قرار مجلس الأمن بخصوص سوريا.. من الغباء إلى التآمر

قرار مجلس الأمن بخصوص سوريا.. من الغباء إلى التآمر
الرابط المختصر

قرار مجلس الأمن بخصوص سوريا قد يبدو قفزة كبيرة للأمام أو خطوة مهمة نحو حل الأزمة السورية سياسياً، وهو ما يراه جون كيري وزير الخارجية الأمريكي حين قال «إن الخطة التي تبناها المجلس تعد خطوة كبيرة في جهود إنهاء الصراع في سوريا».
فالقرار الذي يبدو بوابة الحل هو ذاته بوابة الصراع، فهو قرار عام بلا تفاصيل باستثناء المدد المقترحة لتشكيل حكومة والذهاب لانتخابات (حرة)، وما دون ذلك فإن القرار يخلق نقاط اشتباك وتماس كبرى، وهي نقاط تؤدي لاستمرار الحرب لا لانتهائها.
فالقرار يستخدم عبارة « استبعاد الجماعات التي توصف بالإرهابية ومنها تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة»، وتدرك الدول التي تقف وراء القرار أن تحديد الجماعات التي توصف بالإرهابية يتطلب اجتماعات ومشاورات طويلة، فرغم تقديم الأردن لقائمته التوفيقية، إلا أن الخلافات حول بعض الجماعات سيكون كبيراً، بما فيها الخلاف حول ما إذا كانت جبهة النصرة جماعة إرهابية أم لا، خصوصاً وأن بعض اللاعبين الإقليميين يرون أن جبهة النصرة استطاعت طوال السنوات الماضية أن تقدم مقاربات خاصة بها، وتختلف بمقاربات القاعدة، وهي جماعة يمكن الوثوق ببعض تعهداتها، ولا أدل على ذلك من صفقة التبادل التي تمت في لبنان قبل أسابيع.
كما أن بعض اللاعبين الإقليميين سيرون أن وضع جبهة النصرة في مصاف تنظيم داعش سيؤدي إلى خلق نوع من التحالف بين الطرفين، وهو ما يعني توحيد قوتهما بحيث يصبح امتداد المعركة يشمل مناطق واسعة من الوسط والجنوب السوري، وهو ما يعني توسيع رقعة المعارك بما لا يضمن إنهاءها بالسرعة المطلوبة، بالإضافة إلى توحيد التيار الإسلام السلفي الجهادي بعد أن أصاب هذا التيار تمزقات وتجاذبات أضعفت صورته لدى أتباعه أو من كانوا قريبين منه، وذلك بسبب الانقسام الحاصل بين جبهة النصرة وداعش.
كما يبرز اسم الحرس الثوري الإيراني كأحد الجماعات الإرهابية التي تضمنتها القائمة التوفيقية الأردنية، وهو ما سيثير غضب الجانب الإيراني والرفض الروسي، ومقابل رفع اسم الحرس الثوري من القائمة سنشهد مفاوضات (من تحت الطاولة) لتمرير مجموعة من التنظيمات السنية التي تم تصنيفها كمجموعات إرهابية في ذات القائمة.
أما فيما يتعلق بتشكيل حكومة ذات مصداقية وغير طائفية بغضون ستة أشهر منذ بداية العام المقبل فهو بند مثير للضحك، فكل من له علاقة بالأزمة السورية يدرك أن الحالة الطائفية والمناطقية هي الأساس التمثيلي لكل أطياف المعارضة، سواء تلك المسلحة أو غير المسلحة، بل إن المجالس ذات المسميات المختلفة للمعارضة السورية أساسها التمثيل الطائفي والديني والإثني والمناطقي، وبالتالي فإن تشكيل حكومة سورية لا تعكس الأمراض التي استشرت بالجسد السوري منذ اندلاع الأزمة يبدو كلاماً بعيداً عن الواقع، فالحكومة التي سيتم تشكيلها يجب أن تمتلك تأثيراً على الأرض عبر محاكاتها للقوى الفاعلة، وبالتالي لا بد أن يتم تشكيلها على أسس طائفية ودينية وإثنية ومناطقية. أما السكوت عن مصير الرئيس بشار الأسد في القرار الدولي يُظهر بوضوح أن مستوى الاختلاف بين القوى الكبرى كبير لدرجة عدم قدرتهم على حل واحدة من أبرز المسائل المتعلقة بحل الأزمة السورية، فدور بشار الأسد هل سيتم حسمه قبل تشكيل الحكومة أم قبل الذهاب للانتخابات، وبالتالي هل ستكون الحكومة الجديدة المفترضة موازية لرئاسة الجمهورية أم أنها ستكون تحت رئاسة الجمهورية، وهل سيقبل الأسد بلعب دور الرئيس البروتوكولي في حال تشكيل حكومة لا تخضع لإمرته، أم أنه سيكون قد رحل قبل ذلك؟
كما أن لفظة الانتخابات الواردة في القرار غير واضحة المعالم، فهل ستكون انتخابات برلمانية أم انتخابات رئاسية أم كليهما؟
ويبقى السؤال هل سنعيد اختراع العجلة في سوريا، فهذه الآلية تم تجربتها منذ عام 2001 في كل من أفغانستان والعراق، بذات الأسلوب والأهداف، وفي كلتا الحالتين أثبتتا فشلهما، فلا أفغانستان استعادت الاستقرار ولا العراق استطاع الحفاظ على وحدة شعبه وأراضيه، وكلتا الدولتين تعد من الدول الفاشلة، والتي ينتشر بها الإرهاب، فما الجديد في الحالة السورية الذي يمكن أن يجعلها مختلفة عن التجارب السابقة؟ تعريف أينشتاين للغباء هو «فعل نفس الشيء مرتين بنفس الأسلوب ونفس الخطوات مع انتظار نتائج مختلفة»، فما قول أينشتاين بمن يكرر الفعل للمرة الثالثة، ربما هذا ما يمكن تسميته بـ (التآمر).