من يعرف عنب داريا، يعلم تماما طعم الحرية في حبات عنقودها البلدي، ومن يعرف داريا ، يعلم تماما أن صباياها مثل عنقود عنبها لا يستطعن العيش بين قضبان الزنازين.
ابنة التسع عشر ربيعا ذرفت دموعها وهي تسرد قصة اعتقالها في سجون الأمن السوري، أكثر من شهرين أمضتها أماني في زنزانات النظام. تروي أماني لـ "سوريون بيننا" قصة معاناتها مع الاعتقال حين أوقفها حاجز لقوات النظام على مدخل مدينتها داريا خلال توجهها إلى إحدى مدن الريف الدمشقي، ووضعها كدرع بشري بعد أن جرت اشتباكات بين قوات المعارضة و الجيش على الحاجز.
وتم نقلها فيما بعد إلى الفرقة الرابعة ثم إلى المخابرات الجوية التي تلقت في أروقتها أسوء أنواع التعذيب الجسدي و النفسي طوال فترة اعتقالها، و نسبت إليها تهمة تمويل الجماعات المسلحة، رغم مشاركتها في المظاهرات السلمية فقط، بحسب تعبيرها.
ولفتت أماني إلى أن عدد المعتقلات في الزنزانة التي كانت فيها في فرع المخابرات الجوية في المزة، يتراوح بين 15 إلى 20 معتقلة في مساحة لا تتجاوز أربعة أمتار. خرجت أماني من زنزانتها لتصبح أسيرة مجتمع كثير الوعود، قليل التنفيذ، حتى هربت إلى الأردن مع زوجها لتخفي وجهها عن مجتمع "لا يرحم"، لكن نفسها المعذبة لم تهدأ حتى خضوعها لجلسات الدعم النفسي، لتبدأ بعدها بالعمل في منظمة لدعم الأطفال نفسيا، كانوا ضحايا أيضا.
وأوضح الأخصائي النفسي الدكتور محمد ابوهلال، أن الفتاة التي تتعرض للاعتقال يمارس عليها ظلم مركب، النظام من جهة، والمجتمع من جهة ثانية، ومن الطبيعي أن تدخل الفتاة في مرحلة من الاكتئاب و قد تفكر في الهروب و الانعزال كرد فعل على ما حصل لها.
وأوضح أبو هلال أن بعض الفتيات استطاعت التغلب على هذه الحادثة، وكان لها دور إيجابي في دعم زميلاتها.
أماني ليست الضحية الوحيدة التي تعرضت للاعتقال والتعذيب، فما زال في سجون النظام ما يقارب 1500 معتقلة، بحسب مركز توثيق الانتهاكات في سوريا.