النازحون السوريون اكتظاظ في بقع آمنة عسكريا مدمرة بيئيا

الرابط المختصر

ريف حلب – محمد اقبال بلو - مضمون جديد

عبد الرحمن الحسن مواطن من ريف حلب ترك بيته ورحل إلى قرية صغيرة آمنة بالقرب من قريته رأى انها قد لا يطالها قصف قوات النظام السوري.

الحسن يعيش اليوم مع اسرته في مدرسة صغيرة بالقرية، حيث تتشارك العديد من العائلات هذا المكان، بعد أن امتلأت بيوت القرية بالنازحين ولو يبق لهم سوى المدارس مكاناً للإقامة.

سبع قرى وبلدات كبيرة تعيش اليوم في هذه القرية الصغيرة، فهي المكان الوحيد الآمن الآمن حتى الان.

الحسن لا يثق بقدرة القرية على استيعاب كل هذه الاعداد التي تلجأ لها وهو يعي كما قال لـ مضمون جديد ان زيادة الكثافة السكانية في رقعة صغيرة تعتبر مشكلة كبيرة لو استمر الحال كما هو.

ليس توفير الطعام والماء وحده المشكلة في قرية معارة الأرتيق في ريف حلب الشمالي. يقول الحسن: حتى القمامة الناتجة عن مخلفات بيوتها أصبحت تملأ الشوارع في ظل انعدام الخدمات التي كانت الدولة تقدمها سابقا من نظافة وغير ذلك.

يتعاون الأهالي اليوم على جمع أكوام القمامة هذه وترحيلها بعيدا عنهم لكن هذه الاجراءات لا تبدو انها آمنة مع تراكم القمامة وبدء انتشار روائحها حتى في المكان البعيد الذي تلقى فيه.
استقر رأي الاهالي اعتباطا على رمي القمامة في مكان ما غرب القرية هناك بدأت ترتفع أكوام القمامة، ومعها بدأت تتحول المنطقة الى مكان خصب لتكاثر الحشرات والقوارض بمختلف أنواعها.

هربوا من القصف فهل تقتلهم الامراض؟

الدكتور حسان حبيب طبيب الامراض الصدرية يخشى من انتشار القمامة بين السكان. ويقول إن لها اضرار واسعة على الجهاز التنفسي من قبيل الحساسية، والربو، والشري، وسيلان الأنف، والتهاب العينين. لكن ما هو اكثر خطورة هو انتشار الأمراض التعفنية مثل الكوليرا والتيفويد والحمى الصفراء والطاعون والمالاريا والتهاب الكبد b و c والسل.

اما عن الامراض الجلدية التي تسببها انتشار القمامة فهي الليشمانيا والبلغرة والبلغرة الصفراء والجرب الفطار، اضافة الى تشوهات الاجنة الخلقية، والسرطانات سواء الكبد او البلعوم او القولون او الغدة الدرقية او الرئة او الثدي او الجلد.

إن الكثافة السكانية العالية والزيادة المفاجئة في عدد سكان القرية جعل عمليات استيعاب القمامة لا قبل للسكان منفردين بها.

يقول الدكتور حبيب: إن ازدحام سكاني كهذا يشكل خطراً كبيراً خاصة على الأطفال فكم من أمراض يحملها الكبار قد تنتقل إليهم وكم من عدوى لا يعلم أحد بحدوثها قد تستفحل فجأة وتقضي على طفل .

ويضيف، هذه من أبسط أنواع التلوث التي قد تنجم عن نزوح عشرات آلاف السكان إلى قرية صغيرة كهذه مضطرين لذلك بسبب خلوها من القصف وعدم تعرضها لاقتحام جيش النظام.

واضافة الى ذلك بدأ المواطنون اهالي القرية وضيوفهم يتشاركون موارد القرية وهو ما يشكل عملية استنزاف كبيرة لهذه الموارد.

يقول مصطفى الشيخ محمد لـ "مضمون جديد" وهو أحد النازحين في القرية: في البداية تلقينا ترحيباً كبيراً من أهالي القرية لكن الآن وبعد مرور فترة ليست بالقليلة بعد النقص الواضح في كميات المياه التي تنتجها آبار القرية بدأ بعض السكان بالتململ وإظهار انزعاجهم بشكل أو بآخر والقول فيما بينهم أن المياه كانت ستكفيهم وتزيد عن الحاجة لولا النازحين الذين أتوا ليضيقوا عليهم عيشهم.

مصطفى الشيخ محمد كغيره بدأ يشعر أنهم أصبحوا عبئاً على أهالي معارة الأرتيق الطيبون الذين قدموا لهم كل ما أمكن من مساعدات.

وبالفعل المشكلة تبدو خطيرة في استمرارها، فنقص المياه والخبز كوابيس تقض مضاجع الاهالي. خاصة وان مخبز القرية لا يستطيع تأمين الكمية الكافية للجميع لذا يحاول البعض من أصحاب المتاجر شراء الخبز من اماكن أخرى - هذا في حال أنه وجد - ليبيعونه هنا إلى السكان الذين تضخم عددهم بشكل مخيف.

ويشير الى ان استمرار الاوضاع على هذا النحو في معارة الأرتيق قد يخلق نزاعات في المستقبل بين السكان الأصليين والسكان النازحين فسكان القرية أصبحوا يعانون من نقص كبير في عدة مواد أساسية ونقص كبير في الخدمات، بل إنهم معرضون أيضاً للخطر لأن قوات النظام تقصف أحيانا أماكن إقامة النازحين.

الفقر والبطالة

ويشير احمد عبدالسلام الى ملاحظة اخرى وهي في توقف المنشآت التجارية والصناعية في المناطق التي نزج منها المواطنون بينما تجمعت الكثير من طاقات العمل في مناطق صغيرة.

ويقول هذه ما أدى إلى خلل كبير في توزيع الطاقات الإنتاجية، فهذه المشكلة ستأثر سلباً على نسبة البطالة بين المواطنين. ففي المناطق التي تم النزوح إليها نجد أن نسبة البطالة وصلت إلى 75 بالمئة وأصبح هنالك ضغطاً شديداً على المنشآت الموجودة في مناطق النزوح وهذا ما سيجعل فئة كبيرة من المجتمع تعيش تحت خط الفقر.

هو فقر لن يكون متعباً بداية الأمر على المضيفين والضيوف، لكن الخشية من تسبب ذلك خلافات ونزاعات كبيرة بعد فترة قادمة خاصة ان طالت امد الحرب، فمعظم المناطق التي جرى النزوح اليها ذات مساحات صغيرة كان يعيش فيها مواطنون قليلي العدد من عطائها الزراعي أو المائي أو حتى الصناعي.

واضافة الى الاوبئة الصحية يخشى البعض من انتشار مشاكل اجتماعية، بسبب الازدحام والفقر لا تقل خطورة من الاوبئة الصحية.

عبد الوهاب السلوم وهو أحد النازحين في هذه القرية ..قال لـ مضمون جديد .. ناشد عبر "مضمون جديد" المنظمات الدولية والإنسانية أن توقف ما وصفها بالمهزلة في سورية، بتوقف آلة القتل ضد الشعب السوري، وأن تتدخل على الاقل هذه منظمات الإغاثة وحقوق الإنسان لمساعدة الاهالي وتأمين ظروف أفضل لهم ولاطفالهم.

ويقول: اذا استمر الحال على هذا النحو، فلن تجد مترا في سورية امنا ةمن نجى من القصف من اطفال، قد يموت مرضاً أو جوعاً.