مظاهراتٌ وجنازاتٌ ومعارك... أحدث ألعابِ أطفال اللاجئين

مظاهراتٌ وجنازاتٌ ومعارك... أحدث ألعابِ أطفال اللاجئين
الرابط المختصر

لا تخلو فترة اللعبِ التي يحظى بها أطفالُ اللاجئين السوريين، من مخاوفِهم وصدماتهم، حيث يعبرُ الكثيرونَ منهم عمّا شهدوهُ قبل لجوئهم إلى الأردن، من خلال تجسيدِ أطرافِ الصراعِ داخلَ سورية، وضحاياه، ومناصريهِ ومعارضيهِ، كل هذهِ الشخصيات تلتقي في أولِ اللعبةِ، وتتصارعُ في نهايتها إما بضربِ "الممثلين" بعضهم بعضا، أو إيذاء أحدهم جسدياً.

اللاجئ السوري محمد يؤكد ما تؤول إليهِ الأمورُ من عنفٍ "مُفْرط" بين أطفالهِ الّذين يلعبونَ مع أقرانهم ما يسمونهُ لعبةُ "الجيش الحر والجيش النّظامي"، مشيراً إلى أنهُ يضطرّ إلى أن يتدخلَ لمنعهم من اللعبِ في الخارج في كلِّ مرة.

وتستغربُ اللاجئةُ السّورية أمُّ محمد من حبِ أبنائها لتمثيلِ جنازةِ شهيدٍ، موضحةً أنَّ أحدهم يقومُ بتمثيلِ دور الشّهيد، فيما يقوم الآخرون من أصدقائهِ بحملهِ على أكتافهم، ويهتفون بشعاراتٍ مثل "بالروح بالدم نفديك يا شهيد"، معبرينَ بذلك عن المشاهدِ الّتي تعرضوا لها في أحيائهم السّورية قبل اللجوء.

مظاهرةٌ أبطالها أطفال، هذه هي أحدث الألعابِ الّتي يُمارسها أبناء اللاجئة أم قاسم، موضحة أنّها تبدأ بالهتافات لإسقاط "الرئيس" والمطالبة بحريتهم، وتنتهي في أحيانٍ كثيرةٍ بالعنفِ بينهم.

الأخصائية النفسية الدكتورة سناء الفروخ تؤكد لـ”سوريون بيننا" أن هذه الألعاب هي حالةٌ طبيعية نتجت عن صداماتٍ عاشها الأطفالُ أو سمِعوا عنها من أحاديثِ الكبار، منوهة إلى المؤشر السلبي الذي قد يظهر في حال تحولت هذه الألعابِ إلى العنفِ فيما بينهم، إذ أنها تعبّرُ عن اضطراباتٍ نفسية يُصابُ بها الطفلُ ويقومُ بإسقاطِ ما هو "حقيقي" في مخيلتهِ على الآخرين، إلا في حال استعمالها كعلاجٍ لبعضِ الحالاتِ الّتي تُظهرُ تحسناً إيجابياً لديهم.

فيما تنوه المرشدةُ الاجتماعية منال الكردي إلى أنَّ طريقةَ تعبيرِ الأطفال عما يدورُ في أنفسهم بهذا النوع من الألعابِ هو أمرٌ طبيعيٌّ، ولكنها تعتبرُ ما تعرّضوا لهُ فعلاً على أرضِ الواقع أمراً غيرَ طبيعيّ، في إشارةٍ منها إلى ضرورةِ عِلاجهم من خِلالِ مراكز الصحة النّفسية.

وتضيفُ الكردي أنَّ العلاجَ يكونُ بجلساتٍ جماعيةٍ يتخلُّلها اللعبُ أو الرسمُ أو الغناءِ أو الموسيقا، مؤكدةً على أهميةِ دورِ الأهلِ في مساعدةِ أطفالهم، بإبعادهم عن مشاهد العنفِ على التلفاز والأخبار أو حتى أفلام الكرتون الّتي تحتوي على مشاهدَ عنف.
هذا وتسْتقبلُ مؤسسة إنقاذ الطفل ومركز المستقبل الزاهر للصحة النّفسية، حالات لأطفالِ لاجئين سوريّين يعانونَ من مشكلاتٍ نفّسية، كما يستقبل اليونيسيف هذه الحالات داخل المخيّماتِ وخارجها.

ويشيرُ النّاطقُ الإعلامي لمنظّمة اليونيسيف سمير بدران إلى أنَّ حالات الأطفال التي تُعرضُ عليهم يتم التعاملُ معها بحسبِ مدى خطورتها ومنها السّهلةُ والصّعبةُ، حيثُ يتمُ علاجُ بعضِها من خلالِ برامجَ "صديقة للأطفال" داخل مراكز مخصصةٍ لهم، منوهاً إلى أنَّ كُلَّ أطفالِ اللاجئين يعانونَ مِنْ مُشكلاتٍ نفّسيةٍ، إلا أنَّها تتفاوتُ من طفلٍ لآخر.

وقد أعْلنت اليونيسيف أنَّ 7.3 مليون طفل سوري تأثروا بالصراعٍ الدائرِ في سورية، منهم 1.7 مليون طفل لاجئ في دول جوار سورية، في حين يشكلُ الأطفالُ نسبةَ 51.8 % من إجْماليّ اللاجئين السوريين في الأردن والّذين يُقدر عددهم بـ 1.4 مليون لاجئٍ سوري.