انطلاق حملة 16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة وسط تحديات وجهود مستمرة

الرابط المختصر

خلال السنوات الماضية، كان العنف يقتصر غالبا على العنف الجسدي، ولكن مع تصاعد الوعي المجتمعي، توسع هذا المفهوم ليشمل أشكالا مختلفة، تتمثل بالعنف اللفظي، الجنسي، العنف في مواقع العمل والقيادة، العنف التكنولوجي،  الرقمي،والعنف الانتخابي…

إلى جانب ذلك، ظهور العنف في سياق النزاعات والحروب، كما هو حاليا في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وما تعرضت له النساء من معاناة نتيجة اللجوء خلال فترات عدم الاستقرار في المنطقة، هذه الأشكال المتعددة من العنف تعكس هشاشة وضع المرأة وتأثير العنف الكبير والمضاعف عليها مقارنة بالرجل، وفقا لمنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق المرأة.

للتصدي لهذه الظاهرة، تنطلق اليوم الحملة الوطنية السنوية لمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي، التي تنظمها اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، تهدف إلى تسليط الضوء على قضية العنف ضد المرأة، ورفع الوعي بأهمية التصدي لها على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية، في ظل بيانات صدارة عن اللجنة تشير إلى أن تكلفة العنف ضد المرأة في الأردن تتجاوز 787 مليون دينار سنويا، أي ما يعادل 0.4% من الناتج المحلي الإجمالي، مبينة أن الاستثمار في الحد من العنف أكثر كفاءة اقتصاديا من تحمل تكاليفه.

 

 

 

 

تمثل الحملة الوطنية السنوية لمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي جزءا من مبادرة دولية تقودها الأمم المتحدة، تمتد على مدار 16 يوما، من 25 تشرين الثاني حتى 10 كانون الأول، الذي يصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وتحمل الحملة لهذا العام شعار، "نحو مرور 30 عاما على إعلان ومنهاج بيجين، متحدون لإنهاء العنف ضد النساء".

 

تقدم دون مستوى الطموح

 

نائبة الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة  الدكتورة نسرين السيد توضح في حديث لـ "عمان نت"،  أن حملة هذا العام تجمل عنوانا مستوحى من العنوان الدولي، مع مراعاة خصوصية المنطقة وأنماط العنف التي تتعرض لها النساء، مضيفة ان الحملة جاءت تحت شعار "معا للحد من العنف ضد النساء والفتيات في السلم والحرب".

وتؤكد السيد أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تضافر الجهود كافة لمكافحة العنف ضد المرأة بمفهومه الأوسع، حيث لا يقتصر على العنف الأسري فقط، بل يشمل العنف الاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي، إضافة إلى العنف الناتج عن الحروب والاضطرابات الأمنية التي تعيشها المنطقة.

وتشير إلى أن النساء، سواء محليا أو إقليميا أو عالميا، ما زلن الحلقة الأضعف التي تتعرض للعنف بمختلف أشكاله، فالمرأة في الأسرة غالبا ما تكون الضحية، سواء من الزوج أو الأب أو الأخ، كما تواجه النساء تحديات اقتصادية نتيجة الأعباء المالية، سواء كربات أسر أو عاملات، حيث تعاني بعضهن من سياسات وإجراءات قد تتسبب في أشكال غير مباشرة من العنف، خاصة فيما يتعلق بوصولهن إلى مواقع قيادية في العمل.

وتضيف أن العنف الانتخابي يعد من أبرز التحديات التي تواجه النساء، حيث تتعرض المرشحات للتنمر الإلكتروني والعنف السياسي، خصوصا إذا كن في مواقع صنع القرار، إذ يواجهن الهجوم والتشكيك بشكل متكرر.

ورغم الجهود المبذولة لإجراء تعديلات تشريعية وقانونية، بالإضافة إلى الحملات الوطنية للتوعية، ترى السيد أن التقدم المحقق في الحد من العنف ضد المرأة لا يزال دون مستوى الطموح،  موضحة أن هناك فجوات لا بد من معالجتها، بالرغم من التطورات التي طرأت، مثل تعديل قانون العمل لتجريم العنف الجنسي ومنح ميزات إضافية للنساء، ومع ذلك، لا تزال هناك حالات فردية تتطلب المزيد من الجهود لسد الفجوات المتبقية.

