سيدة سورية وشابة أردنية تتغلبان على نظرة المجتمع بمشروع ريادي مشترك
في منطقة صبحا في محافظة المفرق، شمالا باتجاه الحدود الأردنية-السورية، تعمل سجى السردي (أردنية) وفاطمة الرفاعي (سورية) جنبا إلى جنب في مشروعهما الريادي بالزراعة المائية، الذي يعتبر الأول من نوعه في المنطقة، منذ نحو ثمانية أشهر.
لجأت الرفاعي، 36 عاما، من محافظة درعا إلى الأردن سنة 2013، مع زوجها وأطفالها الخمسة، وتعيش في منطقة صبحا، لواء البادية الشمالية بمحافظة المفرق، حيث تعرفت على شريكتها السردي، 22 عاما، ونشأت بينهما علاقة اجتماعية، قبل البدء بالمشروع.
وتقول الرفاعي، إن المشروع يشكل مصدر دخل بسيط لأسرتها، "خاصة وأن زوجها لا يعمل بشكل مستمر وهو ما أعطاهم الشعور بالأمان بعد انطلاق المشروع". بينما تمكنت السردي من إتمام دراستها الجامعية.
أهمية المشاريع الريادية
المشاريع الريادية، بحسب خبراء، تشكل أهمية كبيرة في خلق فرص عمل وتحسين الواقع المعيشي والاجتماعي، إذ ينعكس ذلك بشكل مباشر على الأسرة بشكل خاص، والمجتمع بشكل عام، ناهيك عن التأثير الإيجابي على قطاعات اقتصادية أخرى، كالنقل والتسويق.
وبدأت مشروع الرفاعي والسردي برأس مال بلغ 3000 دينار أردني، إذ وفرت مؤسسة نهر الأردن منحة مالية، كون المشروع حديثا وكان في طور الإنشاء، وهو "ما ساعد الشريكتان على الانطلاق بسرعة أكبر، خاصة وأنهما تلقيتا تدريبات من قبل مختصين بالزراعة المائية ومتابعة، بعد دعم المشروع من نهر الأردن" وفق الرفاعي.
"مؤسسة نهر الأردن والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين وفرت التدريب العملي في محافظة جرش مع مهندسين زراعين مختصين وأنّ هناك زيارات بشكل دوري لهم لموقع المشروع" تقول الرفاعي.
وتعمل منظمات محلية ودولية، على دعم مشاريع ريادية مشتركة بين الأردنيين واللاجئين السوريين، بهدف توفير دخل يعود عليهم وتعزيز اندماج اللاجئين في المجتمع المحلي المستضيف.
السردي تعتبر أن الزراعة المائية هي الخيار الأفضل، كون الأردن يعاني من محدودية الموراد المائية، إضافة إلى الظروف البيئية القاسية في المفرق.
"هذه الزراعة قائمة على فكرة الزراعة بوسط مائي دون الحاجة للتربة فمن خلال شبكة مغلقة من الأنابيب التي تحتوي على الماء والعناصر المغذية التي يحتاجها الماء يتم ضخها باستمرار بقدر حاجة كل نبات للماء ولا يتم التخلص من الماء بل يبقى داخل النظام ويتم تكراره واستخدامه مرة أخرى وأخرى"، توضح السردي.
نظرة المجتمع
وتشاركت فاطمة وسجى الكثير من التحديات كالظروف البيئة الصعبة كبرد الشتاء وحرارة الصيف فنوع وكمية المحصول ترتبط بهما، لكن التحدي الأكبر نظرة المجتمع وثقافة العيب.
"البعض يرى أن هذه المهنة تقتصر على الرجال دون الإناث فهي تحتاج لمجهود جسدي والكثير من العمل والمتطلبات الشاقة من زراعة البذور والعناية بها ومن ثم حصادها وبيعها والكثير من الأمور وخاصة أنني ما زلت في الجامعة، وفاطمة أم لخمسة أطفال"، تقول سجى.
وتضيف أن المشروع اليوم بات يحظى بدعم من المجتمع المحلي لتكبر أحلام فاطمة وسجى بأن يصبح المشروع أكبر ليضم الكثير من المحاصيل الزراعية كالخضراوات والورقيات وبعض أنواع الفاكهة.
واستصدرت فاطمة تصريح عمل زراعي مرن، لتعمل بشكل قانوني، إذ إن التصريح المرن يمكن استصداره من دون صاحب عمل، ويشرك في الضمان الاجتماعي.
وبدأ شمول العمال والعاملات من اللاجئين السوريين في الضمان الاجتماعي اعتبارا من شهر تموز 2021، إذ أصبح استصدار أو تجديد تصريح العمل المرن يتطلب دفع قيمة الاشتراك بالضمان الاجتماعي بما لا يقل عن مجموع مستحقات شهرين للشمول بالعمل المرن.
وتبلغ تكلفة استصدار تصريح العمل الزراعي الإجمالية، 48 دينارا، شاملة اشتراك الضمان لشهرين وفق الحد الأدنى للأجور، على أن يسدد العامل اشتراكاته في الضمان بشكل مباشر، وفق وسام عبيدات، ضابط ارتباط تصاريح العمل الزراعية في جمعية كفرسوم.
"تأمينات الاشتراك في الضمان تتضمن تأمين إصابات العمل، وتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، وتأمين الأمومة، وتأمين التعطل عن العمل، إضافة إلى التأمين الصحي، وفق عبيدات.
وبلغ عدد تصاريح العمل الزراعية منذ بداية العام الحالي ولغاية 28 أيلول 5372 تصريح، وفق رئيس وحدة اللجوء السوري في وزارة العمل، حمدان يعقوب.
وأوضح يعقوب، في حديث خاص، أن من بين التصاريح 372 تصريح عمل للإناث، بينما أشار إلى أن عدد تصاريح العمل بكافة القطاعات بلغ 48 ألف تصريح منذ بداية 2022 وحتى 28 أيلول الفائت.
بعد عشر سنوات من اللجوء السوري في الأردن، أصبحت مظاهر الاندماج بين اللاجئين والمجتمع المستضيف واضحة، بعد عملهم إلى جانب بعضهم البعض، وخلق شراكات حققت منفعة اقتصادية مشتركة واجتماعية، بينما سهلت الحكومة استصدار تصاريح العمل للاجئين السوريين، الأمر الذي ساهم بدخولهم إلى سوق العمل وتبادل المهارات والخبرات.