ما هي دلالات وآثار رفع سعر فائدة البنوك
أثار قرار لجنة عمليات السوق المفتوحة في البنك المركزي، القاضي برفع سعر الفائدة الرئيسي للبنك وأسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية الأخرى بواقع 50 نقطة أساس، تساؤلات حول مدى تأثيره على الاقتصاد الوطني، وعلى الحياة المعيشية.
رفع سعر الفائدة .. كيف يؤثر على حياتنا اليومية وماليتنا الشخصية؟
يرى المحلل الإقتصادي مازن مرجي، أن القرار ينسجم مع توجيهات وشروط البنك الدولي، ويأتي ضمن إجراءات الحكومة الاقتصادية الأخيرة، واصفا القرار بأنه "يسير بعكس حاجة الأردن".
وأضاف مرجي، بأن القرار سيؤدي لتجميد 33 مليار دينار من موجودات البنوك التجارية كأموال للأفراد والقطاع الخاص، والتي كان "من المفترض أن تتحرك في السوق كرأس مال واستثمار"، كما سينعكس على الأفراد والشركات "بتقليل الاقتراض، والتوسع في المشاريع، وعلى شروط منح القروض والتمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة".
ويشير إلى أن الاتجاه في أوروبا وأميركا كان خلال الخمس سنوات الماضية، نحو تقليل سعر الفائدة بما يصل للصفر في بعض الدول.
وكان البنك المركزي الأميركي قد رفع سعر الفائدة ربع نقطة لمرة واحدة "بهدف توفير السيولة للإقتراض من الأفراد والقطاعات الاقتصادية".
ويؤكد مرجي أن البنوك بدأت برفع نسبة الفائدة على القروض تبعا للقرار، وأن المواطن سيلمس ذلك بزيادة سعر الفائدة على قرضه اعتبارا من القسط المقبل، "ولن يشمل رفع الفائدة المبالغ التي تم تسديدها من قيمة القرض".
فيما قرر البنك المركزي الإبقاء على سعر فائدة برامج إعادة التمويل لديه الموجهة بشكل خاص نحو قطاعات (الصناعة، والسياحة، والزراعة، والطاقة المتجددة، وتكنولوجيا المعلومات) دون تغيير، لتبقى عند 1.75% للمشاريع داخل محافظة العاصمة، و 1% للمشاريع في باقي المحافظات، وإبقاء آجال التمويل التي تصل لعشر سنوات كما هي.
يقول مرجي "لا توجد في الأردن نسبة فائدة بنسبة 1.75 %"، حيث لا يوجد قرض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة تقل نسبة الفائدة عليه عن 5.5 – 6.5 % بالحد الأدنى.
وعند الحديث عن نسبة 1 – 1.75 % فإن هذه نسبة سعر الفائدة "بين البنك المركزي والبنوك التجارية"، بحسب مرجي، الذي يؤكد أن هذه السياسة النقدية التي كانت تسير وفق "النسبة المنخفضة نوعا ما" لم تنجح بتحريك عجلة النمو الاقتصادي للأمام، والذي لم تتجاوز نسبته للربع الثالث من العام الماضي 1.7 %، في حين لم يكشف الستار بعد عن نسبة النمو للربع الأخير منه.
لكن، متى يرفع البنك المركزي سعر الفائدة ؟
يتم ذلك، عندما ترتفع نسبة التضخم في الاقتصاد (والذي يمثل زيادة أسعار السلع والخدمات) وبالتالي يجعل سعر الأموال غاليا، فيتراجع الاقتراض للأشخاص والأعمال ويقل الإنفاق والطلب على الاستهلاك، فينخفض التضخم.
فيما تقل نسب التضخم السنوية في الأردن عن 0.2 %، بحسب مرجي، وفي حال استمرارها لثلاثة أرباع سنوية متتالية، فإنها تؤشر إلى حالة ركود اقتصادي.
