قراءة في "الورقة النقاشية"
أعادت الورقة النقاشية السادسة التي نشرها الملك عبد الله الثاني، الباب واسعا لمناقشة العديد من المفاهيم وعلى رأسها مفهوم الدولة المدنية، وطرح ما أنتجته المرحلة الماضية من قضايا كسيادة القانون.
الكاتب ماهر أبو طير، يرى أن الورقة حملت نقدا مباشرا لممارسات نعيشها يوميا، وهو ما يفتح باب التساؤلات، عن الكيفية الواجب على الحكومات والمؤسسات والمجتمع، اتباعها، لتجاوز هذه السلبيات، التي باتت ذهنية سائدة.
ويضيف أبو طير، بأن أغلبيتنا تريد سيادة القانون والعدالة والمساواة، لكنها تتصرف بشكل معاكس عند مصالحها، والشعور بكون هذا الفرد أو ذاك الطرف أو تلك العائلة أو ذلك المسؤول ومن معه، بمثابة استثناء، في البلد، يحصل على كل شيء، ويوقف تطبيق القانون.
فـ"إعادة الناس الى مربع العدالة والخضوع للقانون والتخلص من عقدة الفرادة، أو الشعور بالاستثناء، يوجب بصراحة إعادة النظر بكل المؤسسات الرقابية التي ترصد وتراقب الخروقات في هذا الصدد، وتقويتها، مع اللجوء الى آليات لكشف هذه الخروقات".
وحول التساؤل عن سبب عدم ترجمة أفكار الملك في الأوراق النقاشية المختلفة، يقول الكاتب فهد الخيطان:إذا لم تتعامل سلطات الدولة مع هذا السؤال بجدية بالغة، فإن المتصيدين سيعمدون إلى توظيفه للطعن بمصداقية الطروحات ذاتها، والتقليل من شأنها.
ويضيف الخيطان "إن جوهر العملية الديمقراطية، كما قال الملك، هو التطبيق الدقيق للقانون، من دون انتقائية أو تحريف، وعلى الجميع من دون استثناء، وفي جميع الأوقات.. وهذا ما لا يحدث حاليا؛ فكثيرا ما يخضع الأمر لاعتبارات سياسية أو جهوية وشخصية".
"ولا يمكن الفصل بين سيادة القانون، ونزاهة وكفاءة المؤتمنين على تطبيقه، وفي هذا الباب ثمة إشكاليات ظاهرة، ولا بد من معالجتها بطريقة حاسمة، لنضمن عدم توظيف القائمين على سلطة القانون نفوذهم لمصالح شخصية".
فيما يلفت الكاتب جميل النمري، إلى أن الوقة النقاشية تأتي في أجواء الجدل حول موضوع "الدولة المدنية"، الذي اكتسب أهمية ملحة مع جريمة اغتيال الكاتب الصحفي والأديب والمثقف السياسي الكبير ناهض حتر.
"وتركز الورقة الملكية على هذه الفكرة الرئيسة، وهي سيادة القانون بوصفها الأساس لوجود وديمومة مجتمع متحضر يتعايش فيه الناس سلميا، ويقبلون ببعضهم على تنوع أفكارهم ومصالحهم وانتماءاتهم، يقول النمري.
ويذهب الكاتب باسم الطويسي، إلى أن مبدأ سيادة القانون، الذي ركزت عليه الورقة النقاشية، يتجاوز في أهميته المبادئ كافة الناظمة لبناء الدول وتشكل المجتمعات؛ فهو يعني إدامة مرفق العدالة، والمصدر الحقيقي للأمن والاستقرار وبالتالي البناء.
ويشير الطويسي إلى الحاجة الحقيقية لمحاكاة نموذج الإصلاح القانوني، وتحديدا إزاء التحديات التي تواجهها الحياة العامة، "وعلينا أن نقرأ الأحداث والتحولات اليومية لدينا ولدى الجيران، وجميعها تذهب نحو حقيقية أن أمن الدولة في أمن المجتمع.
ويؤكد الكاتب مهند مبيضين، على أن كلام الملك حول مفهوم الدولة المدنية، على أنها لا تعارض الدين، ليس انتصاراً لطرف من أطراف الجدال حول هذا المفهوم، بل هو بمثابة مشاركة في إغناء النقاش وإنقاذ المكفرين للناس من ظلال التكفير والاتهام.
ويضيف مبيضين بأن ورقة الملك، مسّت المجتمع من الداخل، نقدية مباشرة لوضعنا الذي تدافعت فيه الحوادث وخروقات القانون والردة التي تعود بنا لزمن ما قبل الدولة، وهو وإن أتى بأمثلة من الواقع، إلا أنه لم ينس أن يذكر بان لدينا مجتمع واعٍ وشعب يفاخر به لتحمله وقدرته على مواجهة التحديات.
أما الكاتب رجا طالب، فيرى أن الملك حسم في ورقته النقاشية الجدل المثار منذ أشهر حول "هوية الدولة الأردنية"، باتجاه أنها دولة مدنية أساسها سيادة القانون وتطبيقه على الجميع.
ويستدرك طالب بالقول إن الملك لم يحسم هوية الدولة فحسب بل حدد البرنامج والأجندة من اجل تعزيز هذه الدولة وحمايتها عبر تطبيق القانون على الجميع ومحاربة الفساد والمحسوبية والنهوض بالجهاز القضائي.