موت الطفل محمد لن ينهي الانتهاكات بحق ذوي الإعاقة

موت الطفل محمد لن ينهي الانتهاكات بحق ذوي الإعاقة
الرابط المختصر

تقوم وزارة التنمية الاجتماعية بإجراء كشف عن واقع  عائلة الطفل محمد "10 أعوام" الذي توفي الأسبوع الماضي إثر نهش كلب لأعضائه التناسلية.

"مجموعة من الإجراءات و التحركات اتخذتها الجهات المعنية خلال الأسبوع الماضي تعيد بنا الزمان إلى نفس "الفزعة" التي أطلقها تقرير "خلف جدران الصمت" للصحفية حنان الخندقجي الذي كشف الانتهاكات في دور رعاية الأطفال ذوي الإعاقة"، وفقا لما أكده الناشط في حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة و نائب رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين الدكتور مهند العزة .

ويضيف العزة "على الرغم من التدخل الملكي و تشكيل لجنة تحقيق حملت وزارة التنمية الاجتماعية والمجلس الأعلى لشؤون المعوقين المسؤولية، إلا أن قصص الانتهاكات لذوي الإعاقة تتصدر لا تزال العناوين الأولى في وسائل الإعلام".

القصة لن تكون الأخيرة:

وبحسب العزة فإن السبب باستمرار هذه الانتهاكات هو عدم معالجة المشكلة بشكل جوهري، من إعادة هيكلة بعض المؤسسات التي تعني بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، مشيرا إلى أن الحل الجوهري قد لا تظهر نتائجه خلال سنة واحدة، ولكن يجب البدء بإعادة هيكلة تلك المؤسسات، ويجب إعادة النظر إلى السياسات والقوانين الموجودة، ومراجعة الاستراتيجيا والأنظمة، إضافة إلى القائمين على تنفيذها ".

ويرى أن تشكيل فريق عمل من أصحاب الشأن ومجموعة من المتخصصين والأكاديمين والقانونين، من أهم الإجراءات التي يجب اتخاذها لمراجعة النظام الكامل المتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة، ووضع خطة زمنية قابلة للتنفيذ بفترة زمنية محددة يراعى بها جميع المتطلبات والاحتياجات، ومراقبة الإنجازات بشكل دوري.

الرقابة و التفتيش:

فريق طالب السقاف لكشف واقع دور الرعاية الذي شكل كهيئة مستقلة من مجموعة من ناشطين ومختصين للرقابة والتفتيش عن الانتهاكات بحق ذوي الإعاقة في دور الرعاية، كان قد أصدر ثمانية تقارير كشفية لثمان وعشرين زيارة ميدانية مفاجأة لمراكز دور الرعاية، كشف خلالها مجموعة من الانتهاكات، وتم تقديمها لوزارة التنمية التي وجهت بدورها إنذارين للجمعيات المخالفة.

ويرجح الناشط الحقوقي وعضو الفريق كمال المشرقي أن استمرار هذه الانتهاكات يعود لعدة أسباب أهمها عدم وجود رقابة كافية على هذه الجمعيات، موضحا بأن الانتهاكات تبدأ بعدم الالتزام بالمعاير الأساسية لدور الرعاية، وعدم وجود أخصائين مؤهلين والمعينين بموجب التعليمات، وعدم وجود برامج تأهيلية تطبيقية على أرض الواقع، إضافة إلى الدور التوعوي الذي تشترك به العائلة والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني و الإعلام لتوضيح الصورة الصحيحة للرعاية.

الخبير في مجال حقوق الطفل والمدير السابق لمديرية الأسرة والطفولة في وزارة التنمية الاجتماعية محمد شبانة كتب على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك: "هذه الحادثة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة  في ضوء المعطيات السابقة لمثل هذه الحوادث بحق الأطفال، التي يحصل فيها إهمال لطفل من ذوي الإعاقة أو حتى الأطفال الطبيعيين، فإن الأمر يستوجب أن نبحث عن أسباب الإهمال ونستخلص العبر من هذه الحادثة ونضع الحلول حول كيفية التعامل مع عوامل الخطورة التي أدت لحصول ما حصل مع الطفل والتي أودت بحاته في النهاية".

وتابع شبانة "يجب أن يتم إجراء بحث اجتماعي معمق لبيئة الطفل الأسرية وما هي ظروفها وأهليتها للتعامل مع هذا الطفل، كما يجب أن يتم استعراض برامج التأهيل للطفل والأسرة إن وجدت وفعالية هذه البرامج حتى نستطيع أن نحدد إن كان هناك عوامل خطورة مرصودة سابقا لم يتم التعامل معها"

العائلة و والوعي المجتمعي:

الناشط مهند العزة يبين أن هذه الانتهاكات تعكس ضعف دور العائلة تجاه أطفالها ما يؤكد أهمية وضع برامج تدريبية وتثقيفية للأهالي لتسهيل التعامل مع أطفالهم والمطالبة بحقوقهم.

وتتفق مع العزة الناشطة هبة ملحم عضو ائتلاف منظمات المجتمع المدني القائم على تقرير رصد تطبيق الأردن لاتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة الذي رصد ضعف الوعي بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة و التعامل معهم.

وتقول ملحم "إن المشكلة التي تقف أمام تحقق المطالب ووصول الحقوق والتي رصدها التقرير في أحد مخرجاته تتمثل بعدم المعرفة  والوعي غير الكافي بقضايا الأطفال ذوي الإعاقة، إن كان من المجتمع الذي يتضمن الأهل، بمعرفة حقوق أطفالهم"

"ومن هنا تأتي أهمية توفير توعية مجتمعية تبدأ بالانتقال من النهج الرعائي إلى النهج الحقوقي والذي يضمن الحفاظ على الأطفال ذوي الإعاقة وصون حقوقهم".

وتكتبت الناشطة في حقوق الإنسان والمتخصصة بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة منى عبد الجواد عبر صفحات موقع التواصل الاجتماعي"إن قضية تعذيب وموت هذا الطفل المؤسفة تسلط الضوء على آلاف الأطفال من ذوي الإعاقات والذين لا يجدون مقعداً لهم في المدارس العامة".

وتضيف عبد الجواد بأن "العديد من الأطفال ذوي الإعاقة لا تستقبلهم مدارس وزارة التربية والتعليم، ولا يملك أهاليهم أقساط مراكز التربية الخاصة، ولم يحصلوا على دعم من أي جهة حكومية للحصول على حقهم الدستوري بسبب استنفاد مستحقات الدعم لدى تلك الجهات".

وتخلص إلى القول "عندما يُهمل الطفل في المنزل يكون عرضة لأبشع أنواع التعذيب، وعلى الأهل المطالبة بحق أطفالهم بالتعليم، وعلى وزارة التربية والتعليم أن تحمل مسؤولياتها تجاه الأطفال ذوي الإعاقة لئلا يصبح الأطفال فريسة الأهمال في المنازل أو فريسة العنف في المراكز الإيوائية".