الجيولوجي خوري ينفي أن تكون الأراضي الأردنية مكبا للنفايات الإسرائيلية المشعة والخطرة

الرابط المختصر

أكد الخبير الجيولوجي الدولي البروفيسور هاني خوري أن دفن النفايات المشعّة والخطرة في العالم، يتم بطرق علمية وآمنة يستغرق دفنها 10 آلاف سنة، تفاديا لتلوث المياه الجوفية والهواء والتربة، نافيا في الوقت ذاته أن "تكون الأراضي الأردنية مكبّا للنفايات الإسرائيلية المشعّة والخطرة".

وأوضح خوري، الباحث ضمن المجموعة العالمية لدراسة الأشباه الطبيعية للخزانات الإسمنتية للنفايات الكيماوية الخطرة والصلبة الإشعاعية، أن طريقة دفن النفايات، تتم عبر خزانات جيولوجية تحت سطحية، بعد وضعها في حاويات فولاذية، ثم تغطى بمادة إسمنتية عازلة وبكلف مرتفعة جدا.
وبين أن الأردن لديه مواقع جيولوجية طبيعية، تحوي مياها قلوية، وتعتبر تلك المواقع شبه طبيعية لبيئة مكبّات النفايات، ويمكن استغلالها كنموذج في دراسة الموقع المناسب لمكبّات النفايات المشعّة في حال بناء المفاعل النووي الأردني للأغراض السلمية.

وأكد خوري الذي نشر أكثر من 100 بحث في مجلات علمية مختصة في حديث لـ"الغد" أن "فرادة الأردن لا تكمن فقط في الناحية الجيولوجية بل الطبوغرافية والأثرية، ولوجود أماكن فريدة مثل البحر الميت والينابيع الحارة المتنوعة، ذات الخصائص العلاجية، التي تسهم برفد اقتصادها الوطني، إذا ما تم ترويج تلك الثروات عالميا وإقليميا".

ودعا خوري الذي أسهم باكتشاف أكبر نيزك في الشرق الأوسط في جبل وقف الصوان بالمنطقة الشرقية، وبقايا عظمة الرقبة لأكبر ديناصور طائر في العالم، إلى تشجيع السياحة العلمية والثقافية أسوة بالسياحة الأثرية.

وأشار خوري الحاصل على براءتي اختراع عن المواد الجديدة المصنعة (مواد بناء رخيصة الثمن وزيوليت صناعي) إلى أهمية إنتاج مواد بناء رخيصة الثمن وصديقة للبيئة، تحل مكان الإسمنت المستهلك للطاقة والملوث للغلاف الجوي عن طريق انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، المسؤول عن التغيرات المناخية على سطح الأرض.
وأشار إلى أن فريق البحث في مختبر المواد في الأردنية، يعمل الآن على تطوير هذه المواد لتصبح مناسبة للاستخدام في كافة الأعمال الإنشائية والبيئية، وفيما يلي نص المقابلة مع خوري:

• من بين التخوفات التي قادتها هيئات بيئية وشعبية حول بناء المفاعل النووي الأردني للأغراض السلمية، كيفية التخلص من النفايات الخطرة والمشعة، وسط تخوفات من أن الجانب الإسرائيلي يتخلص من نفاياته في الأراضي الأردنية، ما تعليقك على ذلك؟
-

بصفتي باحثا في المجموعة العالمية لدراسة الأشباه الطبيعية للخزانات الإسمنتية للنفايات الكيماوية الخطرة والصلبة الإشعاعية، ومدى تأثيرها على البيئة، أؤكد أن الأراضي الأردنية لم تكن مكبا للنفايات الإسرائيلية الخطرة والمشعة، وعلميا يتم دفن النفايات المشعة والخطرة في العالم، بطرق مدروسة وآمنة لمدة 10 آلاف سنة، حتى لا تتلوث المياة الجوفية والهواء والتربة.

وتتم طريقة دفن تلك النفايات عبر خزانات جيولوجية تحت سطحية، بعد وضعها في حاويات فولاذية تغطى بمادة إسمنتية عازلة وبكلف مرتفعة جدا، بيد أن الأردن لديه مواقع جيولوجية طبيعية، فيها مياه قلوية تعتبر شبه طبيعية لبيئة مكبات النفايات، ويمكن استغلالها كنموذج في دراسة الموقع المناسب، لمكبات النفايات المشعة في حال بناء المفاعل النووي الأردني للأغراض السلمية.

