200 ألف فرصة عمل للسوريين؟!

200 ألف فرصة عمل للسوريين؟!
الرابط المختصر

توفير 200 ألف فرصة عمل للاجئين السوريين خلال خمسة أعوام، منها 50 ألف فرصة خلال العام المقبل، حسب تأكيدات مسؤولين حكوميين على رأسهم وزير العمل نضال القطامين، يبدو أمرا في غاية الصعوبة، إن لم يكن مستحيلاً.
فتصريحات المسؤولين بهذا الشأن تبدو غير واقعية وغير منطقية، وإن كان بعضهم يقول إنه سيتم توفير ذلك الحجم من فرص العمل من خلال استثمارات جديدة، مع إعطاء العمالة الأردنية الأولوية.
ويزعم المسؤولون بأنه سيتم مقابل كل فرصة عمل للاجئ السوري، توفير فرصتي عمل أو ثلاث للأردني، وهذا ضرب من الخيال، فكيف تستطيع الحكومة توفير ما بين 100 إلى 150 ألف فرصة عمل العام المقبل، وكل ما ستحصل عليه من منح، بناء على وعود من مؤتمر لندن للمانحين الذي عُقد مؤخراً، هو 700 مليون دولار أميركي خلال العام نفسه، ومثلها خلال العامين 2017 و2018.
طبعاً هذا في حال التزمت الدول المانحة جميعها بدفع ما وعدت به من أموال خلال "مؤتمر لندن"، والكل يعلم أنه لا سلطة قانونية ولا أخلاقية ولا أدبية تجاه تلك الدول لإجبارها على دفع ما وعدت به، ولنا مثال على ذلك بأن الأردن وُعد خلال العامين الماضيين بمنح لم يتحصل إلا على الشي القليل منها.
إذن، توفير مثل هذا الحجم من فرص العمل، في ظل الوضع الاقتصادي للمملكة وارتفاع الدين العام الذي قارب 35 مليار دولار أميركي، أي ما يعادل نحو 90 % من الناتج المحلي، يعتبر ضربا من الخيال. ويؤكد الأردن دوماً أنه يحتاج لـ8 مليارات دولار للتعامل مع الأزمة السورية حتى العام 2018.
أما عملية توظيف اللاجئين السوريين بمهن كالإنشاءات والزراعة وخدمات النظافة العامة، والتي هي نوعاً ما مسيطر عليها من قبل العمالة المصرية، وإحلال العمالة السورية بدلا منها، قد يخلق مشاكل جديدة، الأردن في غنى عنها، مع الأشقاء المصريين، خاصة أنه توجد نية لدى وزارة العمل لضبط سوق العمل المحلية وترحيل العمال المخالفين الذين يقدر عددهم بعشرات الآلاف.
كما قد تخلق عملية منح تصاريح عمل للاجئين السوريين مشكلة أخرى، المتضرر الأول والأخير منها هو المواطن الأردني، الذي سيتأثر سلباً نتيجة دخوله بمنافسة غير عادلة مع العامل السوري صاحب الحرفة والمهنة.
وكيف ستتعامل الحكومة مع المهن المغلقة، والتي يبلغ عددها 18 مهنة، في ظل وجود 800 ألف عامل مهاجر أغلبهم يعملون بتلك المهن؟ وما هي الآلية لتطبيق ذلك، في ظل تصريحات لوزير العمل تؤكد أن "السوريين لن يعملوا في المهن المغلقة المحصور العمل بها للأردنيين"؟
وفي حال تم توفير ذلك الحجم الهائل من فرص العمل للاجئين السوريين، وهذا من المحال، فهل سيكون الأجر الشهري الذي يتقاضاه العامل كافياً لسد حاجاته الأساسية له ولأسرته، وبالتالي الابتعاد عن ارتكاب تجاوزات لا تُحمد عقباها تضر حتماً بالمواطن قبل الوطن؟أضف إلى ذلك تبعات ومخاطر أمنية واقتصادية على المملكة مع ما يتردد عن أنباء لخوض حرب برية داخل الأراضي السورية، الأمر الذي يعني تدفقاً جديداً لآلاف اللاجئين إلى دول الجوار السوري ومن ضمنها الأردن.
كان الأولى البحث عن حل لمشكلة اللاجئين بطريقة أخرى، ولو عن طريق إيجاد منطقة عازلة داخل الأراضي السورية، يتحمل من خلالها المجتمع الدولي بأكمله المسؤولية الأخلاقية والإنسانية والقانونية تجاه اللاجئين، لا ترك الأردن وحيدا في مواجهة هذه المشكلة، وهو الذي يؤوي نحو 1.3 مليون سوري، 80 % منهم يعيشون خارج المخيمات التي وجدت لأجلهم.
كما أن هذا الحل فيه مصلحة للطرفين، سواء الأردني أو السوري، فالأخير سيبقى قريبا من دياره وأرضه، والأردني، الذي يعاني ما يعاني من ضنك عيش وارتفاع أسعار، تكون فرص العمل أمامه أكبر وأفضل.

أضف تعليقك