لاجئون سوريون..يتحدثون عن “رحلة العودة”

لاجئون سوريون..يتحدثون عن “رحلة العودة”
الرابط المختصر

أحمد
المجاريش-سوريون بيننا

لم
يأخذ الشاب السوري خالد (اسم مستعار)، ذو الـ 29 عاماً، الأمر على محملِ الجد
عندما طُلب منه موظف في معبر نصيب الحدودي مع الأردن مراجعة أحد الأفرع الأمنية في
درعا، ظناً أنه يمازحه، ولكن سرعان ما تحول الأمر إلى جدّي عندما استلم ورقة
مراجعة الأمن السياسي في درعا موجود فيها اسمه الثلاثي وتاريخ مراجعة الفرع.

ويقول خالد، الذي كان يعيش في أحد مخيمات اللجوء،
إنه لم يتمالك نفسه عندما استلم ورقة مراجعة الفرع، فسأل الموظف عن سبب مراجعة
الفرع ليرد عليه “هاي شغلة روتينية انت كنت خارج البلد فار ورجعت الى حضن الوطن
فمن الطبيعي مراجعة الفرع”.

رحلة عودة خالد الى سوريا، والتي بدأت من السفارة
السورية في عمان للحصول على ورقة عبور وحتى وصوله إلى بيته في درعا.

في كانون الاول الفائت، قرر خالد الذهاب الى
السفارة السورية بعد ان أطّلع على شروط وقرارات العودة لإجراء أوراق العبور من معبر
نصيب والعودة الى قريته الريفية في جنوب سوريا بعد رحلة لجوء دامت خمس سنين في
الاردن.

يقول خالد لـ"سوريون بيننا" “إنه بعد
تعب وجهد كبير بسبب ازدحام السوريين على شباك طلب العودة قدمت طلب للحصول على ورقة
عبور لي ولزوجتي ولأولادي بعد ان دفعت مبلغ 18 دينار لكل شخص من افراد عائلتي،
وبعد أسبوع من تاريخ تقديم الطلب حصلت على ورقة العبور”.

واستطرد ” وعلى عجل – وبعد أن سمحت لي سلطات
المخيم بتحميل كامل أمتعتي التي حصلت عليها طول سنوات اللجوء – لملمت كامل امتعتي
التي احتاجها في سوريا، قبل ان أتوجه الى معبر جابر الحدودي، ولكن عند وصولنا الى
الجانب السوري تم منعنا من إدخال الأدوات الكهربائية حتى ندفع مبلغ من المال وقدره
60 ألف ليرة سوريا تحت اسم جمركة وبدون وصل مالي بالإضافة الى ورقة مراجعة الامن
السياسي بدرعا”.

وصف خالد زيارته الى فرع الأمن السياسي قائلا
“بعد أربعة أيام من وصولي الى بلدتي ذهبت برفقة عائلتي الى فرع الأمن السياسي
لمراجعة الفرع هناك، كان الخوف مسيطر علينا بشكل كبير وظاهر على وجوهنا ، خلال وقت
الانتظار في القاعة التي استمرت ساعة ونصف، وانا جالس طيلة الوقت على كرسي حديدي،
كان وجهي يزداد احمرارا وتسارع في دقات قلبي ونشفان في فمي، ساعة ونصف مرت علي
وكأنهن قرن من الزمن، عندما دخلنا الى غرفة التحقيق كان المحقق يجلس في صدر غرفته
الطويلة والمفروشة من أفخر أنواع السجاد، قال لنا أهلا وسهلا في سوريا الأسد لا
تخافوا هي الأمور روتينية نريد معرفة منكم بعض الأمور، فبدأ يسألني لماذا خرجت من
بلدتك ومتى، وكيف خرجت ومن ساعدك على الخروج، كيف وصلت الى الأردن؟ اين سكنت؟
وماذا عملت؟ ما هي المنظمات التي ساعدتك؟ كم جلبت معك من الأموال؟

جميع الاسئلة كانت موجهة لي ولزوجتي، استمرت
التحقيقات لمدة ساعتين ونصف، كانت جميع اجوبتي تدعم النظام السوري، فاضطررنا أن
نقول إننا خرجنا من سوريا بسبب التنظيمات الإرهابية وهم من دمروا منزلي وسلبوه،
كانت أجوبتي دقيقة بشكل كبير خوفا من الوقوع بالخطأ ومن ثم المصير المجهول، ولكن
فاجئني المحقق عند انتهاء التحقيق انني مطلوب لشعبة التجنيد الاجباري للالتحاق
بالاحتياط.

تحدث عائدون عن طريق عودتهم من الأردن الى قراهم
وأكدوا وجود ابتزازات مالية في معبر نصيب بالإضافة الى اعطائهم ورقة مراجعة أحد
الافرع الامنية، حيث أكد الشاب ابو محمد من ريف درعا الشمالي (هكذا اراد ان يكون
اسمه لأسباب أمنية) على دفع مبلغ 45 ألف ليرة سورية بدافع المرور من المعبر دون
اعطائه وصل مالي.

وعن سبب رغبة ابو محمد في العودة الى سورية قال
“انا شاب تجاوز عمري 35 عاما، انهيت الخدمة العسكرية منذ عشرة سنين، لذلك لم احسب
حساب الخدمة العسكرية، وقررت العودة خوفا من مصادرة منزلي ولكن تفاجأت ان اسمي من
ضمن قوائم الاحتياط، فوقعنا في الفخ، بالرغم من اصدار عفو من بشار الأسد بخصوص
الاحتياط”.

بدأ السوريون في العودة الى سوريا منذ فتح معبر
نصيب في منتصف أكتوبر المنصرم، بحركة خفيفة والتي وصفت “بالخجولة” نظرا لقلة
العائدين والتي كانت الحكومة السورية تتوقع بان تكون الاعداد كبيرة في اول أسبوع
من افتتاحه وخاصة الشباب من اجل كسبهم في الخدمة العسكرية.

ولكن لم تجري الرياح بما تشتهي الحكومة السورية،
تشير معظم الاحصائيات الصادرة من الجهات الرسمية الى ان معظم العائدين الى سوريا
هم من النساء والاطفال، فقد أعلن المركز الروسي لاستقبال وتوزيع وإيواء اللاجئين
السوريين الخميس الفائت، عن عودة نحو 1000 لاجئ إلى سوريا، خلال الـ 24 ساعة من
بينهم 671 لاجئا عادوا من الأردن (201 امرأة و342 طفلا) عبر معبر نصيب الحدودي.

سعت روسيا منذ أن سيطر الجيش السوري على كامل
الجنوب الى اعادة اللاجئين السوريين من الاردن وكثفت جهودها الدولية لتحقيق ذلك
ولكن لم يتطرقوا على حماية العائد البيئة الامنية والاجتماعية والاقتصادية.

الخبير القانوني لشؤون اللاجئين قال لـ “سوريون
بيننا “الاتفاق نُضم بطريق مخالفة لأحكام القانون الدولي، وهو على مبدأ الضامنين،
فروسيا هي من ضمنت الجانب السوري وعليها تقع مسؤولية حماية اللاجئ عند العودة الى
بلده، وللأسف كل الاتفاقيات كانت تتحدث عن العودة ولم يتحدثوا عما بعد العودة”.

بين الحنين للعودة الى مسقط الرأس والالتحاق
بالخدمة العسكرية أو البقاء في دول الشتات يعاني مرارة الغربة وألم الحنين الى
الوطن، يبقى السؤال إلى متى يبقى السوري حائرا في أمره والتفكير في مستقبله
ومستقبل أولاده المجهول.