• ما يزال البحر الميت يشكل بيئة خصبة للدراسات العلمية، وبخاصة المعادن الطينية، بخاصة الطين الأسود، فهل كشفت الدراسات الكيميائية التي أجريتها على عينات من طين البحر الميت عن وجود أي ملوثات؟
- أكدت التحاليل الكيماوية لطين البحر الميت الأسود على وجود عناصر Pd, Cd, Cr, Ni, Co, Ba, Zn, Cu, Fe, Mg بتراكيز طبيعية، وبالتالي فإن طين البحر الميت، غير ملوث، كما أوضحت الدراسات أن المادة العضوية في الطين الأسود هي الكيروجين، بالإضافة إلى القليل من المواد العضوية الحاملة للبنزين والأسيتون والكحول، ويعد الطين الأسود ذا طبيعة مختزلة، وتبلغ درجة حموضته حوالي 5.6، وهذه نسبة طبيعية وخالية من أي ملوثات.
ويعتقد بأن مصدر المادة العضوية المصاحبة للطين الأسود، هو الأسفلت الموجود كمادة مالئة للفراغات، وعلى شكل بقع في صخور من العصر الطباشيري

وحتى البليستوسين. والإسفلت ناتج عن تبخر البترول المتسرب من صخور الخزان أسفل البحر الميت، وسُجِّل تاريخياً وجود بقع إسفلتية طافية على سطح البحر الميت، وكان الأنباط يبادلونها مع الفراعنة بسلع أخرى، إذ أن البحر الميت معروف في تلك العصور ببحر الإسفلت، أما نسبة الكبريت المرتفعة المصاحبة للطين الأسود فتعزى إلى وجود الهيدروكربونات وتأثير البكتيريا المختزلة على الكبريتات، والتي ينتج عنها غاز كبريتيد الهيدروجين.

ويمتلك الطين الأسود اللزج، الذي يستثمر بطريقة جيدة، قدرة هائلة على تجفيف الجلد وامتصاص الخلايا الجافة، اذ أثبتت فعاليته عند استخدامه على الجلد الدهني، بأنه يسهل فتح خلايا الجلد ومعالجة كافة الأمراض الجلدية، كما أن لونه الأسود يساعد على امتصاص أشعة الشمس التي ترفع من درجة حرارته حين يستخدم لمعالجة الجلد.
كما تضيف العناصر الذائبة في المياه المتخللة فيه، خصائص علاجية مثل عنصر البرومين الذي يساعد على الاسترخاء والبوتاسيوم والبتيومين الذي ينشط الجلد ويساعد على التخلص من الالتهابات، كذلك فإن لعناصر المنغنيسيوم والكالسيوم تأثيرا علاجيا لحساسية الجلد.

• سجلت العام الماضي مع فريق البحث في الجامعة الأردنية، براءتي اختراع لإنتاج مواد مبلمرة رخيصة الثمن وصديقة للبيئة تدخل في أغراض البناء، ما أهمية هذا الاختراع وانعكاسه اقتصاديا وبيئيا على الأردن؟
- تكمن أهمية الاكتشاف في إمكانية إنتاج مواد بناء رخيصة الثمن وصديقة للبيئة، تحل مكان الإسمنت المستهلك للطاقة والملوث للغلاف الجوي عن طريق انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، المسؤول عن التغيرات المناخية على سطح الأرض، كما أن إنتاج المواد الجيولوجية المبلمرة، مقدمة لاستخدام مصادر الأرض المعدنية والمتوافرة بشكل كبير في الأردن لإنتاج مواد بناء وخزف قليلة الثمن، تحل مكان الإسمنت الصناعي الملوث للبيئة. وعليه يعمل فريق البحث في مختبر المواد في الجامعة الأردنية حاليا على تطوير هذه المواد، لتصبح مناسبة للاستخدام في كافة الأعمال الإنشائية والبيئية، بحيث سيتم تطوير نموذج جديد لانتاج مبلمرات جيولوجية لتحسين الخواص الميكانيكية والكيميائية للمنتجات النهائية في أغراض البناء.

ومن المقرر أن يصار إلى بناء نموذج للحصاد المائي في مزرعة للجامعة الأردنية بالموقر، باستخدام هذه المواد التي يمكن استخدامها كمواد مقاومة للحرارة المرتفعة والتغيرات البيئية، إذ تتميز الجديدة منها، باستخدامها معادن وصخورا صناعية وبأنها قوية، تصل قوتها إلى أكثر من 40 ميجا باسكال، وهي متميزة في خواصها وديمومتها عن مواد البناء الأخرى، وأثبتت هذه المواد قدرتها على التخلص من النفايات الصلبة والكيماوية الخطرة عن طريق ربطها كمواد مالئة، وبقدرتها على الاحتفاظ والتخلص من الملوثات الكيماوية المختلفة، ويمكن استخدامها لترميم وصيانة الآثار.

