليار دينار على مدى عشر سنوات, أي ما يعادل 100 مليون سنويا في الجامعات الرسمية للتوسع في المباني لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة بالرغم من مديونية ضخمة أثقلت كاهل الجامعات خلال السنوات الماضية وصلت الى 120 مليون دينار لم تسدد الحكومية منها سوى 40 مليون دينار فقط, رغم وجود خطة سنوية لسداد مديونية الجامعات غير أن ظروف الموازنة لم تساعد على ذلك. .