"ليس كل سقوط نهاية، فسقوط المطر أجمل بداية"، كلمات عبرت بها الطالبة السورية فاطمة العلي عن أملها بحياة جديدة، وحبها للتعليم رغم كل ما عانته في رحلتها من سورية إلى الأردن، وأعباء اللجوء التي أثقلت كاهل أسرتها، بعد ما حققته من إنجاز في مرحلة تعد مفصلية من مسيرتها التعليمية. والد الطالبة فاطمة، والتي حصلت على المرتبة الثانية بامتحان الثانوية العامة على مستوى المملكة، يروي قصة لجوئهم قبل ثلاثة أعوام، بعد أن وصلت آلة الحرب والدمار إلى مدينتهم الشيخ مسكين في محافظة درعا، ليقطنوا في مخيم الزعتري في الأردن قرابة ثمانية أشهر، قبل خروجهم إلى بلدة حوارة في إربد. فيما تشير والدتها إلى سوء حالتهم المعيشية، حيث يواجه زوجها صعوبة في الحصول على العمل، نظرا لتقدمه في السن، إضافة إلى تحملهم أعباء علاج طفلها الذي يعاني ظروفا صحية سيئة. ورغم هذه الظروف الصعبة التي مروا بها، تمكنوا من توفير الأجواء المناسبة لابنتهم، حيث تؤكد الوالدة أنها مستعدة لبيع كل ما تملك من أجل أن تتابع تعليمها وتحصل على الدرجات العليا في مدرستها. وكانت فاطمة تقضي جل وقتها في الدراسة، حيث تبدأ بالتحضير لدروسها من ساعات الفجر الأولى، لتكمل الدراسة بعد العودة من المدرسة لساعات الليل الأخيرة، على حد تعبيرها. وتؤكد أنها لم أواجه صعوبات بتغير المناهج، فقد وجدت المنهاج الأردني قريبة من السورية، كما سهل عليها الانداماج في المدرسة وبين الطالبات، رغم بعض الصعوبات، لتحصل على المرتبة الأولى في الصف الأول الثانوي بمعدل 97% في الفرع الأدبي. وتتابع فاطمة مسيرة تفوقها في الثانوية العامة لتحصل على المرتبة الثانية على مستوى المملكة في الفرع الأدبي بمعدل 91.8%، معربة عن رغبتها بمتابعة الدراسة الجامعية في كلية قانون، على أمل بعودتها قاضية في بلادها، لتدافع عن حقوق وقضايا أبناء شعبها. مسؤول التعليم في مركز سوريات عبر الحدود محمد ضياء قوجه، يشير إلى تعرفهم على فاطمة من خلال لقاء تلفزيوني معها، ليعملوا بعدها على تسجيلها في كلية القانون بجامعة اليرموك، مؤكدا استمرار دعمهم للطلبة المتفوقين لتحقيق آمالهم بإعادة بناء سورية الجديدة. و يلفت قوجه إلى حرصهم على الوصول إلى أكبر عدد من المتفوقيين، لتغطية تكاليف دراستهم سواء بشكل كامل أو جزئي، أو توفير المنح الدراسية من الداعمين للسيدات القائمة على المركز. هذا وبلغ عدد الطلبة المتقدمين لامتحانات الثانوية العامة للدورة الشتوية هذا العام، 158819 طالباً وطالبة، بينهم 99329 طالبا نظاميا، و59490 من طلبة الدراسة الخاصة. فيما يبلغ عدد الطلبة السوريين على مقاعد الدراسة في المملكة 145000ألف طالب، بينما ينتظر 90ألف طالب دخول المدرسة بسبب اكتظاظها. فاطمة واحدة من مئات الطلبة الذين رغم إختلاف المناهج وأعباء اللجوء التي مرت بهم، تجاوزوا كافة التحديدات، وتابعوا تعليمهم، ليكونوا نماذج بالإصرار والتفوق والنجاح.