 

 

 

أشكال العنف ضد المرأة 

 

تشير تقارير ودراسات محلية إلى تنوع اشكال العنف الموجه ضد النساء في الأردن، حيث اظهر تقرير صادر عن جمعية تضامن أن العنف يشمل الضرب، والإساءة النفسية، والزواج القسري، والتحرش الجنسي، والاعتداءات الإلكترونية، كما يشير التقرير إلى وجود عقبات كبيرة تواجه النساء في الإبلاغ عن هذه الانتهاكات، تتعلق بوصمة العار والسياسات التي تعيق تحقيق العدالة.

وفي دراسة أجراها صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) خلال العام الحالي تبين أن العنف ضد النساء في الأردن يتنوع بين العنف الجسدي، النفسي، الجنسي، والاقتصادي، وتظهر الدراسة أن العنف النفسي هو الأكثر انتشارا بنسبة 29%، يليه العنف الجسدي بنسبة 21% بين النساء اللواتي تعرضن له بعد بلوغهن سن 15 عاما.

 

 

 

 

وفيما يتعلق بالعنف الجسدي والجنسي، كشفت بيانات أن 14% من النساء الأردنيات تعرضن لعنف جسدي من قبل الأزواج، بينما أبلغت نسبة 4% عن تعرضهن للعنف الجنسي خلال حياتهن الزوجية.

أما فيما يتعلق بالعنف الاقتصادي فقد أظهرت دراسة من الجامعة الأردنية أن 38.5% من النساء اضطررن لترك عملهن بسبب مسؤوليات الرعاية الأسرية، كما أفادت 93% من النساء العاملات أو اللواتي سبق لهن العمل أنهن تعرضن لضغوط للمساهمة المالية في النفقات الأسرية، مما يعكس ممارسة واسعة للعنف الاقتصادي.

 

إنجازات اللجنة الوزارية

 

افتتحت وزيرة التنمية الاجتماعية رئيسة اللجنة الوزرية لتمكين المرأة وفاء بني مصطفى، فعاليات حملة الـ 16 يوما  لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، الحملة التي نظمتها جمعية النساء العربية وشبكة مساواة تحت عنوان "نحو مرور 30 عاما على إعلان ومنهاج بيتين متحدون لإنهاء العنف ضد النساء". 

تشير أخصائية تمكين المرأة والتنمية الاجتماعية في اللجنة الوزارية، سامية صمادي في حديث لـ "عمان نت"، إلى أن الحملة تتزامن هذا العام مع مرور 30 عاما على إعلان ومنهاج عمل بيجين، الذي يعنى بتمكين المرأة، مؤكدة أن الأردن كان من الدول الملتزمة بهذا الإعلان، خاصة في ظل إطلاق الملك لرؤى التحديث الثلاثية (السياسي، الاقتصادي، والإداري)، والتي تضمنت تعديل المادة 6 من الدستور لضمان تمكين المرأة وحمايتها من كافة أشكال العنف.

كما تبين صمادي إلى إدراج كلمة "الأردنيات" إلى جانب "الأردنيين" في الدستور، مما يعكس إيمان الدولة بدور المرأة وحقوقها، مشددة على أن التعديلات على قوانين الانتخابات والأحزاب ساهمت في تعزيز مشاركة المرأة السياسية.

ومن المبادرات التي قدمتها رؤية التحديث الاقتصادي فيما يتعلق بالتمكين الاقتصادي والاجتماعي بحسب صمادي، مثل توفير وسائل النقل والبنية التحتية الآمنة للنساء، وتشريعات تساهم في تمكينهن اقتصاديا، وتعديلات قانون العمل والضمان الاجتماعي، التي تسهم إلى توفير الحضانات لدعم المرأة العاملة، مؤكدة أن كل حضانة تخلق ثلاث فرص عمل جديدة، مما يسهم في تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل، بالإضافة إلى تخصيص نسبة 20% لتمثيل النساء في مجالس الشركات وإدارات البنوك.

كما قرر مجلس الوزراء بتحديد معايير للشركات المملوكة والمدارة من قبل النساء، مما يسهم في جمع البيانات وتنظيم القطاعات الاقتصادية غير المنظمة التي تضم النساء العاملات من المنزل