هل لمس الأردنيون أثر "خطى النهضة"؟

الرابط المختصر

 

 

في الوقت الذي كانت الحكومة الأردنية تجرد فيه حصادها من الإنجازات، كان المواطن محمد رشيد تائها بين المستشفيات الحكومية، وهو يحاول الحصول على سرير فارغ لزوجته ليعالجها في القطاع الصحي الحكومي، الذي قالت في جردتها إنه شهد تطورات كبيرة.

 

 

حال أبو صفية كحال ملايين الأردنيين، الذين يشعرون أن تراجعا كبيرا أصاب خدمات التعليم، والصحة، والنقل، وقطاعات الزراعة والصناعة، رغم ما يدفعه المواطن الأردني من ضرائب ورسوم، إلا أن ذلك لم ينعكس على ما يتلقونه من خدمات.

 

 

الحكومة الأردنية أعلنت الأحد الماضي في لقاء إعلامي مشترك لوزيرتي الدولة لتطوير الأداء المؤسسي ياسرة غوشة ووزيرة الدولة لشؤون الإعلام، جمانة غنيمات نتائج تقرير الربع الثاني، "مما أنجزته من الخطة التي وضعتها للعامين 2019 – 2020، تحت عنوان على خطى النهضة".

 

 

وحسب وزيرة الدولة لشؤون الإعلام والاتصال جمانة غنيمات، فإن "منهجية عمل الحكومة في الأولويات واضحة وشفافة، فقد تعهدت خلالها بـ 187 التزاما ضمن ثلاثة محاور أساسية؛ هي دولة القانون، ودولة الإنتاج، ودولة التكافل".

 

 

وعددت الحكومة ما قالت إنها إنجازات "قامت بها في محاربة الفساد، وتطوير الرعاية الصحية، وتطوير النقل، وتشجيع الاستثمار وريادة الأعمال، وصون الحريات العامة"، إلا أن مختصين يشككون بين ما يسمعون وما يلمسون على أرض الواقع.

 

 

على الصعيد الاقتصادي

 

 

 

الكاتب الاقتصادي، خالد الزبيدي يرى أن "الإنجازات التي أفصحت عنها غنيمات يبدو أنها لا تصل إلى المواطنين في أغلبها، فالمؤشرات الرئيسية للاقتصاد الأردني لا زالت بعيدة كل البعد عن التحسن، في مقدمتها البطالة التي بلغت أعلى مستوى لها منذ ربع قرن وبلغت 19%، وهي من المعدلات الخطرة التي تؤثر سلبيا على الاقتصاد الكلي والمجتمع الأردني، فالداخلون الجدد سنويا إلى سوق العمل يزيد عن 100 ألف عامل معظمهم من الشباب".

 

 

الحكومة الأردنية في حديثها حول دولة الإنتاج قالت إنها وفرت 8 آلاف فرصة عمل من أصل 30 ألف تعهدت بها خلال عامين، إلى جانب توسيع نطاق التمويل ضمن برنامج البنك المركزي لدعم القطاعات الاقتصاديّة، وخصصت له كرصيد للتمويل الممنوح للمشاريع المستهدفة ما مقداره 702 مليون دينار حتى الآن من أصل 2ر1 مليار دينار متاحة للإقراض.

 

 

إلا أن الخبير الاقتصادي مازن مرجي، يرى في حديث لـ"عربي21" أن "دولة الإنتاج يجب أن تقوم على الصادرات، في وقت لا تتجاوز فيه الصادرات الأردنية 33% من وارداتها، وعليه، فهنالك عجز ضخم في الميزان التجاري، كما تقوم دولة الإنتاج على خلق فرص العمل وتحفيز النمو الاقتصادي ورفع الأجور، ورفع الطلب على السلع والخدمات، وهذا غير ممكن لأن ما يجري الآن هو عملية إحباط للنمو الاقتصادي من خلال الضرائب والديون المتراكمة".

 

 

وحسب مرجي، "تراجعت الاستثمارات في الأردن من ملياري دولار إلى مليار ومائتي مليون، بسبب البيئة الطاردة للاستثمار المحلي والعالمي لأسباب كثيرة، ولا يمكن للأردن في الوضع الحالي أن يكون دولة إنتاج للضغوط على الصناعة والزراعة وانتشار الفساد الذي يستهلك إنتاج الوطن"، واصفا خطة الحكومة بـ"أفكار على الورق".

