التجارة الإلكترونية : نعمة للشباب الباحث عن عمل ونقمة على الأسواق التقليدية
"لم تعد الزبائن تزور متجري كما كانت تفعل من قبل"، هكذا يعبر أحمد، صاحب محل تجاري في وسط المدينة، عن سخطه من تحول الزبائن نحو التسوق الإلكتروني بنبرة تجمع بين الإحباط والقلق، يتحدث عن تأثير البيع أونلاين على مبيعات محله التقليدي، موضحاً :" الناس تفضل الشراء من هواتفهم بدل أن يأتوا إلى هنا، وهذا تسبب في انخفاض كبير في الإيرادات".
في ظل هذا التحول الرقمي السريع، باتت المتاجر التقليدية تواجه تحديات جديدة، مما يدفعنا لاستكشاف كيف أثرت هذه الظاهرة على التجار التقليديين وكيف يمكن لهم التكيف مع هذه التغيرات.
مستحضرات التجميل
في ظل الانتشار الواسع للتسوق عبر الإنترنت بين الشباب، يشكل شراء المنتجات الطبية والعلاجية والتجميلية من مواقع غير موثوقة خطرا كبيراًعلى صحة المستهلكين، فقد تكون هذه المنتجات مزيفة أو منتهية الصلاحية، مما يعرض المستخدمين لمضاعفات صحية خطيرة، بما في ذلك التفاعلات الدوائية الضارة أو التسمم، كما أن غياب الرقابة الرسمية يجعل من الصعب التأكد من جودة هذه المنتجات ومدى مطابقتها للمعايير الصحية المطلوبة.
أعرب أحد أصحاب المحال التجارية المختصة ببيع مستحضرات التجميل والإكسسوارات عن استيائه بسبب انتشار البيع عبر الإنترنت، وقال أبو محمد لـ "صوت شبابي": "لا ننكر تراجع مبيعاتنا بسبب البيع أونلاين، مما اضطرنا للجوء لعمل عروض على الأسعار لمحاولة جذب الزبون".
أراء الصيادلة
وأكد الصيدلاني أبو أحمد أن بيع مستحضرات التجميل والمكملات الغذائية يشكل خطرًا على الشخص نفسه، مبيناً أنه استقبل حالات تعرضت لمشاكل جلدية وغيرها من الأمور.
(الصيدلانية) الدكتورة أم محمد، وهي صاحبة صيدلية، تقول: "يعتقد المستهلك أن الشراء من الإنترنت قرار سليم وصحي، لكنه لا يدرك أن الأردن يستهلك الأدوية الخاضعة للفحوصات الشديدة. الناس يستسهلون الشراء عبر الإنترنت، وبعد فترة لا يجدون الفائدة التي يرجونها من هذا المنتج أو الدواء، وهذا الأمر أثر على صحة الناس كما أثر علينا نحن أيضاً".
وأضافت: "هناك فرق بالسعر،حيث نلتزم نحن بالضرائب والكهرباء وإيجار المحل والتراخيص وغيرها من الإلتزامات، لذلك يكون سعر الدواء لدينا أعلى،بالإضافة إلى أنه عندما نقوم بطلب الأدوية يجب ألا تقل الطلبيات عن مئة دينار، وليس بالإمكان طلب قطعة واحدة فقط، هذا كله يؤثر علينا".
وأكدت أن لا علاقة لهم بتسعير الأدوية بل تصلهم الأدوية مسعرة من قبل نقابة الصيادلة، قائلة :" لذلك لا نرفع سعر الدواء. أما عن البيع أونلاين، فهم يستوردون الأدوية ومنتجات التجميل من الخارج، والتي قد لا تحتوي على نفس تركيز المادة الفعالة أو نفس فعالية الدواء الموجود في الأردن. علمًا أن التعبئة والتغليف قد تكون متطابقة لما هو موجود في الأردن، لكن المنتج من الداخل لا يحتوي على نفس التركيز.
على سبيل المثال، علبة البوتوكس تُعرض عبر الإنترنت بسعر 30 ديناراً، بينما سعرها الحقيقي يصل إلى 100 دينار، مما ينتج عنه تحسس للزبونة ومشاكل في البشرة، مؤكدة أنها استقبلت حالات لأشخاص عانوا من هذه المشكلة. فقد لجأت لها مريضة اشترت دواء من إحدى الدول العربية (مصر) عبر الإنترنت، كان مستوى السكري التراكمي لديها 13، وبعد أن تناولته ارتفع إلى 16-18، وذلك بعد استمرارها على تناوله لمدة ستة أشهر. فالدواء في الأردن سعره 36 ديناراً، وهي اشترته من الإنترنت بـ10 دنانير، في البداية كانت سعيدة، لكنه أثر سلباً على صحتها.
