مقدمات حرب الأردن ضد "داعش" داخلياً

مقدمات حرب الأردن ضد "داعش" داخلياً
الرابط المختصر

منذ أن سيطر تنظيم الدولة الإسلامية والمعروف بـ"داعش" على مدينة الموصل العراقية حتى علت الأصوات التي تحذر من إمكانية انتقال خطر هذا التنظيم إلى الأردن.

 

إلا أن الأردن الرسمي أكتفى بالتأكيد المستمر بأن الجيش والأجهزة الأمنية قادرة على التصدي لأي خطر إن كان على الحدود أو داخل البلاد، دون توضيح خطته لمحاربة هذا التنظيم ومنع خطره من دخول الأردن.

 

ولم تمض أسابيع قليلة على توسع "داعش" الذي أعلن قيام "الخلافة" الإسلامية حتى بدأت بعض الإشارات إلى وجود مؤيدين للتنظيم في الأردن، حيث خرجت مظاهرتان على الأقل في الزرقاء ومعان تعلن تأييدهما لهذا التنظيم، وحتى ذلك الوقت لم تتخذ الأجهزة الرسمية أي إجراء بحق القائمين على المظاهرتين.

 

وانتظرت الدولة الأردنية حتى بداية أيلول الحالي الذي شنت الأجهزة الأمنية في بدايته حملة توقيفات أمنية شملت عدداً ممن وصفتهم "بالمؤيدين" لـ"داعش" بينهم 11 شخصاً اتهموا بالتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية داخل الأردن بعد العثور على متفجرات بحوزتهم.

 

كما قامت الأجهزة الأمنية باستدعاء عدد من مؤيدي التيار السلفي وحذرتهم من تأييد "داعش"، ووصلت الحملة إلى استدعاء وتوقيف من يعلن تأييده لـ"داعش" على شبكات التواصل.

 

هذه التوقيفات تزامنت مع تصريح وزير الدولة لشؤون الإعلام محمد المومني الذي قال إن الأردن بدأ بوضع خطط لمحاربة "التطرف" داخلياً، بعد إشارته إلى أن هناك "قلة قليلة" تتعاطف مع "داعش"، رغم أن الأردن لم يحسم قراره من المشاركة في الحلف الأقليمي والدولي لمحاربة "داعش".

 

رقابة "روتينية"

 

يرى المحلل المختص في الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية أن الأجهزة الأمنية أرادت عبر هذه التوقيفات أن توصل رسالة مفادها بأن "الجميع تحت المراقبة"، مشيراً في ذات الوقت أن الدولة الأردنية دائماً ما تقدم الحل الأمني على أي حل.

 

ويصف أبو هنية التوقيفات والاعتقالات الأخيرة التي شملت مؤيدين للتيار السلفي الجهادي "بالروتينية"، مشيرا إلى أن وجود خلايا متطرفة داخل أو خارج الأردن تعمل للإضرار بالأمن الأردني يمثل خطرا واقعيا، إلا أنه يؤكد في الوقت ذاته أن الحل الأمني ليس الحل الوحيد لمواجهة "الخطر".

 

ويرى أبو هنية  أن توجيه تهمة "استخدام شبكة المعلومات" تدل على أن الدولة الأردنية تراقب كل شيء لمنع وصول أفكار التطرف والمنظمات الإرهابية إلى الأردن.

المادة 3 من قانون منع الارهاب
تعتبر الأعمال التالية في حكم الأعمال الإرهابية المحظورة
الفقرة هـ : استخدام نظام المعلومات أو الشبكة المعلوماتية أو أي وسيلة نشر أو إعلام أو إنشاء موقع الكتروني لتسهيل القيام بأعمال إرهابية او دعم لجماعة أو تنظيم أو جمعية تقوم بأعمال إرهابية أو الترويج لأفكارها أو تمويلها أو القيام بأي عمل من شأنه تعريض الأردنيين أو ممتلكاتهم لخطر أعمال عدائية أو انتقامية تقع عليهم .

ولم توجه هذه التهمة لمن أعلن تأيده لـ"داعش" أو افكارها في الأردن سابقاً رغم رصدها على مواقع التواصل الاجتماعي منذ حزيران الماضي.

