عوامل اقتصادية واجتماعية تحكم أماكن إقامة اللاجئين
تلعب عوامل عدة دوراً في كيفية توزع اللاجئين السوريين في المحافظات الأردنية، وكما يرى مراقبون فإن العاملين الاقتصادي والاجتماعي لهما الدور الرئيسي في هذا التوزيع.
المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أصدرت مؤخرا تقريرا يوضح هذا التوزيع، حيث جاءت محافظة إربد في المرتبة الأولى بنسبة 40% من نسبة اللاجئين السوريين عموماً، تليها العاصمة عمان، بنسبة 27%، والمفرق 16%، والزرقاء 8%، فيما توزعت النسب الباقية على محافظات الجنوب.
عوامل عدة تحكم هذا التوزيع، فاللاجئون الريفيون مثلا لم يجدوا مشكلة في إقامتهم في المحافظات ذات الطبيعة الزراعية كإربد، فيما لم يجد آخرون حرجاً في الإقامة في المفرق، ومن الملاحظ أن غالبية لاجئي هاتين المحافظتين هم لاجئون من أرياف حمص ودرعا وحماة، من جهة اخرى يلاحَظ أن اللاجئين القاطنين في عمان هم من أبناء المدن الذي وجدوا في العاصمة صورة مماثلة لمعيشتهم الأولى في سوريا.
اللاجئ فادي كلاس يرى أن عمان هي الأنسب للمعيشة، ومردّه في ذلك هو العامل الاقتصادي، فعمله كصحفيّ يحتّم عليه الإقامة في العاصمة، وهي أقرب في مستوى معيشتها إلى مسقط رأسه مدينة محردة في حماة، ويقول كلاس أن عمان مناسبة للحياة أكثر من المدن الأخرى، ومجالات العمل والسكن فيها أفضل.
في ذات السياق تقول مروة الزعبي وهي لاجئة من دمشق، أن عائلتها لم تتأقلم في الحياة في المدن الشمالية كالمفرق أوغيرها، موضحة أن أجواء عمان قريبة من أجواء الشام، بحسب وصفها، كما أن اعتياد العائلة على البيئة المدنية جعل أمر الإقامة في المحافظات الشمالية غير وارد، فضلاً عن أن الخدمات متوفرة في العاصمة بعكس المدن الأخرى.
من جهة أخرى يرى محمد الملا أنه لا فرق بين الإقامة في عمان أو غيرها، فاللجوء يبقى لجوءاً، لكنه اختار العاصمة مكاناً لسكنه بسبب تواجد أقاربه فيها، مشيراً إلى أنه كان يمكن أن يلجأ إلى المفرق أو إحدى المدن الأخرى في حال تواجد أقاربه هناك.
العامل الاجتماعي كان له الأهمية في حديث أستاذ علم الاجتماع حسين الخزاعي لـ" سوريون بيننا "، حيث يرى أن البيئة التي قدم منها اللاجئون تؤثر في اختيارهم لمدينة اللجوء، لكن العامل الاقتصادي له الحظو الأكبر في هذا الاختيار، فغالبية اللاجئين سواء كانوا قادمين من الريف أو المدينة فإن ذلك لا يشكل فرقاً، موضحا أن مجالات عملهم هي التي تحكم توزعهم في المحافظات، فالاعمال المهنية يمكن أن يمارسها اللاجئ في المحافظات الشمالية فيما يجبر اللاجئ ذو العمل الأكاديمي أو الإعلامي مثلاً أن يقيم في عمان، وغير ذلك من الاختصاصات المختلفة التي تحكم أماكن تواجد اللاجئين.
العامل الجغرافي قد يكون العامل الثالث المؤثر في هذا التوزيع، فمحافظة اربد ولقربها المكاني كانت مكان اللجوء الأول والأقرب، كما يشعر السوريون، إلى وطنهم، إلا أن الشعور الأوحد الذي يلازم اللاجئين أن هذا الاغتراب وإن كان في جنة الأرض سيظل لجوءاً.
إستمع الآن