وبيّنت أنها لجأت لخطة بديلة للتسويق عن طريق السوشيال ميديا، لكنها ليست فعالة للصيدلاني ،لأنه من الصعب عرض أدوية مثل أدوية الضغط وغيرها من الأدوية على المستهلك، لذلك تقتصر العروض على مستحضرات التجميل أو المكملات الغذائية.
تجربة المستهلكين
بدر، شاب أخبر "صوت شبابي" عن تجربته بالشراء اونلاين قائلاً: "البيع أونلاين سمة العصر، يوفر الجهد والوقت، وأحياناً أرخص من المحلات التجارية، وكل شيء له مزاياه وعيوبه، فالبيع أونلاين أوفر مادياً ويوفر الجهد، حيث لا أضطر أن أبحث بين المحلات عما أريد ،لكن لا يخلو الأمر من العيوب وعلى سبيل المثال أن هناك مواقع تعرض منتجاً للبيع وبأنه متوفر بحجم كبير فرضاً وعند الطلب وصلني أصغر، وأحد المرات طلبت ساعة أونلاين، وصلتني ساعة صينية وليست أصلية رغم أن الإعلان ذكر أنها أصلية تواصلت بعدها مع المندوب والذي قام بدوره بإرجاع النقود لي".
وأوضح أنه "بالمجمل، فإن مواقع الإنترنت مثل أمازون، موقع موثوق دولياً ، والمنتجات فيه تصل كما هو معروض على الإنترنت".
فضة وإكسسوارات
وأوضح السيد أبو يزن قردحجي، وهو أحد تجار الفضة في شارع الأمير شاكر في الزرقاء، يمارس المهنة منذ عام 1981، لـ"صوت شبابي": "أنا كتاجر أرى أن البيع أونلاين موضة دارجة بين السيدات، خاصة من باب التفاخر والبريستيج، وهو أسوأ تعامل حيث أن السيدة تختار على الموقع بضاعة مغايرة عن المعروضة والوزن مختلف، ثم 'تأكل الضرب'. وبعدها تتصل للاعتراض فلا يردون على الاتصال".
وأضاف: "أنا كتاجر حين تأتي زبونة إلى محلي، ترى بأم عينها القطعة وتختار ما تشاء وتغيير في المقاس بناء على رغبتها، سواء بتقصير أو تضييق القطعة. وبالتالي تشتريها عن قناعة، وتذهب وهي سعيدة بما اشترت ولا تراجعني لتعترض على القطعة بل قد تعود بعد مدة تطلب ترجيع أو تبديل، وأنا أتعاون معها بالطبع لأني مهتم بأن ترجع هذه الزبونة لي لكن للأسف الشديد أن من يشتري أونلاين من الصعب أن يردوا على الهاتف".
وأعرب عن رأيه قائلاً: "لا أحد يبيع أونلاين بطريقة صحيحة وسليمة إلا الشركات الكبيرة،البيع أونلاين أثر كثيراً علينا نحن التجار، حيث أن الزبائن يقارنون بين أسعارنا وأسعار البضائع المعروضة على الإنترنت، نحن كتجار نخضع لنقابة المجوهرات و لضريبة المبيعات والشحن والجمارك وغيرها، ولدينا التزامات بأجور المحل والعمال والكهرباء، بضاعتنا لا تقارن بالبضائع الصينية المباعة أونلاين ، ولا يعلم الزبون أن المواصفات مختلفة".
تجارب الباعة أونلاين
بيسان أحمد، خريجة جامعة وربة منزل ،وهي بائعة أونلاين تبيع الحلويات والمخبوزات عبر الإنترنت منذ عام، تستهدف طلاب الجامعات والموظفات، خاصة اللاتي لا يجدن الوقت الكافي لإعداد الطعام موضحة أنها ربة منزل وأم لأطفال، ونظراً للظروف الإقتصادية، فهي بحاجة إلى زيادة دخلها الشهري، فلجأت للبيع أونلاين كونه أسهل للبيع والتسويق، مضيفة: "أنا مبدعة في إعداد الطعام، حتى وإن كان المردود المالي قليل لكن قليل دائم خير من كثير منقطع، ومن مزايا عملي أني حرة نفسي فلا مدير عندي، ولي القرار في أن أصدر الطلبيات أو أقوم بإلغائها".
