انتشار كثيف لابراج الاتصالات يثير قلق سكان المقابلين

الرابط المختصر

عمان- هدى الحنايفة – مضمون جديد منذ شيدت ابراج الاتصالات الثلاثة الضخمة في الحي الذي تقطنه ام هايل في المقابلين جنوبي عمان قبل نحو ست سنوات، وهذه المرأة لا تنفك تعاني الصداع حال الكثير من الاهالي. ولا تخفي ام هايل خشيتها من ان يتجاوز الامر مجرد الصداع الى انتشار امراض اخرى اشد خطورة مستقبلا بين سكان الحي البالغ عددهم اربعة الاف تقريبا. وتقول انها باتت تمنع ابناءها من اللعب خارجا بسبب مخاوفها من الابراج المدججة باللواقط واجهزة البث، والتي تبتعد عن بعضها بنحو مئة متر ولا تفصل احدها عن بيتها سوى 15 مترا. وتوضح : "كيف لا اخاف وانا اسمع عن التحذيرات من الهواتف الخلوية ومن اشعاعاتها. فاذا كانت الحال هكذا مع الهواتف، فماذا عن الضرر الذي يمكن ان ينجم عن مزود الإشعاع الأصلي في هذه الأبراج..؟!". وتوجد في الأردن 3 شركات رئيسة لتزويد خدمة الهاتف النقال وهي تمتلك اعدادا كبيرة من ابراج تقوية البث. وتتنافس هذه الشركة في ما بينها للوصول الى المباني والمناطق المرتفعة لنصب ابراج البث والتقوية. على ان مواصفات ومواقع الابراج تخضع نظريا الى شروط صارمة تحددها هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، وبما يتوافق مع ضرورات السلامة العامة. وتتقاضى الهيئة رسوما تعادل 200 دينار رسوما للبرج الواحد. ويقول المتحدث باسم الهيئة المهندس هيثم العتوم : "عند ترخيص الأبراج للشركات المعنية يتم الكشف من قبل الهيئة للتحقق من قيم الكثافة الكهرومغناطيسية المسموح بها ويتكرر ذلك دوريا فيما إذ وردت أي شكوى من قبل مواطنين". ولم يقدم العتوم ارقاما بشأن عدد الأبراج في منطقة المقابلين، قائلا انها "في تزايد ونقصان مستمرين، وذلك تبعا لانشطة الشركات نفسها في ما يتعلق بسياسة التغطية التي تتبعها كل على حدا". ومن المعروف ان هناك مقاييس عالمية واخرى محلية، تحدد اعداد الابراج ضمن حيز معين والمسافات التي يجب ان تفصل بينها حتى يتم التقليل من اثارها على البيئة والبشر. وايضا لم يوضح العتوم طبيعة المعايير المتبعة اردنيا بشأن اعداد الابراج ضمن الحيز والمسافات التي يجب ان تفصل بينها. والى جانب ابراج الاتصالات تنتشر في المقابلين وعلى امتداد حدودها عشرات من محطات التقوية الصغيرة المتخصصة بالاتصالات والراديو وخدمة الانترنت، ناهيك عن محطة توليد كهرباء. ويثير هذا الانتشار الذي يعد كثيفا نسبيا مخاوف السكان من اضرارها الصحية المحتملة، وخاصة السرطانات. وكما تبين منظمة الصحة العالمية، فان شدة مجالات أشعة التردد الراديوي لابراج ومحطات الهاتف الخلوي تكون عالية عند المصدر وتتناقص بسرعة مع البعد عنه. أما الاقتراب من الابراج والمحطات فهو ممنوع حيث أن مستوى الإشعاع يمكن أن يتجاوز الحدود الدولية المسموح بها وفقا للمنظمة. وهناك معايير عامة بشأن السلامة يجب اخذها في الاعتبار عند تركيب ابراج ومحطات الخلوي، ومنها ان يكون ارتفاع الهوائي أعلى من المباني المجاورة في دائرة نصف قطرها 10 أمتار، وان يتم وضع حواجز معدنية من جميع الاتجاهات. كما ينبغي أن تكون اسطح المباني من الخرسانة المسلحة، وان لا تقل المسافة بين أي محطتين علي سطح نفس المبني عن 12 متراً، وان لا تقل المسافة بين الهوائي والجسم البشري عن 