ويضيف مرجي بأن الحكومات تسعى لما أسماه "خلق معدل تضخم كاذب"، بقيامها برفع الأسعار، وهو رفع شكلي وغير صحيح للنمو الاقتصادي.
هذا النمو "الكاذب" لا ينتج عن ارتفاع الطلب الكلي على السلع والخدمات وبالتالي النمو بالإنتاج، وما يدلل على ذلك ارتفاع نسب البطالة إلى 16 % وتوسع جيوب الفقر من 20 إلى 35 جيبا، يعاني 25 % من سكانها فقرا مدقعا.
ويتساءل مرجي "أين النمو الاقتصادي الذي ترجوه الحكومة بنسبة 3.3 % العام الحالي؟" وهي "نسبة لن تتحقق أبدا على أرض الواقع، وقد تتحقق كخدعة وإيهام بعد الرفع الكبير على الأسعار برعاية حكومية".
هل ستتأثر التجارة الدولية بهذا القرار ؟
بالنسبة للعملات المرتبطة بالدولار كالدينار الأردني، ترتفع قيمتها مع رفع سعر الفائدة الأميركية، وغالبا ما تتبع البنوك المركزية خطى الاحتياطي الفدرالي برفع الفائدة بقدر مماثل.
في المقابل تنخفض أسعار النفط والذهب وغيرها من السلع والمعادن المقومة بالدولار، وتزيد كلف الاستيراد وتقل تنافسية الصادرات، ما يؤدي لاختلال الميزان التجاري للدول التي تربط عملاتها بالدولار.
ورغم تصاعد قوة الدولار، إلا أن ذلك "لا تعني بالضرورة قوة الدينار الأردني"، ويوضح مرجي، بأن هذا الربط سيحافظ على سعر صرف الدينار مقابل العملات الأخرى، لكن "في حال ارتفعت قيمة الدولار الأميركي فإن ذلك سيؤدي لارتفاع قيمة الفاتورة بالدينار لأسعار النفط والمستوردات من الدول التي يدفع لها الأردن بالدولار".
أما الدول التي نستورد منها باليورو "فإن التأثر سيكون بسيطا".
لماذا اشترى البنك المركزي 80 ألف أونصة ذهب ؟
خلال الشهر الأول من العام الحالي اشترى البنك المركزي الأردني 80 ألف أونصة ذهب ليرتفع إجمالي ما يملكه من 1.325 مليون أونصة في نهاية العام الماضي إلى 1.405 مليون أونصة.
خطوة يرى فيها المحلل الاقتصادي مازن مرجي، "رسالة من البنك المركزي، بأنه يمتلك أموالاً، وأنه يؤمن الدينار من الخطر"، تلاها رفع أسعار الفائدة بـ 50 نقطة أساس، "كدليل منه على قوة الاقتصاد"، الأمر الذي يصفه "بأنه غير صحيح على الإطلاق".
وبحسب قرار البنك المركزي الأخير، يصبح سعر الفائدة على النحو التالي:
· سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي (اتفاقيات إعادة الشراء لأجل أسبوع) 3.25% سنوياً.
· سعر فائدة نافذة الإيداع للدينار لليلة واحدة 2.25% سنوياً.
· سعر فائدة شهادات الإيداع لأجل أسبوع ضمن المدى (3.00% إلى 3.25%) سنوياً.
· سعر فائدة اتفاقيات إعادة الشراء لليلة واحدة 4.00% سنوياً.
· سعر إعادة الخصم 4.25% سنوياً.
وأكد البنك في بيان له أن القرار جاء في ضوء متابعته للتطورات الاقتصادية والنقدية، المحلية والإقليمية والعالمية، وانسجاما مع التطورات في أسعار الفائدة في أسواق المال الإقليمية والعالمية وتوقعاتها المستقبلية، وحرصا منه على تعزيز تنافسية وجاذبية الموجودات المحررة بالدينار الأردني، والحفاظ على الاستقرار النقدي والمصرفي.
هذا التقرير ضمن مشروع "انسان"