ولا تنكر بيسان وجود بعض التحديات التي تواجهها، وأبرزها أنها أم وربة منزل، وتراعي أن توازن بين عملها وبين واجباتها تجاه أبنائها مضيفة: "أحياناً أواجه ضغطاً في العمل أوقات المناسبات والأعياد". وتنصح بيسان من تريد العمل بالبيع أونلاين بأن تعتمد الأمانة في عملها واستعمال المواد ذات الجودة العالية.
وعن الشكاوى التي تلقتها، قالت: "كانت عن التوصيل والتأخر بعض الأحيان أو عدم الحفاظ على شكل المنتج، مما اضطرني لحل المشكلة والتعامل مع أشخاص آخرين".
تجارب الشباب في البيع أونلاين
لا يقتصر البيع أونلاين على الإناث فقط، بل أقبل عليه الشباب أيضاً أحمد ضياء الفرخ، عمره 33 عاماً، شاب جامعي، يقول عن مشواره في رحلة البيع أونلاين: "منذ 12 سنة، وأثناء دراستي الجامعية، كنت أعمل لدى مكتبة للقرطاسية في عمان. وبعد سنة من عملي بها كموظف، استأجرتها من صاحبها بدأت البيع أونلاين بتفصيل الأسماء، وكان وقتها البيع قوياً جداً في عام 2015-2016، لكن الآن المنافسة شديدة،طورت نفسي وحاولت أن أدخل منتج لا أحد ينافسني فيه،وكانت فكرة "القمر المضيء"،أخذ مني وقت نحو 8 أشهر من التعلم والعمل،واجهتني العديد من التحديات ،لم أكن أملك ماكينات طباعة D 3، ولم أكن أمتلك خبرة في الفوتوشوب وطورت نفسي والآن أتقنت العملية ،وأصبحت تجارتي هذه قوية جدا ،ومن ثم اتجهت للحفر على الخشب بالليزر ،ومنذ ذلك الحين اعتبرت أن هذه رزقتي وأصبحت التجارة بالهدايا أونلاين رزقتي ، والآن لدي 16 منتج مختلف .
ويشجع أحمد التجار على دخول عالم البيع أونلاين، خاصة أن هذه التجارة توفر للمشتري الخيارات والخدمات التي لا يمكن للمحلات التقليدية أن تقدمها.
قائلا:" بالطبع أشجع الكل للإتجاه للأونلاين بالوقت الحالي،لأنه جدا مفيد،فالتجار الذي لا يتجهوا للبيع عبر الانترنت يواجهوا مشاكل بالبيع حاليا والعديد من المحلات أغلقت بسبب عدم التسويق عبر الانترنت".
وعن التحديات قال أن أهمها المنافسة الشديدة على الفيسبوك والأهم التحديث بالمنتجات ،فالزبون يعرف البضاعة القديمة كتفصيل الأسماء،حاليا يطلبوا أنواع مبتكرة من المنتجات للهدايا،وبسبب هذه الخبرة الواسعة بمجال البيع اونلاين، أعمل الآن مع احدى أهم المواقع الالكترونية،والآن أمتلك أيضا خبرة في إدارة أرباحي بهدف تطوير عملي وزيادة مبيعاتي ،يجب مواكبة السوق وذلك بالحفاظ على رأس المال وتطوير العمل .
ومن الطبيعي أن تواجهنا بعض المصاعب مع الزبائن فمثلا البعض لا يشاهد الفيديو الترويجي كاملاً لذلك يكون عنده تصور مختلف للبضاعة ويعترض عليها.
وفي الختام ، لا ننكر أن البيع أونلاين أصبح جزءاً لا يتجزأ من عالمنا الحديث، حيث يوفر للزبائن الراحة والخيارات المتنوعة ومع ذلك، يبقى التحدي قائماً
أمام المتاجر التقليدية للحفاظ على مكانتها في السوق، و في الوقت نفسه يجب على المستهلكين أن يكونوا أكثر حذراً عند شراء المنتجات الطبية والعلاجية والتجميلية من الإنترنت.