انعدام البيئة الأسرية الآمنة في منازل اللاجئين لكثرة عدد أفرادها

الرابط المختصر

يوما بعد يوم، تفقد أسر اللاجئين السوريين في الأردن قدرتها على جمع ما تبقى من شتاتها خلال رحلة اللجوء وما لحقها من سنوات، حيث دفع تدهور وضعها المالي وعدم توافر فرص العمل لأربابها، إلى سكن العديد من الأسر مجتمعين في بيت واحد غالبا لا يتسع لنصف عددهم أو أقل بكثير.

اللاجئ السوري معين السرحان يقطن في منزل مع زوجته وأم زوجته وأخيه وزوجة أخيه وأولاد الأسرتين،  ويؤكد لـ"سوريون بيننا" أن سبب سكنهم مع بعضهم في منزل واحد يعود لعدم توافر أجرة منزلين منفصلين.

ويشير السرحان إلى وجود إيجابيات تتعلق بضم العائلة في بيت واحد، إلا أن سلبيات ذلك تفوق الإيجابيات بكثير، معبرا عن واقع حالهم بأنها وصلت إلى حد لا يطاق، لانعدام الحرية الشخصية فضلا عن الشغب الذي يحدثه الأطفال.

وحول حالة الأطفال النفسية يوضح السرحان أن أحد أبنائه عاد من المدرسة وبقي في الشارع لمدة طويلة دون أن يذهب لمنزله، مضيفا أن طفله يخاف من مواقف تحمل عنفا في البيت، وسببها الضغط الكبير على أفراد العائلة الكثر، ليصبح الشارع بالنسبة إليه أكثر أمانا ومكانا لتفريغ طاقاته بحرية في ظل عدم توافر البيئة الآمنة والجو الصحي في المنزل.

وهو ما يؤكده اللاجئ السوري علاء نصر، موضحا أن سكنه وسط عائلة كبيرة أفقده الخصوصية ويمنعه من النوم غالبا، وأضاف أن عدم تعود أفراد الأسرة على تغير نمط حياتهم أثر بصورة كبيرة على سلوكيات أفرادها، حيث أصبحوا أكثر توترا بما ينعكس على تعاملهم المشحون دائما، منوها إلى أن المنزل أصبح بالنسبة إليه مهجعا للنوم فقط.

اللاجئة السورية آرام سليمان تشير إلى أن الاحتكاك المستمر بين أفراد الأسرة الكبيرة في ظل إحساسهم بأنهم مجبرين على العيش سويا، عكس الصورة الطبيعية للتلاحم الأسري، ليصبح وجودهم مع بعضهم في بيت واحد سببا رئيسيا لتباعدهم وفرقتهم.

الأخصائية النفسية والاجتماعية ريم الاغا تؤكد لـ"سوريون بيننا" على وجود سلبيات كثيرة لسكن أفراد من العائلة الكبيرة تحت سقف واحد رغم وجود إيجابيات، موضحة أنها تؤثر على علاقة الزوجين ببعضهم نتيجة تدخل الأسرة في شؤون الزوجين، مما ينعكس على تربية أطفالهم بشكل سلبي.

وتوضح الآغا أن عدم وجود مرجعية واحدة للأطفال لتقييم سلوكهم سينتج عنه عدم استقرار في أنماط سلوكهم.

وفيما يخص اللاجئين السوريين في الأردن تقول الآغا أنهم يواجهون ضغوطا نفسية كبيرة بسبب التغيرات الجذرية التي طرأت على أسلوب حياتهم سابقا، حيث اعتاد غالبيتهم على احتواء البيت الواحد لأفراد الأسرة المكونة من الأب والأم والأبناء فقط.

وتؤكد على أن المزيد من الأفراد في البيت الواحد يعني مزيدا من المشاكل ومزيدا من الضغوط مع القليل من الحرية، في ظل ظروف قاسية وشح في الحالة المادية، حيث أن منازلهم لا تكفي الجميع والعناية بكل فرد ستكون أقل، منوهة إلى أن حل هذه المشكلة سيكون فقط بمقدار الوعي الاجتماعي والنفسي لدى العائلات السورية.

الحلم بمنزل آمن يكفل الحرية الشخصية والعيش بكرامة أصبح أيضا من الأحلام التي تراود اللاجئ السوري أينما يمضي، في وقت أصبحت فيه عودته إلى وطنه وبيته الكبير في مهب التوقعات وعلى كف الأمل.