ما هي فرص وتحديات تحويل عمان إلى مدينة ذكية وفق خارطة الطريق الجديدة؟

الرابط المختصر

منذ طرح مشروع "خارطة طريق عمان مدينة ذكية" قبل سنوات كخطط أولية، عاد هذا المشروع إلى الواجهة مؤخرا عبر ورش عمل متخصصة أعادت تسليط الضوء على دوره في تطوير البنية التحتية وقطاعات النقل والطاقة والاتصالات. 

وركزت النقاشات على أن مفهوم المدينة الذكية لا يقتصر على إدخال التكنولوجيا في تفاصيل الحياة اليومية، بل يشمل إعادة صياغة العلاقة بين المواطن وفضائه الحضري، بما يضمن إدارة أكثر كفاءة للموارد وتحسين جودة الخدمات.

منتدى الاستراتيجيات الأردني كان قد أصدر تقريرا بعنوان "عمان على خارطة مؤشر المدن الذكية 2023"، استعرض فيه موقع العاصمة الأردنية على المؤشر الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD)، والذي يصنف 141 مدينة حول العالم وفق قدرتها على تبني التكنولوجيا لمواجهة التحديات اليومية وتحسين جودة الحياة.

وحلت عمان في المرتبة 135 عالميا والثانية عشرة عربيا عام 2023، في أول مشاركة لها بالتقرير، قبل أن تحسن ترتيبها عام 2024 لتصبح في المركز 128 من أصل 142 مدينة.

بينما بالمقارنة في دبي التي تكون عادة ضمن أفضل 20 مدينة ذكية عربيا وعالميا، تبرز الفجوة التي تحتاج عمان إلى تجاوزها لتعزيز مكانتها الإقليمية.

 

أمانة عمان :المواطن شريك لا متلق

تؤكد المديرة التنفيذية لمتابعة مشروع المدينة الذكية في أمانة عمان، المهندسة لبنى الحنيطي، في حديث لـ عمان نت أن مفهوم المدينة الذكية يقوم على جمع البيانات من المشاريع المختلفة وتحليلها وإجراء محاكاة مستقبلية لها، بهدف رفع كفاءة الخدمات وتعزيز قدرتها على التكيف مع احتياجات المواطنين.

وتشير الحنيطي  إلى أن المواطن شريك أساسي في هذا التحول، ليس فقط كمستفيد، بل أيضا في عملية صنع القرار، حيث تعمل الأمانة على تعزيز المشاركة عبر أدوات متنوعة، مثل التطبيقات والمنصات الذكية التي تتيح للمواطنين التعبير عن آرائهم واقتراحاتهم بشكل مباشر.

كما  أطلقت منصة "عمان تستمع" مؤخرا، والتي تتيح للمواطنين طرح احتياجاتهم وملاحظاتهم، بالاضافة إلى قنوات التواصل لا تقتصر على المنصات الرقمية، بل تشمل أيضا الاستبيانات وورش العمل المباشرة لاستطلاع آراء المواطنين والبناء عليها في تطوير الخدمات بما يلبي احتياجاتهم الفعلية، بحسب الحنيطي.

 

 

وتضيف أن أولويات عمان في مسارها نحو أن تصبح مدينة ذكية تم تحديدها بناء على المشكلات اليومية التي تواجه المواطن، وعلى رأسها الازدحام المروري، النقل العام، والبيئة خصوصا في ما يتعلق بالحد من الهدر المائي.

وفق تقرير IMD لعام 2023، عند طلب المشاركين اختيار خمسة مؤشرات يرونها أكثر إلحاحا لمدينتهم، ظهرت النتائج كالتالي، ازدحام المرور 64.2%، البطالة 62.5% ، السكن الميسر 60.8% ، بالإضافة إلى الفساد والتعليم وسهولة الحصول على فرص العمل 

أما على صعيد مؤشرات الحياة، فقد احتلت الأردن المرتبة 56 عالميا والسادسة عربيا في مؤشر جودة الحياة لعام 2025، كما جاءت عمان في المركز 97 عالميا من حيث قابلية العيش، بفضل ما تتمتع به من مرافق وخدمات تعليمية وثقافية.

 

النقل أولوية قصوى

يشكل النقل والمرور أبرز تحديات العاصمة، حيث يخدم مشروع الباص سريع التردد (BRT) نحو 20 مليون راكب سنويا عبر 34 محطة، بواقع 72 ألف مستخدم يوميا، كما بدأ خط جديد يربط عمان بالزرقاء منذ أيار 2024 بطول 20 كلم، وبتكلفة تقارب 153 مليون دينار.

