“تحايل قانوني” يمنع ذوي الإعاقة من حقهم في العمل
يعاني الأشخاص من ذوي الإعاقة في الأردن ظروف عمل قاسية، إذ يواجهون صعوبات في الحصول على فرص عمل، وتحديدًا في القطاع الخاص، تحت مبررات أن ظروف العمل غير ملائمة لهم، أو بعرض أجور متدنية.
ظروف عمل غير ملائمة
ويظهر تقرير صادر عن المرصد العمالي الأردني، التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت، حمل عنوان “تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة: فجوات قانونية وحرمان من حقوقهم الأساسية” إلا أن قطاعات واسعة منهم، ما زالوا يعانون من ظروف عمل صعبة.
ويقول التقرير إن هذه الشريحة تعاني من “عدم توفير التسهيلات البيئية المناسبة لهم من قبل أصحاب العمل، حيث يتعرض الكثير منهم لضغوط نفسية، إلى جانب عدم تقبل المجتمع لهم ولإعاقتهم والاستهانة بقدراتهم”.
وإضافة إلى ذلك يعانون “من ضعف بيئة العمل المتاحة لهم والتي لا توفر لهم الحدود الدنيا من التسهيلات البيئية، وعدم توافر وسائل نقل عام مناسبة، إضافة إلى رفض غالبية السائقين نقلهم، وحرمانهم من الحماية الاجتماعية في إطار مظلة الضمان الاجتماعي، وشغلهم لوظائف هامشية وليست ذات علاقة بالمهارات التي يحملونها”.
ويؤكد خبراء أردنيون ضرورة إعادة صياغة المادة الـ (13) من قانون العمل، وتعديلها بما يضمن تطبيقها بشكل فعلي على أرض الواقع، إذ إنها مرتبطة بمادة أخرى وردت في قانون حقوق الأشخاص المعوقين، وتشير إلى ضرورة وجود بيئة عمل تسمح بذلك، والتي عادة ما تشكل ذريعة لصاحب العمل لعدم تشغيل ذوي الإعاقة.
فأصحاب العمل في القطاع الخاص عادة ما يعزفون عن تشغيل الأشخاص المعوقين بسبب إعاقتهم، وتعرض عليهم وظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم وقدراتهم، فضلاً عن أن طبيعة العمل تتطلب حركة ونشاطًا مستمرين؛ ما لا يتوافق مع إعاقاتهم.
وتواجه النساء من ذوات الإعاقة تحديات مضاعفة في مجال التشغيل، مقارنة مع الرجال، بوجود صعوبات كبيرة تضيق عليهن إمكانية الحصول على فرص عمل بشكل عام، إضافة إلى تعرض بعضهن إلى أنواع مختلفة من “التحرش” ما يدفعهن لعدم المغامرة للانخراط في سوق العمل، إلى جانب عدم رغبة العديد من أسرهن خروجهن من المنزل لغايات العمل.
وتشير رئيسة جمعية (أنا انسان لحقوق المعوقين)، آسيا ياغي، إلى أن بعض أصحاب الشركات يقومون بتعيين ذوي الإعاقة وإعطائهم راتبًا شهريًا بشرط عدم الدوام لدى الشركة في إشارة صريحة إلى عدم الاعتراف بكفاءة ومهنية ذوي الإعاقة ولتفادي المساءلة لدى الجهات المختصة في حال عدم تعيين هذه الفئة.
أجور متدنية
و تقل الأجور الشهرية لأعداد كبيرة من ذوي الإعاقة في الأردن عن الحد الأدنى للأجور البالغ 190 دينارًا شهريًا، إذ تؤكد المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان كريستين فضول، وجود استغلال من بعض أصحاب العمل للأشخاص ذوي الإعاقة بمنحهم أجورًا أقل من غيرهم، وعادة ما يخاف ذوو الإعاقة من مراجعة أصحاب العمل؛ حتى لا يكونوا عرضة للمساءلة والفصل من العمل.
