النفايات ثروة في الكثير من الدول المتقدمة علمياً واقتصاديا تستغلها لدعم الاقتصاد الوطني، هذه النقطة أدركتها منظمة اليونيسف العاملة في مخيم الزعتري للاجئين السوريين وبدأت منتصف العام الجاري مشروعا جديدا لإعادة تدوير النفايات فيه.
الفنان السوري عمر لجأ إلى مخيم الزعتري منذ ما يقارب العام، وجد في هذا المشروع ضالته ليعمل على الاستفادة من النفايات كمواد أولية لعمله وإبداعاته الكثيرة، التي جمعها بالغراء ومنحها الجمال بالألوان.
الورق وعلب البلاستك، المرمي في النفايات صنع منه عمر مجسمات كثيرة تقارب الواقع، فأصبح مدرج بصرى المصغر ومجسم البتراء والمزهريات والمجسمات الفنية تحفا في المعرض المقام داخل مخيم الزعتري.
ويأمل عمر في أن تجد منتجاتهم معجبيها، الذين قد يدفعوا ثمنا لها، يعود على اللاجئين في المخيم بالفائدة المادية، متمنيا أن يكون مصدر رزق للكثير من العائلات المحتاجة.
عن المشروع يوضح المسؤول الميداني المهندس غاندي بكار لـ "سوريون بيننا" ،أن الفكرة نشأت بسبب تراكم النفايات الكبير داخل المخيم، وكان لا بد من إيجاد حل سريع للتخلص أو الاستفادة منها.
ويضيف بكار أن النفايات البلاستيكية هي المشكلة الأكبر في المخيم، فتراكم النفايات بهذا الشكل الكبير ولمدة تقارب الثلاثة أعوام يمكن أن يتسبب بأضرار بيئية كبيرة، وصحية خطيرة قد لا يمكن إصلاحها.
ويوضح البكار ان المشروع درب 25 طفلا وشابا على إعادة تدوير النفايات في كل موقع من مواقع المنظم، والبالغ عددها 21 موقعا، بهدف نقل هذه الخبرة إلى مساكنهم، وكانت أولى النتائج ظهور حدائق صغيرة حول مساكن المتدربين صنعت أسوارها من مواد مدورة.
أما عن إمكانية تطوير المشروع، فيؤكد البكار أن الفكرة مازالت وليدة، وتحتاج لدعم وكوادر بشرية كبيرة، كي تتطور وتتوسع على مستوى مخيم الزعتري ككل، ليؤمن مردودا اقتصاديا يعود بالنفع على اللاجئين السوريين هناك.
الخبير البيئي المهندس باسل برقان يرى أن المشروع مهم جدا في تلك المنطقة المكتظة بالسكان، ويؤكد على فعالية مثل هذه المشاريع وفائدتها على الاقتصاد الوطني والمجتمع ككل، إلى جانب تشغيلها لعدد من الأيدي العاملة.
ويشدد برقان على أن المشروع جاء متأخرا جدا، بعد ثلاث سنوات من اللجوء، حيث كان لا بد من التفكير في مثل هذه المشاريع منذ البداية لتلافي تراكم النفايات في المنطقة.
ويضيف برقان أن القرى المحيطة تعاني من تراكم أكياس النايلون التي تحملها الرياح من مخيم الزعتري إليها، بالإضافة لقيام بعض سائقي شاحنات نضح المياه العادمة، بتفريغ هذه المياه على جانبي الطريق المار بجانب قراهم، مما تسبب بموت عدد من المواشي.
وينتقد برقان منظمة اليونيسيف القائمة على المشروع، بقيامها بحرق النفايات الرطبة من مخلفات الطعام وغيره، حيث يرى أن هذه النفايات يمكن تخميرها والاستفادة من غاز الميثان المنبعث منها بعد التخمير، في التدفئة أو حتى تحضير الطعام داخل المخيم.
تدوير النفايات في الأردن، بدء من مخيم الزعتري، وفي حال رأى هذا المشروع النور هناك رغم كل الصعوبات والمعيقات التي تواجهه، فإنه من السهل تطبيقه على بقية مناطق المملكة، ليصبح الزعتري مثالا يحتذى به.