12 مترا في اتجاه الشعاع الرئيسي. ولا يسمح بتركيب هوائي المحطة فوق أسطح المباني المستقلة بالكامل كالمستشفيات والمدارس ويجب عدم توجيه الهوائيات في اتجاهها. وعادة يوافق بعض اصحاب البيوت والمباني العالية على استضافة هوائيات المحطات على اسطحهم لقاء ايجارات مجزية تدفعها لهم شركات الاتصالات، لكن اخرين يرفضون بسبب مخاوفهم من تاثيرات تلك الهوائيات. وكما يخبرنا ابو فواز الذي يقع منزله في مكان مرتفع في المقابلين، فقد قام بتأجير السطح لشركة اتصالات لقاء ثلاثة الاف دينار سنويا. لكن الحاج ابو محمد رفض عرضا مشابها، مستهجنا موافقة الاخرين على اقامة المحطات فوق مبانيهم لاعتقاده الجازم بانها تؤثر على صحة المجاورين فضلا عن صحة اهل بيته. ويعبر عامل التمديدات الكهربائية ابو احمد عن هواجسه حيال تلك المحطات وكذلك هوائيات ولواقط ارسال وتقوية بث خدمة الانترنت والتلفزيون وغيرها، ويقول انه كلما مشى في السوق يتخيل موجاتها وهي تخترق جسمه. ويضيف الأمر ليس انكارا لنعمة التكنولوجيا التي سهلت علينا الكثير من امور حياتنا، ولكنها ضريبة بغيضه فيما نقرأ ونسمع من مخاطر ناجمه عنها..!. على ان المتحدث باسم هيئة تنظيم الاتصالات المهندس هيثم العتوم سعى الى طمأنة المواطنين قائلا ان الهيئة تتبنى في عملها معايير دولية تكفل عدم حدوث أي تأثير على صحة الانسان بسبب تلك المحطات والابراج. أما في ما يتعلق بتوزيعها ومجاورتها للمساكن وتزاحمها، فان العتوم يوضح ان هذا الامر من اختصاص البلديات. ويضيف انه في العديد من الحالات من الضروري انشاء الأبراج في اماكن سكنية مكتظة لحل مشكلة الضغط على الشبكات ولتامين تغطية مطلوبة للزبائن ولا يمكن منع شركة من ذلك لكنها تلزم بتعليمات الهيئة الفنية. ويبين خبير متخصص فضل عدم ذكر ن اسمه، ان هناك تاثيرات مثبتة للتعرض الكثيف للموجات الصادرة عن محطات بث وتقوية الاتصالات الخلوية، ومنها الامراض العصبية وامراض القلب والصداع المزمن. لكنه يشير الى انه لا توجد حتى الان دراسة تؤكد ان الطيف الكهرومغناطيسي الذي تصدرة هذه الأبراج يسبب السرطان، وان كانت هناك دراسات تثبت تاثير هذا الطيف على خلايا الجسم خصوصا عندما يكون بمستويات مرتفعة. ويقول الخبير ان معايير قياس الأشعة مشكك فيها وهي تحتاج الى أهل خبرة. ويلفت الى ان دراسة أجراها مركز السيطرة على الأمراض والوقاية في الولايات المتحدة بينت ان تعرض الإنسان إلى مستويات مرتفعة يمكن أن يحدث تغيرا بيولوجيا سيء الأثر على صحة الإنسان. وتؤكد الدراسة ان لجوء بعض الشركات الى زيادة قدرة الطيف للحصول على تغطية افضل ينطوي على مخاطر كبيرة. وتشدد دراسة اخرى لجامعة بوسطن الأميركية على ضرورة ابعاد ابراج البث والتقوية عن مناطق الازدحام السكاني بما يقرب من 300 متر حول محيطها تفاديا لأي اضرار على المدى البعيد. وبعبارات حاسمة يقول الخبير ان مدى التاثير مرتبط بطريقة البث التي تتبعها الشركات من خلال محطاتها في المناطق السكنية، فاذا كانت مباشرة او ما يعرف باسلوب سكاي شاين، فان الضرر حاصل ولا يستطيع احد نفيه، على حد تعبيره. ويضيف انه اذا كان الاسلوب المتبع هو البث من تحت الهوائي، فان ذلك يخرجه من دائرة الشكوك. وقد امتنعت شركات الاتصالات الثلاثة الكبرى في المملكة عن بيان اسلوب البث الذي تتبعه عبر محطاتها وابراجها.