كيف ينظر شباب الحسينية في الكرك إلى الانتخابات البرلمانية؟
تُعد الانتخابات البرلمانية في الأردن حدثًا مهمًا يجذب اهتمام الكثيرين، خاصة مع اقتراب موعد انتخابات مجلس النواب العشرين في 10 سبتمبر 2024، وبينما تتنوع الآراء حول أهمية الانتخابات ودورها في تحسين الأوضاع، تعكس آراء الشباب في منطقة الحسينية بمحافظة الكرك شعورًا مزيجًا من الأمل والتشاؤم.
أحمد الطراونة، شاب من منطقة الحسينية في محافظة الكرك، ويبدو ان الشباب هناك يرون ان ما تزال هناك فجوة بين احتياجات الشباب خاصة في المحافظات وواقعهم وبين المجالس النيابية المتتالية، ويبدو ان غالبيتهم لا يتفائلون في المجلس القادم أيضا .
وهو ما يشعر به أحمد الطروانه، قائلًا ل "صوت شبابي": "في البداية لم أكن فاقدًا للأمل بشكل مطلق؛ إلا أن التجارب الفاشلة هي سببت فقدان الثقة بالمجلس النيابي " ويتابع بالقول " كنت أحلم أن يأتي التغيير عن طريق مجلس النواب، ولكننا فقدنا الأمل شيئاً فشيئاً". إذ يرى أحمد أن المجلس غير قادر على تحسين الأوضاع لأنه يركز على تقديم الخدمات بدلاً من التشريع الفعّال. "المجلس يجب أن يكون منصة لصنع القوانين التي تنظم الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولكنه أصبح يركز على الخدمات اليومية التي يمكن أن تُعالج من خلال الجهات التنفيذية والبلديات" بحسب وصف أحمد.
تحديات البطالة والمحسوبية
أحد أبرز التحديات التي تواجه الشباب في الكرك هي البطالة وقلة الفرص في سوق العمل، يروي أحمد: "بناءً على التجارب السابقة، لم تستطع البرلمانات في الأردن تحسين الواقع المعيشي للشباب، لأن المشكلة الحقيقية هي البطالة وقلة الفرص في سوق العمل، وخاصة في الكرك، حتى وإن وُجدت فرص، فإنها تُمنح للشخصيات البارزة والأقرباء للنواب". هذه المحسوبية تخلق بيئة من الإحباط واليأس بين الشباب الذين يشعرون بأنهم مستبعدون من فرص العمل والتقدم.
بيئة غير جاذبة للاستثمار
وبحسب التقارير الأخيرة التي تناولت أن الوضع الاقتصادي في الكرك بتراجع مستمر وموضحة أن ضعف الحركة التجارية هو أحد الأسباب الرئيسية لتراجع الاقتصاد في المدينة، أكثر من 300 محل تجاري اضطر إلى الإغلاق بسبب عدم القدرة على تحمل الأعباء المالية وضعف الحركة الشرائية. هذا الوضع تأثر بشكل كبير بنقل العديد من المؤسسات الحكومية والمجمعات التجارية خارج مركز المدينة، بالإضافة إلى عدم توفر مواقف للسيارات وأزمات مرورية مستمرة، ورجّح خبراء الاقتصاد في الأردن إلى أن تفاقم المشاكل الاقتصادية في الكرك يعود إلى ضعف البنية التحتية وعدم وجود دعم حكومي كافٍ للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بجانب ارتفاع الضرائب وعدم وجود تسهيلات مالية أو أي حوافز تشجيعية.
في نفس الوقت الذي تشير إليه الإحصائيات الأخيرة إلى ازدياد نسب البطالة في المحافظة بشكل ملحوظ وبشكل يعزز من الانحدار الاقتصادي ويزيد من التحديات المفروضة على السلطات لمواجهتها عن طريق التشريعات والقوانين الصحيحة التي تخدم أبناء الكرك.
