دعم الجرحى والمصابين نفسيا... خطوة أولى أمام مستقبل أفضل
ازدادت نسبة اللاجئين السوريين الذين يعانون من إعاقات دائمة نتيجة العنف المسلح الذي تمارسه أطراف النزاع داخل سورية، وخصوصا منذ منتصف شهر أيلول الماضي، ووصل عدد الجرحى منذ اندلاع الأزمة السورية إلى 60,000 ألف جريح، يتلقون العلاج في مستشفيات ومراكز الأردن الصحية، 50% منهم مصابون بإعاقات مختلفة قد تكون دائمة حسب توقعات منظمة الصحة العالمية.
أصيب الشاب السوري محمود بسبع رصاصات، اثنتين منهم بقدمه اليمنى والخمسة المتبقية بقدمه اليسرى، ويؤكد محمود أن عدم توفر العلاج اللازم لشفائه أدى إلى بتر إحدى قدميه، واصفا صعوبة وضعه النفسي حينها، بعد أن فقد الأمل بمستقبله الذي كان يخطط له، وشعوره بالوحدة بعد اللجوء.
إلا أن حالة محمود النفسية بدأت بالتحسن عندما قرر الخضوع للدعم النفسي ولدورة تأهيل مكنته من قبول وضعه الجديد في مركز سوريات عبر الحدود.
ويروي محمود لـ"سوريون بيننا" عن شعوره بالرضا والقبول من الآخرين حوله في المركز بمجرد دخوله هناك، مشيرا إلى قدرته على التأقلم مع وضعه الصحي الجديد وإعاقته ليعود ويمارس مهنة الحلاقة التي كان يعمل بها قبل إصابته، معبرا عن فرحته بكونه "حلاق المركز" ولو كان ذلك على كرسي.
مدير مركز سوريات عبر الحدود الدكتور عامر الحافظ يؤكد أن إعادة تأهيل الجريح ودمجه في المجتمع، تنطلق من نوع الحالة ونوع الإصابة، موضحا أن حالات الشلل مثلا هي الأصعب، حيث لا يدرك المصاب بها أنه لن يستطيع المشي على قدميه بعد اليوم، فيما يعمل الفريق المختص على تهيئته لوضعه الجديد، وكيفية تعامله مع حالته، ليخدم نفسه، ثم يتم إخضاعه لبرنامج يهدف لدمجه في المجتمع وإيجاد المهنة التي تناسب حالته الصحية الجديدة.
كما يؤكد الحافظ على ضرورة تأهيل الحالات التي تعرضت لبتر أحد أعضائها نفسيا واجتماعيا، من خلال دعمهم بصورة مكثفة، مؤكدا على أن خسارة أي طرف في جسم الإنسان لا يشكل عائقا أمام تحقيق طموحاته وأحلامه، في محاولة منهم إلى إعادة الثقة بأنفسهم من جديد.
استطاع الطفل السوري ابراهيم أن يقنع نفسه بأن إصابته في قدمه، التي أجلسته على كرسي متحرك، لن تمنعه من تحقيق طموحه بأن يصبح صحافيا، عندما يكبر، لينقل حقيقة ما يجري في سورية، بعد أن كان قد فقد الأمل قبل ان يلجأ إلى الأردن، في وقت لم يستطع فيه الذهاب إلى المستشفى ليظل بانتظار الطبيب الذي يزوره كلما سمحت الأوضاع الأمنية بذلك.
ولكن ابراهيم، لم يعتمد على العلاج وحده، حيث كان للدعم النفسي الذي تلاقه من خلال المركز أثرا كبيرا على عودته لممارسة حياته بصورة طبيعية، ويؤكد ابراهيم أنه أصبح أكثر تفاؤلا بشأن مستقبله الذي ظن أنه لن يحققه أبدا بعد إصابته.
مؤيد العاسمي أحد القائمين على الدعم النفسي وتأهيل الجرحى في مركز سوريات عبر الحدود، يوضح أن الحالة النفسية تأخذ الحيز الأول في علاج مصابي الحروب، بعد تعرضهم لصدمات إصاباتهم البالغة، والتغيرات الجذرية التي حلت بهم، مشيرا إلى أنهم في المركز يقومون بمحاولات إخراج المريض من أجواء العلاج الروتيني، لأجواء أكثر حميمية، منوها إلى استخدامهم وسائل تعليمية وتوجيهية مختلفة كالأفلام الوثائقية، هدفها جميعا عرض حالات لأشخاص لم تمنعهم إعاقاتهم من تحقيق أحلامهم، بالإضافة إلى ضرورة دعمهم نفسيا كغيرهم ممن تلقوا العلاج وأصبحوا مؤثرين في مجتمعاتهم على مختلف الأصعدة.
إستمع الآن