سوريون في مخيمات فلسطينية... لجوء يحتضن لجوء
تتسع رقعة اللجوء السوري في الأردن لتغطي الكثير من مدن وقرى المملكة، وسط تعاطف كبير تجاه اللاجئين من أبناء المجتمع المضيف.
بعض العائلات اللاجئة اتخذت من المخيمات الفلسطينية ملاذاً لها لتتشكل لوحة متوحدة أصلها الشتات وعنوانها "لجوء يحتض لجوء".
هذه التشاركية في مخيمات اللجوء أيقظت جراحاً لم تبرأ لساكني المخيمات طيلة 68 عاماً، فأبو محمد الذي تجاوز الخامسة والسبعين والذي يقيم في مخيم الحسين للاجئين الفلسطيين في عمان منذ 68 عاما، منذ النكبة عام 1948، يشير إلى أنه قضى هذه المدة كلها في أزقة المخيم، "جئنا بدون أن نحمل معنا أي شيء باستثناء ملا بسنا التي نرتديها، في وقت تخلت فيه الأمة العربية عنا تماما"، يقول محمد
فيما يعتبر أبوعلي رمانة، وهو من سكان المخيم ذاته أن سورية أم الثورة، وفي ظل الظروف التي تعيشها هُجّر أبناؤها للقضاء على المقاومة، وعقّب قائلاً "السوريون أخوتنا، وكلنا شعب واحد ودم واحد".
سوريون بيننا التقى عائلة اللاجئ السوري أبو فادي في مخيم الحسين، وهو أب لخمسة أبناء من مدينة حمص السورية، لجأ إلى السكن في المخيم بعد خروجه من مخيم الزعتري، وأكد أبوفادي أنه وجد ترحيبا كبيراً من سكان المخيم، وأنهم يعيشون سوية كعائلة واحدة، وأردف قائلا "تركنا أهلنا هناك وجئنا لنجد أهلا هنا".
أما أم فادي فتقول إن الكثير من جاراتها يستحضرن أمامها قصص لجوء عوائلهن ويؤكدن على أن ما حدث للسوريين من تفاصيل متعلقة باللجوء قد حدثت معهن، مشيرةً إلى الحفاوة الكبيرة والمساعدات التي تتلقاها من الجيران، استشعاراً منهم بظروف اللجوء وقسوته.
ويؤكد سعد حسونة الذي يجاور أبو فادي في سكنه على المساعدة التي يقدمها سكان المخيم للاجئين السوريين بقوله "قدمو إلينا إلى المخيم الذي استقبلهم كما استقبل من قبل الفلسطينيين، استتقبلناهم ووقفنا معهم وهناك من اقتسم معهم المسكن والمأكل"، مضيفاً أن الفلسطينيين يشاطرون إخوتهم السوريين معاناتهم التي يستذكرها الآباء والأجداد.
من جانبه يؤكد أستاذ علم الاجتماع موسى الشتيوي أن تجربة اللجوء للفلسطينين تلعب دوراً في نظرتهم تجاه نظرائهم السوريين من الناحية الإنسانية والنفسية، حيث مرّوا بتجربة مشابهة، وبالتالي هم الأقرب إلى فهم واقع اللجوء السوري، مضيفا أن المجتمعات المحلية الأخرى تتعاطف مع اللاجئين السوريين بسبب القيم العربية الأصيلة التي يمتلكها المجتمع الأردني.
قد يكون مخيم اللاجئين الفلسطينيين في جبل الحسين بعمان شاهداً واحداً من آلاف الشواهد، على أن الوطن وإن لفظَ أبناءه رغماً عنه، فإن أرضاً ما تجمعهم سويةَ، حتى وإن كانت الأرض "مخيم".