وتشير الحنيطي إلى أن الأمانة باتت تعتمد على المستشعرات والكاميرات الذكية لإدارة حركة المرور وتحليلها لحظيًا، إضافة إلى أنظمة توجيه إلكترونية ولوحات ذكية تقدم معلومات آنية للسائقين، وتطبيقات تتيح للمواطنين معرفة مواعيد وصول الحافلات وتخطيط رحلاتهم مسبقًا.

كما يجري استخدام أنظمة إدارة المرور الإلكترونية (PMS) عبر الشاشات واللوحات الذكية على الطرق لتوجيه السائقين وتزويدهم بمعلومات آنية عن الحوادث والازدحامات، مما يسهم في تقليل وقت التنقل وتعزيز السلامة، بحسب الحنيطي التي تشير إلى إنجاز الأمانة مشروعا لتطبيق ذكي يتيح للمواطنين معرفة مواعيد وصول الحافلات وتخطيط رحلاتهم مسبقا، بما يحسن تجربة النقل العام.

 

التحديات والفرص

تؤكد الحنيطي أن نجاح المشروع يتطلب مرونة تشريعية تواكب التطورات، حيث أعدت الأمانة مسودات قوانين جديدة بالتعاون مع ديوان التشريع والرأي ووزارة الأشغال.

 كما يتكامل المشروع مع أهداف التنمية المستدامة، من خلال مبادرات تشمل المباني الخضراء، الطاقة المتجددة، تدوير النفايات لإنتاج الطاقة، وزيادة المساحات الخضراء، إلى جانب أنظمة النقل الذكية التي تقلل الانبعاثات.

وعن التحديات التي تواجه تنفيذ المشروع، توضح  الحنيطي أن أبرزها ارتفاع التكلفة المالية للمشاريع، الحاجة إلى تحديث التشريعات، الحفاظ على خصوصية البيانات، تقبل المجتمع للتغيير، ونقص الخبرات الفنية، مؤكدة أن الأمانة وضعت خططا لمعالجة هذه التحديات، حيث نفذت عدة ورش تدريبية لتعزيز مهارات الموظفين، وعالجت جزءا كبيرا من الصعوبات القائمة.

وتشدد الحنيطي على أن التقدم يتطلب جهدا جماعيا، لا يقتصر على أمانة عمان وحدها، بل يشمل جميع المؤسسات والوزارات، مؤكدة  أن الأمانة تعمل بروح قوية لتحقيق قفزة نوعية ملموسة خلال الفترة المقبلة، تنعكس إيجابا على حياة المواطنين ومستقبل العاصمة.

 

تعاون متعدد الأطراف

عقدت لجنة التخطيط والتصميم الحضري في شعبة الهندسة المعمارية بنقابة المهندسين ورشة عمل بعنوان، مشروع خارطة طريق المدينة الذكية لمدينة عمان ودور أمانة عمان فيها"، تحت رعاية نقيب المهندسين المهندس عبدالله عاصم غوشة.

ويشير غوشة إلى أن المدن الذكية لم تعد رفاهية، بل أصبحت ضرورة في ظل التحولات العالمية السريعة، مؤكدا أن مفهوم المدينة الذكية لا يقتصر على إدخال التكنولوجيا في الحياة اليومية، بل يشمل إعادة صياغة العلاقة بين المواطن وبيئته الحضرية، بما يحقق كفاءة في إدارة الموارد وجودة في الخدمات.

وتضيف  أن نجاح المشروع يعتمد على التعاون بين جميع الأطراف، من نقابة المهندسين وأمانة عمان والحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، مع التركيز على تطوير الكودات والبنية التحتية لتكون متوافقة مع المعايير العالمية للمدن الذكية.

من جهته، يؤكد  المهندس عماد الدباس أن الأردن والدول العربية الأخرى تخطو خطوات متسارعة نحو المدن الذكية، مشدداً على أهمية تخصصات دقيقة في الهندسة المعمارية والحضرية مثل الذكاء الاصطناعي في تصميم المدن، العمارة الرقمية، الطاقة المتجددة، النقل الحضري المستدام، والمباني الخضراء الصديقة للبيئة، لضمان جاهزية المدن لمستقبل مستدام وذكي.