الروح الرياضية يجب أن تسمو

تابعت أنا وابنتي بشغفٍ نهائيات الفيصلي مع الترجي التونسي في الإسكندرية أوّل أمس. وقد أحبطنا تراجع الفيصلي في الدقائق الأولى من الشوط الثاني، ثم تحمسّنا عند تساوي النتيجة في الشوط الثاني واثقين أن قوة الدفع التي نتجت عن فوز مضاعف ضد النادي المصري المخضرم الأهلي في بيته وبين جمهوره سيساعد النشامى في التغلب على الفريق التونسي.

إلا أن التمنيات في رفع المعنويات الوطنية تلاشت عندما أحرز النادي التونسي هدف السبق، الذي جاء كصاعقة لكلّ متابعي الرياضة الأردنية. ورغم وجود قرائن قوية بوجود مجموعة أخطاء تحكيمية، لكن ذلك لا يبرّر ما حدث من تهجم غير مسبوق على الحكم المصري ومعاونيه وتخريب لملعب الإسكندرية الدولي بسبب الخسارة في المباراة النهائية.

شكّل تصرّف الإداريين واللاعبين ضد الحكّام والمنظّمين نقطة سلبية أمام فريق كان قد قدّم عرضاً وأداءً مميزاً نجح في تحفيز كافة الأردنيين لمتابعته. فما كان أن يكون هو موقف احتجاجي حضاري على خطأ الحكّام تحوّل إلى موقف سلبي ضد النادي الفيصلي ومن خلاله ضد الجماهير الأردنية، ما يسبّب معاقبة الفريق الأزرق من المشاركة في بطولات الأندية العربية .

من المعروف أن قرار الحكّام في كافّة المباريات في دول العالم لا يتم التراجع عنه مهما كانت أخطاؤهم واضحة. ولا نزال نتذكر يد مارادونا “الإلهية” التي جلبت لفريق وطنه الأرجنتيني بطولة العالم عن طريق مخالفة واضحة كشفتها صور التلفزيون وبقيت النتيجة نفسها رغم وضوح الخطأ.

بما أن النتيجة السلبية للنادي الفيصلي كانت قد حسمت مع صفارة الحكم فما هي الحكمة من قيام الإداريين بالتعدّي على الحكَم وهم يعرفون أن ذلك لن يغيّر النتيجة، إضافة إلى أنه سينعكس سلباً على الفريق والأردن. هل يعقل أن يتصرّف كل من يخسر مباراة -رغم وجود خطأ للحكام- بهذه الطريقة غير الحضارية التي تدل على غياب كامل للروح الرياضية.

من الضروري الاحتفال بإنجازات النادي الفيصلي الذي هزم الأهلي المصري مرتين ووصل إلى نهائية البطولة مسجلاً الموقع الوصيف في مباراة حماسية قدم خلالها أداءً ممتازاً.

ومن المعروف أن مشجعي الفرق المحلية في أي بلد ينسون منافساتهم الداخلية ويشجعون المنتخب أو الفرق الوطنية التي تلعب في الخارج ضمن شعورها الوطني والرغبة بنجاح أي فريق محلي. ولكن تلك الوحدة الوطنية التي تجلّت في تشجيع كافّة الأردنيين لنادي الفيصلي تُحمّل معها مسؤوليات للنادي وخاصة لقيادته الإدارية والفنية واللاعبين. ففي نفس الوقت الذي يتوحّد الكلّ خلف هذا الفريق أو ذاك الذي يلعب في الخارج فعلى الفريق أن يتصرّف بما يمثل الوطن بأكمله.

وبنفس الحماسة الشغف الذي نتابع فيه مباريات أي فريق أردني فإننا كإعلاميين علينا عدم السكوت عن أخطاء اللاعبين، فعدم التطرّق إلى ما حدث بعد الانتهاء من المباراة يعتبر معالجة للخطأ بالخطأ ويزيد من تمادي من قام به، وكأنه يشجع العمل البلطجي الذي سيؤدّى إلى معاقبة الفريق والإضرار بسمعة الرياضة الأردنية.

قد يكون هذا الكلام قاسياً، لكن هل من المقبول أن يتم السكوت عن هذا التصرف غير الحضاري بسبب الرغبة في الدفاع عن فريقنا الأردني العريق والتغطية على تصرفاته تحت حجة خطأ الحكم أو فورة العواطف. فلاعبي الفرق الرياضية في كل بلد محطّ متابعة وتأمل وقدوة للشباب الناشئ، فالغضب والاحتجاج على العنف الجامعي غير مقبول في نفس الوقت الذي يتم رفض أي انتقاد ولو بسيط حول العنف الرياضي.

داود كتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.

أضف تعليقك