"مشروع قانون ضريبة الدخل والقصور في معالجة الازمة الاقتصادية"

"مشروع قانون ضريبة الدخل  والقصور في معالجة الازمة الاقتصادية"
الرابط المختصر

بدراسة مشروع قانون ضريبة الدخل لعام 2018 المعدل لقانون رقم (34) لسنة 2014 يتضح ان الحكومة لم تستجيب الى كتاب التكليف السامي وخطاب دولة الرئيس امام مجلس النواب حول دراسة العبء الضريبي على المواطنين, كما ان الحكومة لم تأخذ باراء مؤسسات المجتمع المدني من احزاب ونقابات وجمعيات وباحثين اقتصاديين وخبراء ضرائب, اللذين اكدوا على ضرورة اجراء دراسة حيادية للاعباء الضريبية على المواطنين خاصة منها الضرائب غير المباشرة (المبيعات, الجمارك) التي تم تعميمها على كافة الطبقات وفق استهلاكها ونفقاتها خلال العقدين الماضيين دون مراعاة لنص المادة (111) من الدستور الاردني حول مقدرة المكلفين على الدفع والتي ادت الى الانكماش الاقتصادي الذي يعيشه الاردن والى ارتفاع نسبة البطالة ونسبة الفقر ومما فاقم من العجز في الميزان التجاري وبالنتيجة اثر على ميزان المدفوعات ومقدار العملة الاجنبية لدى البنك المركزي بعد ان ارتفعت اسعار السلع والخدمات الوطنية سواء كانت سلعاً صناعية او زراعية مما حدّ من قدرتها على منافسة السلع المستوردة محلياً او قدرتها على منافسة السلع الاجنبية في الاسواق الخارجية التي تستهدفها سلعنا الوطنية .

 

 

ان الاردن بحاجة الى اصلاح سياسي حقيقي كما طالبنا بمناسبات عدة, يستطيع من خلاله الفريق السياسي/الاقتصادي, المكلف بإدارة البلاد من طرح مشاريع قوانين ضريبية مستندة الى سياسات ضريبية وطنية قادرة على المساهمة تدريجياً في عودة الروح لاقتصادنا, برفع نسبة النمو للناتج المحلي الاجمالي وهذا ممكن باتباع سياسات اقتصادية داعمة للصناعة والزراعة باعتبار هذين القطاعين جاذبين للعمالة والتوظيف من جهة ومعظمين من حجم التصدير والحد من حجم الاستيراد من جهة اخرى وهذا يستوجب تخفيض كلفة السلع المنتجة من هاذين القطاعين, فضريبة المبيعات على مدخلات انتاجهما بالإضافة الى كلفة الطاقة وارتفاع حصة المنشآت من الاشتراك في الضمان الاجتماعي جميعها اسباب ساهمت في ارتفاع كلفة هذه السلع, ومما يزيد من هذه الأعباء ان تخضع منتجات هذه السلع عند البيع للمستهلك الى ضريبة مبيعات بنسبة (16%).

 

 

ان الاصلاح المنشود على حزمة الضرائب ابتداء من ضريبة المبيعات هو أولاً سيجعل من امكانية طرح ونفاذ قانون ضريبة دخل يراعي ما ذُكر اعلاه, ممكن في الامد القريب مستنداً الى السياسات (المبادئ) الاتية :

    اولاً: الضرائب على الافراد (الاشخاص الطبيعيين)

ان القدرة الشرائية للمواطنيين تراجعت كثيراً خلال العقدين الماضيين من عمر الأردن لأسباب تتعلق بارتفاع كلفة منتجات قطاعات الصناعة والزراعة على وجه الخصوص بسبب ضريبة المبيعات على مدخلاتها وعلى مخرجاتها من جهة بالاضافة الى ارتفاع كلفة الخدمات ايضاً, ولثبات او تراجع دخل الكثير من المواطنيين من جهة  اخرى حيث جعل من أي تعديل على قانون ضريبة الدخل بالشكل الوارد في القانون, فيه ظلم لميزانية الاسرة والاقتصاد عموماً مما يستوجب اعتماد نظام فواتير صادرة عن بائع السلعة اومقدم الخدمة للقطاعات المتعلقة بالصحة, التعليم العام والعالي, السكن والفوائد البنكية على القروض السكنية كاساس للاعتراف بالنفقات الشخصية بعد وضع عتبة مقدارها (5) الاف دينار للزوج ومثلها للزوجة والاولاد على ان لا يزيد حجم الاعفاءات عن (30) الف دينار سنوياً, وهذا من شأنه انشاء بنكاً للمعلومات لدى الدائرة للحد من التهرب الضريبي الذي اصبح اكثر من مشكلة, خاصة واصبح واضحاً عجز وفشل الحكومات في معالجة التهرب الضريبي الذي قدره البعض بمبالغ تجاوز عدة مئات من ملايين الدنانير, حيث يصبح الدخل الزائد عن هذه النفقات المعززة بفواتير خاضعة للضريبة, هذا وحده كفيل بتحقيق العدالة والانسجام مع النص الدستوري المذكور, مقترحاً ان تخضع الدخول ما بعد ذلك الى الشرائح والنسب التالية:

