زوجات المعتقلين بين براثن الانتظار وقيود المجتمع

زوجات المعتقلين بين براثن الانتظار وقيود المجتمع
الرابط المختصر

لا تغيب قضبان السجون من يقف خلفها وحده عن حياته خارج أسوارها، وإنما يصبح العديد ممن يربطهم به علاقة قرابة مغيبين عن حقوقهم وواجباتهم أمامه، وتبقى أسر المعتقلين الذين لا يعرفون مصيرهم هم الأكثر تضررا.

سجل مركز توثيق الانتهاكات في سورية أعداد المفقودين بحوالي 2421، موثقين بالاسم ومكان وتاريخ الاعتقال، و لم يفتح ملفهم حتى الآن، في غياب ردة فعل المجتمع الدولي، وعدم تأمين حق حصول ذويهم عن معلومات عنهم أو عن مكان اعتقالهم.

أم سامر لاجئة وأم لطفلين، وزوجة معتقل غيبته السجون عنها وعن أطفالها، تؤكد أن الانتظار صعب، والمسؤولية أصبحت أكبر خاصة  في ظروف اللجوء والوضع المادي المحدود.

الدكتور والمختص في القانون الدولي فوزي السمهوري يؤكد لـ"سوريون بيننا" أنه لايجوز حجز حرية إنسان إلا وفق القانون، كما يحق للمعتقل أن يتصل بمحاميه وأن يتم إعلام ذويه عن مكان احتجازه، موضحا أن ما يحصل في عديد من الدول والأنظمة الشمولية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، هو انتهاك صارخ بحق الإنسان بالعيش بحرية، ومخالفة صريحة للاتفاقية الدولية التي تنص على القضاء ومناهضة كافة أشكال التعذيب والتغييب القسري.

ويشير تقرير نشر على موقع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تحت عنوان "نساء بمفردهن" إلى أن أكثر من 145 ألف لاجئة سورية يدرن بيوتهن ويعملن على تأمين أجرة المنزل وتكاليف إعالة أسرهن تحت ظروف صعبة  وانتهاكات وظروف عمل قاسية.

"اضطررت إلى ترك العمل الذي كان ينشلني أنا وأبنائي، بسبب صاحب العمل الذي حاول أن يستغل ضعفي"، تروي اللاجئة هنادي كيف طلب منها صاحب العمل الزواج في السر، وعندما واجهته بعدم قبولها أصبح يضايقها إلى أن أجبرها على ترك العمل، حسب ما تؤكد، وهي أم لثلاثة أطفال، وزوجة لمفقود لم تعرف عنه شيئا منذ أكثر من عامين.

المحكم والمأذون الشرعي عبد المؤمن أبو العسل" يقول إنه يحق لمن غيب زوجها بعد انقضاء السنة من غيابه أن تذهب إلى القضاء بحضور شاهدين يعرفان زوجها، مع ما يثبت زمن حادثة فقدانه، لتحصل على حكم بالطلاق منه بشكل قانوني.

"كل من حولي يحاولون إجباري على الذهاب إلى القاضي لأتطلق من زوجي غيابيا، تربية أولادي هي كل مايهمني، ولا أريد لأطفالي أن يكبروا في ظل أحد غير أبيهم"، لم تفقد اللاجئة أم علاء الأمل من عودة زوجها رغم كل القيود التي تلاحقها وتفرضها عليها عادات وتقاليد مجتمعها، رافضة كل محاولات فرض الزواج عليها بعد أن مضى عامين على اختفاء زوجها في سورية، لتواجه هذا الضغط بالرفض المستمر.

الأخصائية النفسية والتربوية ليلى عقيل تؤكد لـ"سوريون بيننا" أن زوجة الفقود من الفئات التي تعاني نفسيا، خاصة وأن معنى الفقدان لديها لم يكتمل، فضلا عن الأخبار المتقطعة والمتناقضة التي تصلها عن زوجها والتي تؤكد أحيانا أنه حي، وتشكك أحيانا أخرى بوفاته، موضحة أن كل ذلك يؤثر على حالتها النفسية بشكل كبير، حيث تتعرض للقلق المستمر وتواجه مشاكلات مستمرة في النوم والشعور بالعجز والاكتئاب أو الضياع والخوف من المستقبل.

وتشير عقيل إلى أن الأطفال أيضا قد يشعرون بالنقص وعدم اكتمال النمو النفسي، خاصة لدى الذكور، وستكون هناك حاجات غير ملبية لا يعوضها سوى وجود الأب.

تحديات جديدة تواجهها النساء السوريات عاما بعد عام في بلدان اللجوء، حيث تأخذ الأزمة السورية منهن ما كن يعولن عليه للعيش بكرامة والاستمرار رغم كل الظروف، إلا أن فقدان رب أسرهن وبقاء مصيره مجهولا، يفتح عليهن بابا كبيرا من المشكلات النفسية والاجتماعية والاقتصادية.

أضف تعليقك