المشاركة الشبابية في الانتخابات
نتيجًة لشعوره بالإحباط، يشير يزن الطراونة أيضًا إلى أن المشاركة في الانتخابات ليست لها تأثير حقيقي على وضع الشباب، قائلاً ل "صوت شبابي": "المشاركة في الانتخابات ليس لها تأثير حقيقي على أرض الواقع، فالإدلاء بالصوت لن يُحسن وضع الوطن، وامتناع الصوت لن يُعطل العملية الانتخابية حسب القانون الانتخابي". يوضح يزن أن النظام الانتخابي الحالي لا يعكس تطلعات الشعب ولا يلبي احتياجاتهم، وينصح الشباب بعدم الخوض في غمار الانتخابات لأنها أصبحت وسيلة لتحقيق المنافع الشخصية للنائب دون الاهتمام بالبيئة التي أخرجته.
التوجه نحو الحلول
من جهته يؤمن معن وهو شاب من محافظة الكرك أيضًا بأن الحلول يجب أن تأتي من داخل المجتمع، داعيًا الشباب لتطوير قدراتهم وإيجاد حلول مبتكرة لمشاكلهم بدلاً من الاعتماد على النواب. يقول معن ل "صوت شبابي": "يجب أن نسعى معاً وبشكل فردي بالبداية لجعل المجلس يمارس دوره التشريعي بفعالية، كما يجب علينا أن نعمل على تحسين بيئة الاستثمار في الكرك لجذب المستثمرين واستغلال الأراضي والمساحات الفارغة بشكل أفضل وبشكل يساعد الشباب على النهوض بالكرك". يؤكد معن على أهمية خلق فرص عمل حقيقية للشباب بعيدًا عن المحسوبية والوساطة، مشيرًا إلى أن الاستثمار في التعليم والتدريب المهني يمكن أن يكون خطوة مهمة في هذا الاتجاه.
الانتخابات البرلمانية 2024: الأرقام والإحصائيات
تم الإعلان عن موعد الانتخابات البرلمانية الأردنية لمجلس النواب العشرين في 10 سبتمبر 2024، بناءً على مرسوم ملكي أصدره الملك عبد الله الثاني. وقد أكد رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب، موسى المعايطة، أن الهيئة مستعدة لإجراء الانتخابات وتوفير الشفافية اللازمة خلال العملية الانتخابية، في إطار تعزيز مشاركة الشباب في العملية الانتخابية، أكد وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، حديثة الخريشة، على أهمية مشاركة المواطنين، وخاصة الشباب، في الانتخابات القادمة، ونتيجةً لذلك؛ تم إطلاق مبادرات تشجع الشباب على التسجيل والتصويت، بالإضافة إلى تنظيم ندوات توعية حول أهمية المشاركة السياسية ودور الشباب في صنع القرار، في الوقت الذي شهد قانون الانتخاب تعديلات مهمة، من بينها تقليص سن الترشح إلى 25 سنة وزيادة نسبة المقاعد المخصصة للأحزاب لتصل إلى 65% خلال السنوات العشر المقبلة، مع إدخال نظام القوائم الحزبية والدوائر العامة
وبحسب القانون الانتخابي المعدل لعام 2024، تم تحديد محافظة الكرك كدائرة انتخابية واحدة، حيث تشمل المحافظة عدة دوائر أخرى لضمان تمثيل عادل ومتوازن بين مختلف المحافظات، تم تخصيص عدد من المقاعد للشباب والأحزاب ضمن النظام الانتخابي الجديد، بهدف زيادة مشاركة الشباب في الحياة السياسية وتوفير فرص أكبر لهم للترشح والمساهمة في صنع القرار.
أخيرًا؛ مازال السؤال مطروحاً أمام الشباب في الكرك؛ هل فعلاً يمكن لمجلس النواب أن يحقق ولو جزءً صغيراً من طموحاتهم؟ تعكس آراء أحمد الطراونة شعور العديد من الشباب في الحسينية بمحافظة الكرك تجاه الانتخابات البرلمانية، ورغم الشعور بالإحباط وفقدان الثقة، يبقى الأمل في إيجاد حلول جديدة ومبتكرة لتحسين الأوضاع، دعم المشاركة السياسية الفعّالة وتعزيز دور الشباب في صنع القرار يمكن أن يكون خطوة مهمة نحو مستقبل أفضل للكرك وللأردن بأكمله.