نقد لاذع للتسليم بالهزيمة في "إحياء الثقافة الوطنية"

نقد لاذع للتسليم بالهزيمة في "إحياء الثقافة الوطنية"
الرابط المختصر

وجّه المشاركون في مهرجان إحياء الثقافة الوطنية والقومية، مساء الثلاثاء، نقداً لاذعاً لما وصفوه بـ"التخاذل وتزوير التاريخ ونشر ثقافة الضعف والتسليم بالهزيمة" الذي تنتهجه الأنظمة العربية، كما جرى إشهار كتاب الحركة الوطنية الأردنية (1946- 1953) للباحث عصام السعدي.

 

وحضر الحفل مئات المشاركين من أكاديميين وسياسيين أردنيين وفلسطينيين وعرب من مصر، لبنان، اليمن، والبحرين.

 

وأكد السعدي في كلمة ألقاها على ضرورة إعادة النظر في "القراءة المزيفة للتاريخ الأردني، وإعادة تقديمه إعلاميا وثقافيا وتربوياً على نحو يتناسب مع مضمون التحرر من الأسطورة التي رهنت البلاد على مدار 90 عاماً".

 

واعتبر السعدي أن الثقافة ليست أمراً ترفيهياً أو ترفياً لا علاقة له بالسياسة والنهضة والاقتصاد، وإنما هي البيئة القيمية التي تصبغ السلوك القيمي للأفراد، مضيفاً بأن الثقافة أبعد ما تكون عن اعتبارها أمراً متعلقاً بالأدباء والكتاب، فالعدالة والانتماء ثقافة والاختلاف السلمي ثقافة والتمرد والاستسلام والاستجداء والتحدي كلها ثقافات.

 

وأشار إلى أن "لكل نظام وظيفي مستبد ثقافته التي يرتكز إليها مثقفوه الذين يدافعون عنه ويروجون له وبهؤلاء يعمل النظام على تأصيل سياسياته وتكريس أيديولوجياته وعلى تدعيم نفسه بين أفراد الشعب مستخدما ما يتاح له من مؤسسات التنشئة الاجتماعية، مشيراً إلى ان الثقافة التي "تدافع عن النظام وشرعيته المزيفة وحقوقه المدّعاة، إن النقيض لهذه الثقافة هو ثقافة تقاوم ذلك وتكشف عن سوءات النظام وقمعه وظلمه وقلة إنجازاته".

 

ودعا السعدي إلى مواجهة ثقافة العصبية والهويات الفرعية غير الجامعة ومحاربتها بكافة الوسائل المتاحة لصالح ثقافة المقاومة، بالإضافة إلى "هدم الأسطورة التي تنص على أن تاريخ الأردن هو تاريخ النظام وهذا يعني إعادة قراءة التاريخ المزور في الأردن".

 

كما دعا إلى هدم الأسطورة الاقتصادية التي ترتكز إلى ادعاء فقر الأردن من الموارد الطبيعية الموجبة إلى الاستقلال بالقرار السياسي، وترسيخ حقيقة أن الأردن غني بالموارد الطبيعية التي تؤهل الشعب الأردني لأن ينجز دولة تتمتع بدرجة عالية من الاكتفاء في معظم احتياجاته السياسية على نحو يدفة للاطمئنان.

 

وطالب السعدي ببـ"ترسيخ حقيقة ان النظام الوظيفي شكّل الدولة وباستمرار بطريقة تتيح له الولوغ في ثروة الشعب الاردني المتاحة عبر تأسيس أبشع طبقات الفساد والإفساد التي جعلت الباب مفتوحاً أمام نهب المال العام".

 

وحسب السعدي فإن المؤتمر سينجح ولو جزئياً بإعادة إنتاج فكر المقاومة، فهو "محاولة للتأسيس لثقافة جديدة"، معتبراً أن ثقافة المقاومة بحاجة جهود كل المفكرين العرب وفتح الآفاق للعقل العربي المقدس، آملاً أن يتطور المهرجان لاحقاً إلى جسد حي.