• يعتبر الصخر الزيتي الأردني أحد مصادر الطاقة المهمة في بلد يستورد حوالي
96 % من إجمالي احتياجاته للطاقة، كيف يمكن استغلاله على نحو فاعل، علما بأن سلطة المصادر الطبيعية وقعت اتفاقيات مع شركات لاستخراج النفط من الصخر الزيتي؟
-

يسعى الأردن باستمرار نحو إيجاد بدائل للنفط كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الأرضية الحرارية والطاقة النووية، فهو يمتلك ثروة مهمة تتمثل بالصخر الزيتي لإنتاج نفط بكميات كبيرة، يمكن أن تعود على الأردن بمنفعة اقتصادية كبيرة تسد العجز في ميزان المدفوعات، وبخاصة وأن الصخر الزيتي موجود في الأردن بكميات كبيرة تقدر بـ 50 بليون طن، وهي كمية تكفي لسد حاجات الأردن لمئات السنوات المقبلة من النفط، وفي حال اتباع استراتيجية لإنتاج النفط باستخدام الصخر الزيتي فإن الأردن يكتفي ذاتيا، ومن ثم القيام بعملية التصدير للخارج.
كما يمكن استخدامه كوقود صلب مثل الفحم الحجري لتسخين المراجل وتوليد البخار لأغراض الطاقة الكهربائية، ويمكن الاستفادة من العناصر النادرة من الرماد، بعد عملية حرق الصخر الزيتي، وحيث أن الصخر الزيتي في الأردن هو حجر جيري أو مارلي، فإنه يمكن استخدامه مباشرة في الصناعات الإسمنتية والجير.

ويتميز الصخر الزيتي الأردني باحتوائه على نسبة عالية من الكبريت تصل إلى 10 % في الزيت الصخري (3.2 % من وزن الصخر الخام)، والتي تستدعي فصله عن المواد المقطرة في حالة استغلاله، ويحتوي الصخر الزيتي على نسبة عالية من العناصر الشحيحة والنادرة الاقتصادية، مثل الكوبلت والكروم والنيكل والفانيديوم والزنك، التي يمكن أن تكون ناتجا ثانويا خلال عمليات استخراج الزيت، وما يزال الصخر الزيتي بحاجة إلى دراسة تفصيلية لمعرفة تركيز هذه العناصر وعناصر أخرى مثل الفوسفور واليورانيوم والعناصر الأرضية النادرة.

• تنبه المركز الوطني لبحوث الطاقة مؤخرا إلى الآثار البيئية التي يمكن أن تنجم عن ردم الكميات المتراكمة من رماد الصخر الزيتي، كيف يمكن التخلص من هذه المشكلة بحسب ما أفضت إليه الأبحاث العلمية؟
-

تتمثل معوقات استخراج الصخر الزيتي عن طريق التقطير بكيفية معالجة واستخلاص العناصر الثقيلة التي يمكن فصلها و"الرماد" المتبقي بعد التقطير الذي يخرج كنفايات صلبة، ولكن أثبتت دراسة أجراها باحث من طلابي في الجامعة الأردنية ونشرت في مجلات علمية عالمية، إمكانية استخدام الرماد الناجم عن مخلفات الصخر الزيتي كبديل عن مادة الإسمنت، إلى جانب التخلص من مخلفاته التي تقدر بكميات كبيرة سنويا، والتي يصعب تخزينها أو تركها في الهواء الطلق لما لذلك من سلبيات على صحة الإنسان وتلوث البيئة.
إن استخراج الزيت من الصخر الزيتي من الخامات السطحية، يتم بواسطة التقطير أو عبر الحرق المباشر، فقد دلت الدراسات الأولية على أن طريقة الحرق المباشر، يمكن تقليص تأثيرها على البيئة إلى الحدود الدنيا، عن طريق تصميم مراجل بخارية خاصة لهذا الغرض، أما الخامات تحت السطحية العميقة، فطورت شركة شل تكنولوجيا لمعالجتها تعتمد على آلية التسخين تحت السطحي وهي طريقة صديقة للبيئة.