 

  الشريحة / دينار النسبة % الضريبة
1.الافراد    1 - 5000 5% 250
  5001 - 10000 10% 500
  10001 – 15000 15% 750
  15001 - 30000 20% 3000
  30001 - 50000 25% 5000
  50001 - 100000 30% 15000
  ما زاد عن 100000 35% 24500

 

 

ثانياً: الضرائب على الشركات (الاشخاص المعنويين)

ان المادة (111) من الدستور شملت الاشخاص المعنويين لانها جاء باطلاقها (( ان لا تتجاوز مقدرة المكلفين على الاداء وحاجة الدولة الى المال )) وبالنتيجة فان فرض ضريبة مقطوعة على القطاعات المكلفة بدفع الضريبة دون مراعاة لمقدرتها على الدفع فيه تجاوز على هذا النص الدستوري, لذا فإن اخضاع المكلفين من الاشخاص المعنويين الى الشرائح والنسب فيه مراعاة لاوضاع الشركات وحجمها وبما يعزز ما ذهبت اليه الحكومة في خصوصية المنشآت الصغيرة ومتوسطة الحجم وترجمة ذلك يكمن في شرائح تبدأ ب عشرون الف لكل شريحة وعلى الوجه الاتي:

 

 

 

  الشريحة / دينار النسبة % الضريبة
2.الشركات        1 - 20000 5% 1000
  20001 - 40000 10% 2000
  40001 - 60000 15% 3000
  60001 - 100000 20% 8000
  100001 - 150000 25% 12500
  150001 - 200000 30% 15000
  200001 - 300000 35% 35000
  ما زاد عن 300000 40% 76500

 

 

ان العلاقة ما بين الخزينة والقطاعات المختلفة, هي علاقة مالية, وارى ان يبتعد القانون عن التمييز بينها من خلال النسب الضريبية مما يعزز من العدالة, حيث ان قوانين اخرى كقانون تشجيع الاستثمار او قانون المناطق الحرة او التنموية كفيلة وكافية لمنح المشاريع التي تعظم من الاستثمارات وتدعمها باعفاءات مناسبة من الضرائب والرسوم وحسبما ورد في هذه القوانين.

 

ثالثاً: قطاع الزراعة

اخضع مشروع القانون في المادة (5) منه ما يزيد عن (25) الف دينار من دخل المكلفين العاملين بالزراعة للضريبة وانني اجد ان لا مصلحة للاقتصاد الوطني في اخضاع القطاع للضريبة, للمبررات التي تم ايرادها في مقدمة هذه المذكرة.

رابعاً: الدخول المعفاة

لقد تضمن مشروع القانون اعفاءات سخية تتناقض مع اصرار الحكومة على اخضاع الطبقة الوسطى لضريبة الدخل حيث وردت اعفاءات للجهات التالية:

  1. اعفاء الارباح الرأسمالية الناتجة عن متاجرة الاراضي مثلاً.

مادة (4) فقرة (أ) بند (5)

  1. اعفاء الارباح الرأسمالية الناتجة عن بيع اسهم وحصص الشركات ومؤسسات تكنولوجيا المعلومات.

مادة (4) فقرة (أ) بند (7)

  1. اعفاء (5) الاف دينار من تعويض نهاية الخدمة ابتداءً من 1/1/2015 من العدالة حماية لابناء الطبقة الوسطى الحاصلين على هذا التعويض وبحدود (20) الف دينار واخضاع ما زاد عن ذلك للضريبة.

مادة (4) فقرة (أ) بند (13)

  1. تم اعفاء (3500) دينار من الراتب التقاعدي حسب مشروع القانون والعدالة تقتضي ان يضاف اليها الدخول من مصادر اخرى على ان يعامل المتقاعد كالمكلف الطبيعي او اعفاء (2500) دينار واخضاع ما زاد عن ذلك حتى يستقيم اعفاء المتقاعد مع مقدار الاعفاءات الممنوحة للاشخاص الطبيعيين الواردة في اولاً اعلاه.

مادة (4) فقرة (أ) بند (14)

  1. حدد المشروع الفائدة والمرابحة المقبولة كنفقة انتاجية للاشخاص المعنويين بنسبة 3/1 لاجمالي الدين الى رأس المال وهذا لا يتفق مع الواقع من حيث ان هذه النفقة المدفوعة يحاسب عليها الدائن من جهة وان الشركاء اذا كانت ارصدتهم مدينة فان الفوائد او المرابحة ينزل منها ما يقاربها عرفاً وعادة.

خامساً: الدخول الخاضعة

  • اخضع مشروع القانون دخول الاشخاص (الطبيعيين) والاشخاص المعنويين لنسبة (1%) للتكافل الاجتماعي ولغايات البحث العلمي ومكافحة الفقر.