وتشير فضول إلى تهميش الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل من خلال إعطائهم وظائف هامشية ليست ذات علاقة بالمهارات التي يتمتعون بها والشهادات التي يحملونها، فهناك بعض الوظائف النمطية التي يقبلون بها كمؤذن لجامع أو موظف استقبال فيما يطالب ذوو الإعاقة الجهات المعنية بضرورة تدريبهم مهنيًا على مهن يتطلبها سوق العمل.
وتقول المحامية فضول، توجد نظرة سلبية من قبل أصحاب المهن حيث التهرب من تشغيلهم بدفع الغرامات المستحقة عليهم بدلاً من توظيفهم، كما يتم التذرع بأن “طبيعة العمل غير مناسبة لتشغيلهم” وهي فقرة تحايل في قانون حقوق الأشخاص المعوقين التي تعطي أصحاب العمل الحق بعدم توظيف هذه الفئة.
وتضيف، أن بعض الأسر تخجل من الإفصاح عن وجود أشخاص معوقين لديها ما يحد من مشاركة الشخص المعوق بشكل فاعل في المجتمع في جميع مجالات الحياة.
ويقول أحمد عوض، مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية الأردني، إن المعوقين لا تتوافر لهم التسهيلات اللازمة في مجالات حياتهم، إضافة إلى تهميش هذه الفئة، وإذا تم توظيفها فإنه يكون من منطلق “باب الإحسان”.
ويشير الدكتور عبد السلام الزيودي، الناطق الرسمي باسم حملة شهادة الدكتوراة من ذوي الإعاقة، إلى صعوبة تقبل الأشخاص ذوي الإعاقة من حملة شهادة الدكتوراة في مجال العمل والتوظيف؛ ما دفعهم إلى تنفيذ وقفة احتجاجية أمام رئاسة الوزراء للمطالبة بحقوقهم التي نص عليها الدستور والمعايير الدولية والتشريعات الوطنية، ومن ثم مقابلة وزير التعليم العالي، الذي “خاطب بدوره الجامعات الرسمية والأهلية لإيجاد حلول لمشكلتهم”.
ويضيف “للأسف لم يوظّف أيٌّ من الأشخاص ذوي الإعاقة فعليًا؛ ما دفعهم -عقب ذلك- إلى تنفيذ اعتصام أمام السفارة السويدية، أرادوا منه طلب اللجوء الإنساني للسويد”.
وينص قانون حقوق الأشخاص المعوقين لسنة 2007 على إلزام مؤسسات القطاع العام والخاص والشركات التي لا يقل عدد العاملين في أي منها عن (25) عاملاً ولا يزيد عن (50) عاملاً بتشغيل عامل واحد من الأشخاص المعوقين، وإذا زاد عدد العاملين في أي منهما على (50) عاملاً، تخصص نسبة لا تقل عن (4%) من عدد العاملين فيها للأشخاص المعوقين شريطة أن تسمح طبيعة العمل في المؤسسة بذلك.
كما نص قانون العمل الأردني أن “على صاحب العمل أن يشغل من العمال المعوقين النسبة المحددة في قانون حقوق الأشخاص المعوقين النافذ ووفق الشروط الواردة فيه، وأن يرسل إلى وزارة العمل بيانًا يحدد فيه الأعمال التي يشغلها المعوقون وأجر كل منهم”.
يذكر أن الأردن صادق عام 2008 على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي تكفل حق الأشخاص المعاقين في العمل والتدريب، كذلك صادق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم ( 159) لسنة 1983 بشأن التأهيل المهني والعمالة للمعوقين، بشكل كامل وعلى قدم وساق مع الآخرين.
هذا التقرير نشر بالتعاون مع مركز حماية وحرية الصحفيين
تصميم الانفوجرافيك من خلال موقع انفوعربي