اقتصادي: توصيات موازنة 2025 "لا تعالج التحديات الاقتصادية"

الرابط المختصر

في إطار مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2025، أعلنت اللجنة المالية النيابية توصياتها النهائية، مؤكدة ضرورة تخفيض النفقات بمقدار 40 مليون دينار، وتوجيهها لتحسين رواتب العاملين والمتقاعدين. 

كما شملت التوصيات دعم المشاريع الكبرى مثل مشروع الناقل الوطني لتحلية المياه، ومشروع سكة الحديد، بالإضافة إلى تعزيز إمكانيات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.

التوصيات، التي تضمنت 13 محورا و51 توصية للحكومة، اعتبرت بمثابة خارطة طريق لمواجهة التحديات الاقتصادية وتعزيز التنمية المستدامة، ومن المقرر أن يبدأ مجلس النواب يوم غد الإثنين مناقشة مشروع قانون الموازنة، على أن يتم التصويت على مواد القانون والتوصيات المرفقة، وفقا لأحكام الدستور والنظام الداخلي للمجلس.

الخبير في الاقتصاد السياسي، الدكتور زيان زوانة، يرى أن ما ورد في تقرير اللجنة لا يتعدى كونه إعادة لما تطرق إليه الخبراء والمختصون على مدى سنوات، واصفا التوصيات بأنها "تحصيل حاصل"، مشيرا إلى أن بنودا مثل تعزيز إمكانيات الأجهزة الأمنية أو دعم مشاريع استراتيجية كـ"الناقل الوطني" وسكة الحديد لا تمثل جديدا يذكر، وإنما تؤكد المؤكد.

أما بخصوص التوصيات المتعلقة بتخفيض النفقات وزيادة الرواتب، فيعتبرها زوانة "مجرد شعارات"، موضحا أن آلية العمل داخل اللجنة المالية ومجلس النواب تجعل هذه التوصيات أقرب إلى طقوس روتينية "لا تسمن ولا تغني من جوع"، ولا تلبي الطموحات ولا تعالج التحديات الاقتصادية.

 

لابد من عملية التطوير

في ظل مرحلة التحديث السياسي للانتخابات، التي تشمل الانتخابات الحزبية  ووجود كتل حزبية داخل مجلس النواب مع توافقات بين هذه الكتل والطموح نحو تشكيل حكومات حزبية في المستقبل، يرى زوانة أن هذه المنظومة الجديدة تتطلب تحديث آليات عمل مجلس النواب بما يتناسب مع هذا التطور، مشيرا إلى أن الآليات الحالية، التي يعتمدها المجلس المالي ومجلس النواب، تعود إلى فترة ما قبل التحديث السياسي، عندما لم تكن هناك أحزاب داخل المجلس أو كتل حزبية منتخبة، مما يفرض ضرورة تطوير آليات العمل البرلماني وتحديدا العلاقة بين مجلس النواب والحكومة.

من جانبه يؤكد وزير المالية الأسبق، الدكتور محمد أبو حمور أن نسبة الإنجاز في رؤية التحديث الاقتصادي لهذا العام بلغت حتى الان 22.5% من الخطط والبرامج والاستراتيجيات المستهدفة حتى عام 2024.

ويشدد أبو حمور على اهمية هذه الرؤية التي تتطلب استثمارات ضخمة تصل إلى مليارات الدنانير على مدى عشر سنوات، لتحقيق تحديث اقتصادي شامل، مع هدف توفير مليون فرصة عمل خلال العقد المقبل، بمعدل 100 ألف فرصة عمل سنويا.

وفي إطار التطوير المقترح، يشير زوانة لى ضرورة تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب وآليات عمله، بما يضمن تكاملا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، بالإضافة إلى تطوير الأنظمة والتعليمات لمجلس الأعيان، ويرى أن هذه التعديلات ضرورية لتحقيق الانسجام مع التحديث السياسي وتمهيد الطريق لحكومات حزبية قادرة على التأثير العملي في حياة المواطنين.

ويضيف زوانة أن تطوير الأحزاب يجب أن يترافق مع وضع برامج اقتصادية واضحة تطرح في الانتخابات، بحيث تصبح هذه الأحزاب مطالبة بتحقيقها عند تشكيل الحكومة، وبهذا، تصبح الأحزاب حجر الأساس للحكومات المقبلة، حيث تنعكس برامجها الاقتصادية على مشاريع الموازنات الجديدة بما يتناسب مع رؤى التحديث السياسي.

أبرز التوصيات

كانت اللجنة المالية النيابية، قد أوصت خلال اجتماع عقدته الخميس الماضي برئاسة الدكتور نمر السليحات، عقب انهاء جلساتها لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، بإجراء خفض 40 مليون دينار "من النفقات والمصاريف غير الحميدة كفواتير المياة والسفر والسيارات" من الموازنة العامة وتحويل المبلغ الى أبواب أخرى.

ويشير السليحات إلى أن اللجنة المالية درست كافة تفاصيل موازنات الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية واثر ذلك على نتائج اعمالها التي تنعكس على مستوى تقديم الخدمة للمواطن وعلى البيئة الاستثمارية وعلى معدل الفقر والبطالة ومعدل التضخم وبالنهاية النمو في الناتج المحلي الاجمالي وهو المهم.

كما أوصت اللجنة بضرورة العمل على كبح نمو خدمة الدين العام، والطلب من المجتمع الدولي تحديد نسبة الفائدة على القروض الميسرة بما لايتجاوز 2 %، كما أوصت بتخفيض النسبة العامة على المبيعات بما لا يقل عن 1 % وإعادة دراسة العبء الضريبي واثره على المواطن والاقتصاد الوطني ومنحنى الايرادات الضريبية، والتزام وزارة المالية بالمدة المحددة لرديات ضريبة المبيعات لتمكن القطاع الخاص من اعادة الدورة الاقتصادية.

وتدعو اللجنة في توصياتها الى زيادة رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين العسكري والمدني للمحافظة على مستوى دخلهم لتأثره في معدلات التضخم التراكمي، وتوفير كافة الامكانات لجيشنا العربي والاجهزة الامنية التي تعمل بكفاءة وتفان.

وتضمنت التوصيات الاستمرار في تعزيز الامن الغذائي ورفع جهود الاعتماد على الذات والحد من تقلبات الاسعار، ودعم ورعاية التعاونيات الزراعية لتكون مجتمعات مصغرة وتمكينها من الزراعات النوعية وجعلها نموذجاً في التوسع و النجاح، وايجاد برامج متكاملة للمزارع الصغير وتوفير احتياجات الانتاج وقروض بدون فائدة.

 

ملامح الموازنة

كانت الحكومة أقرت مشروع قانون الموازنة العامة 2025، وسط أرقام غير مسبوقة في تاريخ المملكة، حيث بلغت النفقات المتوقعة 12.5 مليار دينار، وفقا لخبراء اقتصاديين، كما ارتفعت الموازنة الجديدة للإنفاق العام بنحو 16.5% عن مستواها المعاد تقديره لعام 2024، وذلك لتغطية تمويل المشاريع الكبرى، وبناء المستشفيات والمدارس الجديدة، وصيانة المستشفيات والمدارس الحالية، بحسب الحكومة.

كما أن مشروع القانون يخفض العجز الأولي لعام 2025 إلى ما نسبته 2 % من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع ما نسبته 2.9 % عام 2024، في المقابل، قدرت الإيرادات العامة لعام 2025 بنحو 10.233 مليار دينار، مما يثير تساؤلات حول كيفية سد الفجوة بين الإيرادات والنفقات في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه المملكة.