سوريون بيننا - مراد المصري
حمل الأطفال السوريون آثار الحرب في بلادهم، منطبعة في نفوسهم الغضة ببلدان اللجوء، بما فيها من مشاهد القتل والدمار، وانعكاساتها المرعبة في بواطنهم، لتغيّب ملامح الطفولة عن قسمات وجوههم.
مشروع "مكاني"، أحد المشاريع المعنية بالدعم النفسي للأطفال السوريين اللاجئين في الأردن، يستخدم أسلوب الرسم لاختبار الحالة النفسية التي يعاني منها الطفل، واكتشاف المشاكل يعاني منها، للعمل على تقديم الدعم والخدمة الاجتماعية والنفسية المناسبة لكل حالة .
الطفلة السورية نور، ذات التسع سنين، إحدى الأطفال الملتحقين في المشروع، تجد بريق الأمل في عينيها، رغم افتقادها لجنبات منزلها الدمشقي، يغلب على مساحات رسماتها اللونان الأسود والرمادي، وسط أهوال الحرب من طائرات وصواريخ وأطلال المنازل المهدمة، إلا أنها اتجهت بعد الجلسات النفسية، إلى رسم الأشجار والبحر والأنوار، لتعود الضحكة بين شفتيها.
كما تحولت الطفلة السورية زينب، من تجسيد الدماء والدمار في رسوماتها قبل جلسات الدعم النفسي، إلى رسم الحدائق والأشجار الخضراء، وأصدقائها وعائلتها، كل ذلك بألوان زاهية تتناغم وبراءة طفولتها.
المنسقة الميدانية في المشروع جهاد النجاص، توضح أن برنامج الدعم النفسي يستهدف الأطفال السوريين الذين يعانون من آثار نفسية بسبب الحرب، فـ"من خلال الرسم يمكن للطفل أن يعبر عن أشياء في داخله بطريقة أسهل من السؤال والجواب، وبذلك يتم الحصول على المعلومة دون جرح مشاعر الطفل".
وتشير النجاص إلى أن هناك أدوات لقياس الحالة النفسية، ومنها طريقة الرسم الموجه، وذلك من خلال توجيه المشرفين للأطفال بالرسم ضمن قوالب معينة، أو طريقة الرسم الحر بترك المجال للطفل، بتركه يرسم ما يدور في باله على سجيته.
من جانبها، تؤكد الباحثة الاجتماعية المشرفة على البرنامج هيفاء مطاحن، أن الرسم هو أساس للتواصل مع الطفل، حيث يعبر من خلاله عن المرحلة النفسية التي يعيشها، والظروف التي مرّ بها .
وتضيف مطاحن بأن الأطفال السوريين، وبعد فترة زمنية وجيزة من بداية الدعم النفسي التي يقدمها البرنامج ، تحولت رسوماتهم من مظاهر الحرب والدم ، إلى رسم مظاهر الفرح والسعادة والاندماج مع الأطفال الآخرين .
يذكر أن البرنامج ممول من منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، وينفذ من خلال معهد الملكة زين الشرف، وقدم خدماته لحوالي 1000 طفل في المعهد.
محاولة لرصد الآثار النفسية التي خلفتها الحرب في قلوب الأطفال السوريين، قد تكون مقدمة لإعادة بسمة لبراءة انتزعتها مشاهد الرعب والدماء والدمار، وشردتها خيام اللجوء.