 

الصعيد السياسي

 

 

 

على الصعيد السياسي، استعرضت الحكومة تحت بند "تطوير الحياة السياسية، وصون الحريات"، ما أنجزته، من خلال "تطوير نظام تمويل الأحزاب السياسية وعقد لقاءات مع الأحزاب، والوصول لأوراق السياسات المتعلقة باللامركزية".

 

 

إلا أن للأحزاب السياسية رأيا مختلفا، حيث يرى أمين عام الحزب الوطني الدستوري، أحمد الشناق، أن الحكومة الأردنية "لم تلتزم بما ورد في كتاب التكليف السامي من مراجعة شاملة للقوانين الناظمة للحياة السياسية، وعلى رأسها قانوني الأحزاب والانتخاب، والبلديات، واللامركزية، وإجراء حوار وطني، وتمكين الأحزاب للوصول إلى البرلمان كما ورد بكتاب التكليف".

 

 

ويضيف في حديثه لـ"عربي21"، أن "الحكومة لم تتقدم بأي شيء يتعلق بالإصلاح السياسي، ولم تترجم كتاب التكليف الذي يلزمها دستوريا، هذه الحكومة لم تلتق مع الأحزاب لبحث قضايا مصيرية على اعتبار أنها شريكة في تحمل أعباء المرحلة، الحكومة لم تغادر قيد أنملة أجندة صندوق النقد الدولي في برامجها، ولا تفتح حوارا ومكاشفة حول الوضع الاقتصادي".

 

 

وعلى صعيد الحريات، شهدت المملكة جملة من الاعتقالات بصفوف ناشطين في الحراك السياسي الأردني، ما ولد أزمة في المشهد السياسي الأردني الداخلي، في ظل تحديات اقتصادية، وسياسية خارجية.

 

التعليم

 

 

 

وتطرقت الحكومة "لما أنجزته لتطوير التعليم في الأردن"، وقالت إنها خصصت حصتين أسبوعيا للصفوف في المدارس للأنشطة غير الصفية، وزيادة عدد المدارس المجهزة لدمج ذوي الإعاقة، وتشجيع وزيادة نسبة الالتحاق بالتعليم الثانوي المهني.

 

 

حملة ذبحتونا للدفاع عن حقوق الطلبة، لا ترى إنجازات حقيقية لتطوير التعليم في خطة عمل الحكومة.

 

 

ويشير منسق الحملة فاخر دعاس لـ"عربي21" إلى أن "البرنامج الموجود في خطة عمل الحكومة غير مريح، خصوصا ما طرح عن استحداث 15 مدرسة بناء على نموذج الشراكة بين القطاع العام والخاص، هذا يثير تخوفات من أن تكون خطوة نحن خصخصة التعليم".

 

 

ويضيف أن ما يجري من حديث عن تطوير التعليم مخالف للواقع؛ "هنالك تقليص لأعداد المعلمين ورفع العبء التدريسي عليهم، وزيادة عدد الطلبة في الشعبة الواحدة، وتقليص المناهج وعدد المواد التي يدرسها الطلبة لتخفيض النفقات".

 

 

ويتخوف دعاس من "حوسبة الثانوية العامة الذي طرحته الحكومة"، ويعتبره غير كافٍ، ويرى أن "ذلك يأتي بضغط من البنك الدولي بهدف تخفيض النفقات، ولا علاقة له بتطوير التعليم".

يرى أردنيون أن حديث حكومتهم عن انجازات في ظل ما يعيشونه من ظروف اقتصادية ينطبق عليه طرفة ألقاها رئيس الحكومة عمر الرزاز في رمضان الماضي، قال فيها إن مريضا اردنيا ذهب الى المستشفى باحثا عن طبيب عيون واذن، فقيل له لا يوجد طبيب عيون واذن، بل يوجد طبيب انف اذن حنجرة وآخر للعيون .. اصر المواطن على ضرورة وجود طبيب أذن وعيون، فسألته الممرضة: لماذا تصر على ذلك فقال: اريده ليحل مشكلتي في الاردن، انني ارى شيئا، واسمع أشياء أخرى، وارى اشياء واسمع أخرى".