 

المعارض السياسي ليث شبيلات قال في كلمته، إن كتاب الحركة الوطنية الأردنية يحتوي على "كثير من المعلومات التي تم السكوت عنها بسبب قرب حدوثها، ولأن الكثير من المعلومات في الكتاب يستفز نشرها الأحياء من القائمين على النظام وبعض الآخرين".

 

وأرجع شبيلات أسباب انخفاض مستوى نقل المعلومات عن الحركة الوطنية في الفترات السابقة إلى "انعدام الجرأة لدى النخب الثقافية التي تنسيهم نخبويتهم أن يصدقوا مع وطنهم وشعبهم بتناول معلومات وطنية صح حدوثها ويوثقونها بدلاً من المساهمة في طمسها".

 

وأضاف شبيلات أن الكتاب "كسر حاجز الخوف الغارقة فيه النخب بالإعلان الصريح عن الرأي في مواضيع يتهامس الناس عند ذكر سيئاتها وقد صفونها بالخيانيّة إلا أنهم لا يجرؤون على التصريح فيها بالمنتديات العامة".

 

وطرح مثالاً على تغيّر شكل المطالبة وسقف التعاطي مع القضايا الوطنية بين الماضي والحاضر، ففي الأربعينات ورغم سريان قانون الدفاع والأحكام العرفية وشدة هيبة الملك المؤسس وسطوة كلوب باشا والضباط الانجليز في الجيش الأردني، إلا أن رجال الحركة الوطنية قاموا بالاعتراض على زيارة الملك عبد الله الأول لتركيا حيث أرسلوا برقيتين الأولى لرئيس جمهورية تركيا والثانية للملك مفادها أن أي اتفاق بينهما  لا يمثل الشعب الأردني لأنه لم يحصل على موافقة الشعب، في حين ان الملك عبد الله الثاني اليوم يمضي نصف وقته بالسفر من بلد إلى آخر دون وزير خارجية في معظم الأحوال  ولا أحد يجرؤ ان يتساءل عما يفعل وعن الاتفاقيات التي يعقدها.

 

وأوضح شبيلات أن المقارنة بين الزمانين "تبين التخلف الذي نعيشه اليوم"، متسائلاً  "هل لنا أن نتخيل أن أحزاب اليوم تعلن أنها لا تستطيع التعاون مع الملك ما لم يتغير شكل الدستور الحالي بكامله؟ وهي الفاظ استخدمتها الأحزاب الوطنية عام 1946، وهل لنا أن نعتبر "معاهدة وادي عربة جعلت الأردن دولة تابعة لهيمنة الصهاينة مثلما اعتبر الآباء ان المعاهدة البريطانية جعلت الأردن مستعمرة بريطانية".

 

أما المطران الفلسطيني عطالله حنا فأكد في كلمته على أنه "حيثما يغيب الخطاب الوطني يحل الخطاب المذهبي الطائفي المقيت الذي لا يستفيد منه أعداء الأمة العربية".

 

وانتقد حنّا المسؤولين الرسميين الذين يقولون بسياسة النأي بالنفس وأن ما يحدث في سوريا او العراق أو اليمن لا يعنينا، مؤكداً أن "كل ما يحدث يعنينا لأن كل ما يحدث هو هدفه تصفية القضية الفلسطينية".

 

وأضاف حنّا "عشية ذكرى النكبة الفلسطينية، نحن نعيش النكبة في كل يوم وكل ساعة ونحن نرى الاحتلال يمعن بتهويده لمدينة القدس وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة".

 

كما هاجم المطران الهجوم العربي على اليمن قائلاً "شهدنا عاصفة للحزم باتجاه دولة عربية شقيقة لكن هؤلاء لم يفكروا ان تكون العاصفة نحو فلسطين وباتجاه تحرير فلسطين".