لا ارى  مبرراً لاخضاع دخول الاشخاص الطبيعيين لهذه الضريبة, لان ذلك لا يستقيم مع طبيعة القانون وان قانون الشركات وقانون وانظمة الرعاية الاجتماعية وانظمتها هما المكان المناسب لمناقشة مثل هذه البنود بالنسبة للاشخاص المعنويين باعتبار ان ضريبة الدخل وقانونها يتوجب ان يعالجا الدخول الخاضعة فقط دون اقحامه باقتراحات بعيدة عن الضريبة على الدخل وغاياتها.

مادة (11)/ج

  • فرض مشروع القانون ضريبة على ارباح المناطق التنموية والمناطق الحرة مما يتناقض مع مبررات انشاء هذه المناطق وحيث ان التشريعات المنظمة لعمل هذه المناطق تعطي لمشاريعها فترة من الزمن لتمتعها بإعفاءات سواء كانت جمركية او ضريبية, فاننا ودعماً لاستقطاب الاستثمارات لهذه المناطق لا نرى ضرورة لإدراج ما ورد في المادة (29) فقرة ز/1/2/3 في مشروع القانون.

سادساً: الغرامات والتعويض

يحكم الاردن نظام عام بالنسبة للفوائد والعمولات المتعلقة بالتسهيلات المالية بشكل عام فقانون البنوك وقانون التجارة وما انبثق عنهما من تعليمات حددت نسب الفوائد ونسب العمولات على المعاملات المالية بالاضافة الى ان قانون التجارة الاردني حدد طبيعة العلاقة ما بين التجار وان قانون اصول المحاكمات المدنية ونظام المرابحة العثماني حددا نسب الفوائد ومنعا الحكم باكثر من اصل الدين, وحتى يصبح الاردن دولة مؤسسات وقانون فالكل مطالب بالالتزام بالقانون العام او الخاص وان ما يستوجب التأكيد عليه ان تلتزم الحكومة بالتشريعات التي تقدمها حتى تنسجم مع هذه المبادئ, خاصة ان الفوائد والعمولات اسعارها شبه ثابتة فمشروع القانون يتوجب ان لا يخرج عن هذه القاعدة من حيث الضريبة الاضافية (مثلي الضريبة) او الغرامات التي لا تتجاوز عن (25%) من اصل الضريبة او فرض ضريبة اضافية على الفروقات ما بين ما قدم بالاقرارات ونتائج التدقيق فيه مبالغة وتعزيز لغياب الثقة التي تعاني منه الحكومة مع الشعب على اكثر من صعيد.

 

ان سريان سعر فائدة يعادل على التأخير في الدفع او الفروقات او القرارات الادارية وفق تعليمات البنك المركزي فيه عدالة واحترام للتشريعات السارية بهذا الخصوص.

مادة (30)(31)

سابعاً: متفرقة

  1. لقد اعتبر مشروع القانون ضريبة المسقفات نفقة انتاجية في حين ان المشرع ومنذ وضع قانون ضريبة الدخل تم اعتبارها ضريبة قابلة للتقاص من الضريبة المستحقة على المكلفين.

مادة (12)

  1. اعتبر مشروع القانون القرارات النهائية الصادرة عن الدائرة سندات تنفيذية قابلة للتنفيذ وهذا لا يستقيم مع الواقع اذ ان القرارات القطعية الصادة عن القضاء او المكتسبة الدرجة القطعية الصادرة عن الدائرة بعد مرور الوقت اللازم يمكن اعتبارها قرارات قطعية قابلة للتنفيذ.

مادة (25/ج)

  1. منح مشروع القانون للمدير اجراء تسويات (للقرارات) للقضايا المنظورة امام المحاكم (دخل ومبيعات) والمسجلة قبل 31/12/2017 شريطة تقديم اقرارات ضريبة الدخل عن سنة 2018 مما يتناقض مع حرص الحكومة على تحصيل حقوق الخزينة ويشكل ضياع لاموالها (الخزينة) وبذات الوقت يعاقب الملتزمين ويكافئ المخالفين للقانون مؤكدين على ان اخضاع هؤلاء لنسب الفوائد والغرامات السائدة وفق تعليمات البنك المركزي والنظام العام هو الاجراء العادل لكل المكلفين.

مادة (35)

منوهاً الى اهمية مسك حسابات منظمة واصولية لشركات التضامن والتوصية البسيطة التي يزيد حجم نشاطاتها على (250) الف دينار سنوياً, وعدالة ان تعيل المرأة ابنائها بالاضافة الى المدد وعبء الاثبات الذي اصبح على الدائرة والتبليغات والنشر.

 

 

انني ارى ان مشاركة المواطنين في صنع القرارات من خلال مؤسساتهم الوطنية التي هي صاحبة المصلحة الحقيقية في نفاذها (تشريعياً وتنفيذياً) مع قيام الحكومةبدراسة ما ورد اعلاه فيه معالجة لمشاكلنا الهيكلية اقتصادياً, مؤكداً على ان الاصلاح السياسي هو مدخلنا لمعالجة ازمة المالية العامة والنزيف الذي تعيشه البلاد, دولة ومواطنين.

 

أضف تعليقك