أبناء الطبقة الوسطى: صراع دائم لمحاصرة نفقات لا تنتهي
عمان - يقيد أبو محمد كل صغيرة وكبيرة في دفتره الخاص الذي لا يفارقه في أي يوم.
لكن أبو محمد ليس بالرجل السياسي ولا العسكري الذي يمكن أن يحتفي بمذكراته ويومياته، فهو رجل بسيط من الطبقة المتوسطة، ودفتر يومياته لا يتجاوز بنود نفقاته ودخله وحساب ميزانية أسرته، حيث تجد في الدفتر مصروفات الخضار ومصروفات تصليح الغسالة، ومصروفات المدارس، وفاتورتي المياه والكهرباء، ونفقات الدخان.. والقائمة تطول.
أما أم محمد، التي تدير الميزانية بعجز مزمن، فهي تحاول قدر الإمكان ضبط النفقات وتقليصها قدر الإمكان، رغم تذمر أبنائها الأربعة وشكواهم من "بخل" أمهم، التي تحاول إقناعهم بالأزمة المالية التي تمر بها العائلة والالتزامات الشهرية المستحقة.
فأبو محمد يتقاضى شهريا راتبا لا يتجاوز 700 دينار، توزعه أم محمد بين 250 دينارا لشراء احتياجات الأسرة من خضار ولحوم وأرز وسكر وفواكه ودواجن ولحوم ومعلبات وبقوليات ومنظفات، كما تخصص نحو 50 دينارا لسداد فاتورتي الكهرباء والماء، كما تخصص نحو 200 دينار كمصاريف يومية للأبناء في المدارس والجامعات، ونحو 100 دينار لمصروف السيارة، وما تبقى يخصص لالتزامات أخرى سواء استثناية أو اجتماعية.
وتقوم أم محمد بإدارة الموارد المالية لأسرتها عبر سياسة ضبط النفقات؛ حيث تخصص 4 أيام في الأسبوع لطبخ الأطعمة المكونة من الحبوب؛ كالعدس والفريكة، كبديل عن الدواجن واللحوم والأسماك التي تطبخها في الأيام الأخرى.
عائلة أبو محمد تعد جزءا من الطبقة الوسطى في الأردن، والتي عرفتها دراسات المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بأنها مجموعة الأفراد الذين يشكل نصيبهم من الإنفاق السنوي ضعفي خط الفقر على الأقل، ولا يتجاوز أربعة أضعاف خط الفقر.
الخبير الاقتصادي حسام عايش، يؤكد أن ارتفاع الأسعار وثبات الدخول للأسر زادا من ظاهرة العجز بين نفقات الأسرة وإيراداتها، مشيرا إلى وجود بنود إنفاق ثابتة وضرورية للأسر لا مهرب منها تتمثل بالطعام والشراب وفواتير المياه والكهرباء والمحروقات وأجرة المنزل.
ويبين عايش أن 90 % من دخل الأسر الأردنية يذهب لالتزاماتها الشهرية، مشيرا إلى أن الغلاء المعيشي وارتفاع أسعار المحروقات يهددان بزيادة العجر بين النفقات والإيرادات في دخل الأسرة.
ويتراوح نطاق الإنفاق الفردي الشهري للطبقة الوسطى العليا، التي تشكل 5.6 % من السكان، بين 2001 و2720 دينارا، ويصل الإنفاق الشهري التقريبي للأسر إلى 884 دينارا، أما مجموع الطبقة الوسطى، فنطاق الإنفاق الشهري فيها يصل إلى أقل من 2720 دينارا، والإنفاق الشهري التقريبي أقل من 1020 دينارا، والتي تشكل 41.1 % من السكان.
واستحوذت الطبقة الوسطى على ما نسبته 37.5 % من إجمالي الدخل في المملكة، وعلى ما نسبته 42.8 % من إجمالي النفقات، فيما شكلت 41.1 % من سكان المملكة، وذلك بحسب دراسة تقييم الطبقة الوسطى في الأردن للعام 2008.
ومن أبرز نتائج الدراسة أن العاملين في الطبقة الوسطى يتركزون في قطاع التمويل (التأمين والوساطة المالية مثل البنوك والشراء بالقروض وسمسرة الأسهم)، وقطاع العقارات والأعمال التجارية (مثل الدعاية، والمحاسبة، والاستشارات، والقانون، وتكنولوجيا المعلومات وأنشطة بحوث الشركات)، والصحة (الطب وطب الأسنان والمستشفيات والعيادات، بالإضافة إلى الطب البيطري)، والعمل الاجتماعي (الأنشطة المرتبطة بالجمعيات الخيرية ودور الرعاية الاجتماعية من القطاعين العام والخاص)، وقطاع النقل والاتصالات والتخزين (الأنشطة المرتبطة بالنقل الجوي والبري والبحري، ومناولة البضائع، والتخزين والمستودعات).
وشكل إنفاق الأسر على الطعام 37.8 % من إجمالي نفقات الطبقة الوسطى في العام 2008، في حين شكلت المصاريف المنزلية ما نسبته 17.6 % وبلغت نسبة الإنفاق على النقل والاتصالات 18.9 %، وهناك تباينات كبيرة في الإنفاق على التعليم، من الناحيتين النسبية والمطلقة.
وفي المقابل، فإن الطبقة الوسطى والفئة تحت الطبقة الوسطى هما الأكثر اعتمادا على الدخل من الأجور بنسبة 50 % ونسبة 53.1 % على التوالي، فيما تشكل مصادر الدخل غير المنتجة على شكل إيجارات، وموجودات، وتحويلات 37.2 % بالمتوسط من دخل الطبقة الوسطى.
إستمع الآن