لماذا أبدى أردنيون تعاطفهم مع منفذي عمليات سطو؟

لماذا أبدى أردنيون تعاطفهم مع منفذي عمليات سطو؟
الرابط المختصر

دفع تعاطف أردنيين مع منفذي حادثتي سطو على بنكين في العاصمة عمان، الأسبوع الماضي، مديرية الأمن العام لإصدار تحذير شديد اللهجة للمتعاطفين مع الحادثة.

ولوح الناطق الرسمي باسم مديرية الأمن العام، المقدم عامر السرطاوي، قائلا إن "بعض الأشخاص يقومون بنشر رسائل تحريضية لارتكاب الجريمة، حيث إن مثل تلك المنشورات يحاسب عليها القانون، ولا بد من اتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها".

تعاطف يرى فيه خبراء في علم الاجتماع والاقتصاد ظاهرة تحمل أبعادا سياسية واجتماعية أبعد من كونها منشورات عابرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويأتي هذا التعاطف مع انتشار للجريمة الاقتصادية، وتوسع ظاهرة الأتاوات التي بدأت تظهر في العاصمة وبعض محافظات المملكة، بالتزامن من إجراءات حكومية اقتصادية قاسية خلال السنتين الماضيتين، رفعت فيها الحكومة الأردنية أسعار مادة الخبز، إلى جانب فرض ضريبة على أغلب المواد الأساسية.

ويشير أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، حسين الخزاعي، إلى أن 64% من الجرائم في المملكة اقتصادية‎، معللا ذلك، بأن هذه الحوادث تأتي كردات فعل فردية على الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها المجتمع.

وتوقع الخزاعي أن ترتفع هذه النسبة إلى 75%؛ بسبب الإجراءات الاقتصادية الحكومية، التي ستهيئ الأجواء لظهور ظواهر سلبية في المجتمع؛ بسبب الضائقة المالية والحاجة إلى المال، ومن هذه الظواهر العنف الأسري، والتسرب من المدارس، وعمالة الأطفال، والتسول، وانتشار السرقة، والعزوف عن الزواج، والاعتداء على أموال الدولة.

وحذر الخزاعي من "حدوث كساد اقتصادي في الأردن؛ بسبب ثبات المداخيل مقابل رفع الأسعار وضعف القدرة الشرائية للمواطن الأردني، التي وصلت إلى 49%؛ بسبب رفع أسعار 164 سلعة أساسية، ما سيتسبب بظهور شيء اسمه مجرمو الصدفة، وهم أشخاص لم يكن لهم سوابق دفعتهم الحاجة إلى السرقة".

ومع ارتفاع نسب الجريمة المنفذة على الأموال، أعلنت مديرية الأمن العام، الخميس الماضي، القبض على 68 شخصا من فارضي الأتاوات في عمان وإربد والمفرق، جميعهم من أصحاب الأسبقيات الجرمية.

 

الخبير الاقتصاد السياسي، فهمي الكتوت، يفسر بدوره تعاطف عدد كبير من الأردنيين مع منفذي حوادث السطو على البنوك بـ"ضعف ثقة المواطنين بالإجراءات الحكومية، وتخلق هذه الفجوة بين المواطن والحكومة موجة ردود فعل غير راضية عن الإجراءات الاقتصادية، وحالة تعاطف مع أي حالة تحقق قدرا من الأموال، سواء بطريقة مشروعة أو غير مشروعة".

يقول الكتوت " إن "أسباب هذا التعاطف تعود للوضع المعيشي البائس للمواطن الأردني، واستمرار هذه الإجراءات الضريبية التي تفوق مقدرة الناس، الذين وصلوا إلى درجة مسحوقة، ما دفعهم للتفكير بهذا الشكل، وهنا يتوجب على الحكومة معالجة هذا التعاطف، ليس بالإجراءات الأمنية وتوعد المتعاطفين مع الجرائم الاقتصادية، بل عليها أن تنظر لها كقضية اجتماعية".

ويعيش الأردنيون في حالة اقتصادية سيئة، بعد أن طبقت الحكومة الأردنية موجة جديدة من اشتراطات صندوق النقد الدولي، من خلال فرض المزيد من الضرائب، في وقت لم تطرأ أي زيادة على المداخيل، فقد حددت الحكومة الحد الأدنى للأجور بالمملكة في شباط/ فبراير الماضي بـ220 دينارا بدلا من 190 دينارا، بينما يقدر خبراء الاقتصاد أن الحد الأدنى يجب أن يكون بحدود 500 دينار؛ لمواكبة ارتفاع الأسعار.

بدوره، يقول مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض، إن "سلسلة الإجراءات الاقتصادية التي قامت الحكومة بتطبيقها، خصوصا في العامين الماضيين، أثرت سلبا على الأوضاع المعيشية وتمتعهم بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، كما قللت تلك الإجراءات من قدراتهم الشرائية، خصوصا أن سياسة الأجور في القطاعين العام والخاص لا تتحسس ارتفاعات الأسعار".

وحذر عوض من أن السياسات الاقتصادية الحكومية ستؤدي إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي، وظهور بعض المنحرفين واللصوص؛ بسبب الظروف الاقتصادية، "في وقت يعيش فيه المسؤولون حالة عزلة عن الوضع الذي يعيشه المواطن"، على حد قوله.

 

العزلة التي يعيشها المسؤول الأردني، الذي يتمتع برواتب مرتفعة وسيارات فارهة على حساب المال العام، تكشفها تصريحات لمسؤولين ، يوعدون المواطن تارة بأنهم سيرون النور قريبا ويخرجون من النفق المظلم، رغم تردي الأوضاع المعيشية، وتارة أخرى ينكرون -والسيجار الكوبي في أفواههم- وجود فقراء او "مسخمين" في الأردن، بينما ذهب مسؤولون لوصف علاقة الأردنيين بنظام الحكم كـ"الراعي الذي يطعم أغنامه" رغم وجود دستور يوضح طبيعة العلاقة بين الشعب والنظام. عربي21