أود أن أشير إلى رمال القار المكتشفة في الوديان المقابلة لمنطقة شمال البحر الميت، وهي صخور رملية غالبا ما تفتقر للمادة اللاحمة، المكونة من حبيبات الكوارتز والمشبعة بالمواد الهيدروكربونية الثقيلة خارجية المصدر، كالإسفلت والزيوت البيتيومينية الثقيلة، ويتركز في القار البيتيوميني عادة، عناصر مهمة كالكبريت والفانيديوم والنيكل، يجب فصلها عند استعمال هذا النوع من مصادر الطاقة.

أما رمال القار، فإنها بحاجة إلى دراسات مكثفة لغرض إيجاد احتياطي أكبر، وبخاصة وأن أماكن وجودها قرب مصنع البوتاس ومجمع الصناعات الكيماوية، يزيد من أهميتها الاقتصادية، وأعتقد بأن الطريق الوحيد لتحقيق التقدم الصناعي، هو البحث العلمي، بحيث ما تزال الحاجة ملحة إلى التركيز على الصناعات الاستخراجية والتحويلية، في حين أن قيام مؤسسات وطنية رائدة كالجامعات الأردنية وسلطة المصادر الطبيعية والمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا وبعض الشركات الوطنية، بدور فعّال في دراسة ثروات الأردن المعدنية، بحاجة للاستكمال.

• اكتشفتَ وفريقا بحثيا أردنيا ألمانيا العام 2006 أول فوهة نيزكية كبيرة في الأردن وفي منطقة الشرق الأوسط في جبل وقف الصوان، يتراوح عمرها بين 30 - 40 مليون سنة، ورغم ذلك لم يتم الترويج لها سياحيا وعلميا ما تعليقك؟
- أسهم اكتشاف موقع سقوط نيزك كبير في المنطقة الشرقية قرب جبل وقف الصوان، في عملية استقطاب الزوار في إطار السياحة الثقافية العلمية، ما قد يحوّل المنطقة إلى قطب من أقطاب التطور والتطوير في الصحراء الأردنية، وبخاصة أنه لم يعرف في منطقة الشرق الأوسط موقع سقوط نيزك كالموقع المكتشف من ناحية حجمه أو عمره.

ويبلغ قطر الإطار الخارجي لموقع سقوط النيزك الذي شاركت في اكتشافه بالتعاون مع البروفيسور إلياس سلامة والخبير الألماني الدكتور فيرنير شنايدر 5.5 كيلومتر، وحظي باهتمام الخبراء الجيولوجيين في المنطقة والعالم، بخاصة وأن قوته التدميرية للسقوط تعادل أكثر من 5000 قنبلة ذرية من حجم قنبلة هيروشيما، وفرادة هذا الموقع تكمن في أنه الوحيد المكتشف في العالم في منطقة مكونة من صخور الصوان، ما يجعل دراسة تأثيره على صخور المنطقة ذات أهمية خاصة، ولأن سقوط مثل هذا النيزك، يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الجو المحيط لمسافة عشرات الكيلومترات إلى عدة آلاف درجة مئوية، ويتسبب بتفتيت وتطاير عدة كيلومترات مكعبة من الصخور والأتربة في الجو.

• ما أهمية دراسة مواقع سقوط النيازك واصطدامها بسطح الأرض للبشرية في العصر الحالي؟
- إذا ما رغبت البشرية بحماية نفسها من صدمات النيازك، فإن عليها دراسة كيف تتم الصدمات على سطح الأرض، وما هي تأثيراتها على صخور الأرض المختلفة، ونستطيع الوصول إلى نتيجة فقط، حين ندرس تراكيب الفوهات النيزكية ومكوناتها جيولوجياً، وجيوفيزيائياً وكيميائياً.
وبالنظر إلى سطح القمر، فقد يرى الإنسان الفوهات النيزكية بالعين المجردة، وهي ذات لون داكن مستدير. وتظهر الصور الفضائية آلاف الفوهات النيزكية على سطح القمر، وليس هناك جرم سماوي في نظامنا الشمسي، إلا ويكون قد تعرض إلى اصطدامه من قبل النيازك أو الكويكبات أو المذنبات، بما في ذلك الشمس نفسها. وقد أرسلت لنا السفن الفضائية صوراً لفوهات نيزكية على السطوح الصلبة للكواكب والأقمار الطبيعية الصغيرة، والكويكبات وسطوح نوى المذنبات، مثل نواة مذنب هالي. وبعد ثلاثين سنة من البحوث والدراسات النظرية تعتبر اصطدامات النيازك والكويكبات من أهم العمليات الجيولوجية في تكوين سطوح الكواكب والأقمار الصلبة وهذا هو تميزها.

 

[email protected]

أضف تعليقك