 

ومنح قانون منع الإرهاب المعدل المثير للجدل والذي أقره البرلمان في حزيران الماضي، الحكومة حيزاً قانونياً واسعاً لتوقيف الذين يقدمون دعماً أيدلوجياً للخلايا المتطرفة ولمن يساعد في عمليات التجنيد ولمن يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت لذلك.

 

ويقدر عدد أبناء التيار السلفي الجهادي في الأردن بنحو 7 آلاف عضو، استطاع نحو ألفين منهم الوصول إلى سورية للمحاربة بجانب تنظيم "داعش" أو في صفوف جبهة النصرة السلفية.

 

تشديد الرقابة على الخطاب الديني

 

 

وشددت الدولة خلال هذه الفترة التي وصفها أبو هنية "بالاستثنائية" رقابتها على الخطب الدينية داخل المساجد.

 

واعتقلت الأجهزة الأمنية نحو 7 أشخاص من حزب التحرير بعضهم حول لأمن الدولة بعد خطب في المساجد، أو الترويج لأفكار الحزب المحظور في الأردن منذ خميسنيات القرن الماضي، كما حول عضو في جماعة الإخوان المسلمين لأمن الدولة بسبب خطبة دينية.

 

وزارة الأوقاف أعلنت مؤخراً أنها أوقفت نحو 20 خطيباً استخدموا أسلوب "القدح والشتم والسب" في خطبهم، كما أكد وزير الأوقاف هايل داود اتخاذ إجراءات بحق خطباء مساجد يناصرون "داعش".

 

وقال الدواد في تصريحات صحفية، إنه يوجد لا يوجد خطباء يتبعون "داعش"، ولكن يوجد بعض الخطباء الذين يخطبون بفكر "داعشي" ويتفقون مع ما يحمله هذا الفكر، على حد وصفه.

 

ولم يخف الداود مخاوفه من وصول الفكر "الداعشي" كما أسماه، إلى الأردن مشيراً إلى أن وزارته تتحمل مسؤولية كبير لمنع وصوله إلى الأردنيين.

 

وتؤكد ورقة بحثية  أعدها أبو هنية أن التيار الجهادي لا يزال يفتقد إلى الحاضنة الاجتماعية الواسعة والمؤثرة لنمو "التطرف".

إلا أن الباحث المختص في الشؤون الإسلامية محمد أبو رمان يرى أن "السلفيين والجهاديين" هم الأكثر تمدداً وانتشاراً خلال الأعوام القليلة الماضية إن كان في الأردن أو خارجه نتيجة للظروف الإقليمية والمحلية.

 

ويتفق الباحثان على ضرورة أن تكون هناك معالجة فكرية جادة لأفكار الجماعات السلفية واخذها بسياقها الاجتماعي والاقتصادي والفكري.

 

ولا تعتبر محاربة "التطرف الديني والفكر التكفيري" مسألة جديدة على الأردن، فمنذ تسعينيات القرن الماضي والدولة الأردنية تواجه التيارات "المتطرفة وخطرها التي وصلت منتصف عمّان عام 2005 وتسببت بمقتل العشرات في حوادث تفجير متفرقة شملت مجموعة من الفنادق.

 

ورغم ذلك لا يعتبر موقف الأردن تجاه آلية محاربة هذه التنظيمات واضحاً، خاصة في هذه المرحلة، فرغم تشديد الإجراءات الأمنية والعسكرية على الحدود مع سوريا والعراق، والحملة الأمنية المستمرة داخلياً، ومشاركة الأردن في اجتماعات الحلف الإقليمي والدولي لمحاربة تنظيم "داعش"، فلم يحسم الأردن قراره النهائي إن كان يرغب بالمشاركة في هذا الحلف الذي وجه ضربات عسكرية لـ"داعش"، وهو ما اسمها أبو هنية "بالموقف الغامض".

 

فيما تشير بعض تقديرات إلى أن دور الأردن في هذا الحلف سيكون دورا استخباراتيا لوجيستيا، رغم عدم الإعلان الرسمي عن ذلك، وهو ما يعلله البعض بخشية الأردن من الدخول بحرب علنية مع التنظيم، مما قد يترتب عليه كلفة ثقيلة على المستوى الأمني.

أضف تعليقك